الجزائر
أخر الأخبار

كيف تتكيف تربية المائيات بيئيا لاستدامتها اقتصاديا؟

صدر دليل للممارسات البيئية الجيدة من أجل تربية مستدامة للمائيات البحرية، يتضمن توصيات عملية مكيفة لتقليل تأثير أنشطة تربية المائيات على البيئة، وبني محتوى هذا الدليل الذي يتناول مسألة حماية البيئة، جودة المنتجات، معايير العمل، حماية المستهلكين وراحة الحيوانات، بالاعتماد على المعارف التقنية والعلمية الحالية، قصد تحقيق تسيير مستدام لتربية الأنواع السمكية المستزرعة.

توفيق أقنيني

وتم إعداد هذا الدليل في إطار أنشطة مشروع حماية البيئة والتنوع البيولوجي للساحل الجزائري “بيبلا”، من طرف وزارة الصيد البحري والمنتجات الصيدية ووزارة البيئة والطاقات المتجددة، بالتعاون مع المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي (giz).

إصدار قوانين منظمة، إجراء البحوث وتكوين المسيّرين

وأفاد الخبير الاقتصادي نبيل جمعة بأن: “دليل الممارسات البيئية الجيدة من أجل تربية مستدامة للمائيات البحرية، يتناول على حد سواء التربية الجيدّة للمائيات في المزارع البحرية وفي الأحواض الفلاحية، حيث أن هذه الشعبة تؤثر على البيئة من خلال تلوث المياه عبر إنتاج نفايات عضوية وبيئية كالفضلات السمكية والغذائية والأدوية والأسمدة، والتي يمكن أن تؤدي إلى تلوث المياه والإضرار بالبيئة البحرية والتغيرات في النظام البيئي”. 

وأضاف في تصريح لجريدة “المصدر” بأن: “تغيير تربية المائيات لنظام البيئة البحرية فيما يخص المزارع البحرية، يتمثل في تدمير الموائل الطبيعية وتغيير التركيبة السكانية للأنواع البحرية، إضافة إلى زيادة انتشار الأمراض التأثيرية على التنوع البيولوجي، والذي يتأثر أيضا بتهديد الأنواع البحرية المحلية وزيادة انتشار الأنواع الغازية”.  

وتابع محدثنا: “أما بخصوص تربية المائيات في الأحواض الفلاحية، فإنها تؤثر على البيئة من خلال استخدام المياه، فهذا النشاط يستخدم كميات كبيرة من المياه ما سيؤدي إلى نقص المياه في منطقة ما، وكذلك تؤثر عبر زيادة تلوث المياه الجوفية لاستخدام هاته الأحواض الفلاحية للأدوية والأسمدة بكميات كبيرة، كما أن هذا النشاط يخلّف نفايات عضوية تسبب أضرار بيئية”.

وأشار جمعة إلى أن: “تأثير أنشطة تربية المائيات على البيئة سلبيا، له علاقة مباشرة بصحة المستهلك واستدامة هاته الشعبة الاقتصادية، فالأنشطة التي لا تراعي الممارسات البيئية الجيّدة يمكن أن تؤدي إلى تلوث المياه وزيادة انتشار الأمراض وتهديد التنوع البيولوجي، مما يشكل خطرا على المستهلك والشعبة الاقتصادية”.

وأردف يقول بأن: “ضمان صحة المستهلك واستدامة شعبة تربية المائيات بشكل عام، يتطلب استخدام تقنيات حديثة تقلل من التلوث على غرار أنظمة إعادة تدوير المياه واستعمال الأدوية والمضادات الحيوية بشكل مسؤول، إضافة إلى اختيار الأنواع السمكية المناسبة، مع مراعاة العوامل البيئية مثل درجة الحرارة ودرجة الملوحة والظروف المناخية، وإدارة المزارع السمكية بشكل سليم من خلال مراقبة كثافة الأسماك وتوفير الغذاء المناسب ومكافحة الأمراض”.

واعتبر الخبير الاقتصادي نفسه بأن: “الجزائر تتوفر على إمكانيات كبيرة لتحقيق تسيير مستدام لتربية الأنواع السمكية المستزرعة، حيث تتمتع بساحل طويل ومياه بحرية نقية وظروف مناخية ملائمة لتربية المائيات، كما تتوفر لديها الموارد البشرية المؤهلة المتخرجة من عدة معاهد والمؤسسات التعليمية المتخصصة في التربية المائية، إضافة إلى دعم حكومي واضح للإنتاج السمكي بالبلاد بما فيه تربية المائيات”. 

ودعا المتحدث ذاته إلى “وضع تشريعات وقوانين تنظم تربية المائيات من أجل حماية البيئة وضمان صحة المستهلك واستدامة هاته الشعبة الاقتصادية، إضافة إلى توفير الدعم الفني والتدريب للمزارعين المائيين بهدف مساعدتهم على تطبيق ممارسات البيئة الجيّدة، وكذا إجراء بحوث علمية في مجال تربية المائيات من أجل استحداث وتطوير تقنيات جديدة تساهم في تسيير مستدام لهذا النشاط الاقتصادي”.

واستطرد يقول بأن: “إصدار دليل للممارسات البيئية الجيدة من أجل تربية مستدامة للمائيات البحرية في الجزائر، هو خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، لما يحمله هذا الدليل من توجهات وتوصيات عملية يمكن للمزارعين المائيين اتباعها لتحقيق تسيير مستدام وأرباح كبيرة، إضافة إلى أمن غذائي بأنواع متعددة من الأسماك المفيدة لتغذيته وصحته، وكذلك إنشاء مؤسسات داعمة للدورة الاقتصادية”.  

أهداف 2024 و2025

هذا وكشف وزير الصيد البحري والمنتجات الصيدية، أحمد بداني، بداية شهر ديسبمر المنقضي، عن أن قطاعه يسعى لرفع حجم انتاج شعبة تربية المائيات في المياه العذبة إلى 3000 طن في 2024، وإلى 15 ألف طن سنة 2025.

وأضاف بداني في تصريح صحفي له خلال اشرافه على أشغال يوم دراسي، بأن: “تحقيق هذا الهدف سيتم بفضل التحفيزات والتدابير المالية والجبائية التي يتضمنها مشروع قانون المالية 2024 لفائدة هذه الشعبة”.

وتابع المسؤول نفسه بأن: “هذه التدابير تتمثل في استحداث علاوة تحفيزية تقدر بـ50دج لكل كيلوغرام واحد من سمك البلطي المنتج، مع إعفاء عمليات بيعه من طرف المنتجين من الرسم على القيمة المضافة، بالإضافة إلى تخفيضها بالنسبة لنشاط التحويل، وفضلا عن هذه العلاوات سيستفيد المستثمرون من مرافقة مصالح الوزارة في مختلف المراحل بما في ذلك التسويق”.

وأشار المصدر نفسه في حديثه عن تربية المائيات المدمجة مع الفلاحة إلى “إحصاء نشاط 22 ألف فلاح في هذا المجال، من خلال استزراع أكثر من 100 ألف حوض سقي فلاحي، وتكوين 3210 فلاح خلال السنة البيداغوجية 2022-2023 ضمن اتفاقيات تعاون بين غرف الصيد البحري والغرف الفلاحية”.

وأردف يقول: “هناك اهتمام بالغ يوليه المستثمرون في تربية المائيات المدمجة مع النشاطات الفلاحية، وتبرز أهميته في زيادة المردود الفلاحي والتقليل من التكاليف الناجمة عن استخدام الأسمدة الكيميائية، باعتبار المياه المستزرعة بالأسماك غنية بالأسمدة الطبيعية التي تساهم في التخصيب العضوي للأراضي الفلاحية”.

وأبرز ممثل الحكومة بأنه: “يتم حاليا التحضير لاتفاقية اطار مع وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، والتي ستسمح بالعمل المشترك من خلال مصالحها، لاسيما الغرفة الوطنية للفلاحة باستغلال أكبر عدد من أحواض السقي الفلاحي لاستزراعها بالأسماك”.

وذكّر بالمناسبة بالنتائج المحققة من طرف مؤسسة كوسيدار فرع  “AGRICO” من خلال استثمار فلاحي بولاية خنشلة والمتمثل في إنتاج القمح والذرة على مساحة إجمالية تقدر بـ 17 ألف هكتار، باستغلال حوضين للسقي بسعة 40 ألف متر مكعب من أصل عشرة أحواض خاصة بمستثمرة مخصصة لإنتاج سمك البلطي الأحمر.

وسمح هذا الاستثمار المدمج في الرفع من مردودية انتاج القمح من 32 الى 40 قنطار في الهكتار بنسبة 25 بالمائة وإنتاج الذرة من 35 الى 45 قنطار في الهكتار بنسبة 29 بالمائة، حسب الوزير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى