
تواصل الجزائر مسعاها لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية ضمن الإستراتيجية التي وضعتها مؤخرا، بهدف تطوير الاقتصاد وتنويعه وهو المسعى الذي تعمل السلطات العليا على تنفيذه من خلال عديد الإجراءات التي اتخذتها و في مقدمتها قانون الاستثمار الجديد الذي دخل حيز التطبيق بعد صدوره في الجريدة الرسمية، و الذي يمنح العديد من التحفيزات والامتيازات و يوفر مناخ استثمار أمن ومحفز للشركات الأجنبية.
فبالإضافة إلى الاتفاقيات التي وقّعتها الجزائر مؤخرا مع العديد من الدول وعلى رأسها ايطاليا، تركيا، قطر و الكويت، إضافة إلى الصين، و التي ستفضي إلى استثمارات ضخمة منتظرة في العديد من القطاعات، وعلى رأسها قطاع الطاقة، و كذا الصناعات الميكانيكية، و النسيج، و السياحة و الصناعات التحويلية و المؤسسات الناشئة، تعتبر الجزائر قادرة على جلب المزيد من الاستثمارات باعتبارها دولة “موثوق بها”، و بالنظر للعلاقات الجيدة التي تربطها بمختلف دول العالم.
وفي هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي فريد بن يحيى في تصريح لـ”المصدر” إن عدة مجالات في الجزائر ستستقطب الاستثمار الأجنبي ، رجّح على رأسها قطاع الطاقة “البترول والغاز” وذلك بعد اكتشاف مناطق جديدة للغاز في كل من الناحية الشرقية لتندوف وكذا الهضاب العليا والحدود الشرقية والتي ستتطلب شراكة مع شركات أجنبية.
وأضاف بن يحيى أن “القطاع الثاني الذي سيستقطب الاستثمارات الاجنبية هو التكنولوجيات المستعملة في القطاع الفلاحي في ميدان ما يسمى بمشتقات البترول والغاز”.
الى ذلك لفت ذات الخبير الاقتصادي إلى الشراكة الجزائرية النيجيرية للأنبوب الخاص بالغاز والتي قال أنها ستعرف إنشاء مناطق لتحويل الغاز وصناعات تدخل في هذا الإطار .
كما تحدث عن الاستثمار في مجال الحديد و الصلب ، حيث قال أن “الجزائر ستنشئ أقطاب في الجنوب الكبير وقطب في الهضاب العليا وقطب أو اثنين في الشمال لاستخراج المواد الأولية “، بالإضافة إلى “الاستثمار في مجال صناعات السفن والصناعات الميكانيكية مع ايطاليا وربما مع شريك ياباني أو ألماني “، -يقول المتحدث-.
واضاف بن يحيى ان قطاعات اخرى ستفتح المجال للاستثمار فيها ، ذكر منها “شراكات أخرى مع ايطاليا في النسيج والصناعات الجلدية والآلات الصناعية وغيرها وربما التعاون في الميدان الفلاحي و الصناعات الالكترونية والصناعات العسكرية” .
وفيما يتعلق بالدول التي ستكون السباقة في خوض قطاع الاستثمار في الجزائر، تحدث بن يحيى عن “الصين وروسيا في المرتبة الاولى كشريك رئيسي ، ثم في المركز الثاني الدول الأوروبية وتركيا ودول الخليج “.
الى ذلك شدد الخبير الاقتصادي على ضرورة وضع إستراتيجية صناعية واضحة المعالم ، قائلا انه “ربما آن الأوان لتعيين وزير منتدب مكلف بالاستثمارات يكون من جهة مفاوض ومن جهة تكون لديه إستراتيجية مع مختلف القطاعات الصناعة الفلاحة الخدمات ، اومستشار في الرئاسة مكلف بهذا الأمر ينسق بين الوزارات والقطاعات الحكومية”.
واضاف ان “ورشات كبيرة تنتظر الجزائر، لابد أن نرى أن أولوية الأولويات هي أن تعمل الجزائر على تطوير الكثير من الميادين كصناعة السيارات ، بناء السفن، الحديد والصلب الصناعات الالكترونية الصناعات الصيدلانية الصناعات التحويلية الغذائية مشتقات البترول والغاز”، مشيراا الى ان الجزائر إذا أرادت أن تلعب الدور المحوري الخاص بها على المستوى العربي والإقليمي لابد أن تكون قوية اقتصاديا.
يذكر ان الرئيس تبون قد تحدث في لقائه الدوري مع الصحافة الوطنية, أن الجزائر تسعى إلى جذب الاستثمارات من الدول الشقيقة و الصديقة كقطر وتركيا والمملكة العربية السعودية و تلك التي تعد حليفا استراتيجيا كإيطاليا وغيرها.
للإشارة، صدر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية (رقم 50) القانون المتعلق بالاستثمار، المصادق عليه في 27 جوان الفارط من طرف المجلس الشعبي الوطني وفي 13 جويلية من طرف مجلس الأمة.
ويتعلق الامر بالقانون 22-18، المتعلق بالاستثمار، الممضى في 24 جويلية الفارط، من طرف رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون.
ويهدف هذا القانون الى “تحديد القواعد التي تنظم الاستثمار وحقوق المستثمرين والتزاماتهم والانظمة التحفيزية المطبقة على الاستثمارات في الانشطة الاقتصادية لإنتاج السلع والخدمات المنجزة من طرف الاشخاص الطبيعيين أو المعنويين، الوطنيين أو الأجانب، مقيمين كانوا أو غير مقيمين”، حسب النص.
وترمي أحكام هذا القانون إلى “تشجيع الاستثمار، بهدف تطوير قطاعات النشاطات ذات الأولوية وذات قيمة مضافة عالية و ضمان تنمية إقليمية مستدامة ومتوازنة وكذا تثمين الموارد الطبيعية والمواد الأولية المحلية و إعطاء الأفضلية للتحويل التكنولوجي وتطوير الابتكار و اقتصاد المعرفة”، يضيف نفس المصدر.
هذا الى جانب “تعميم استعمال التكنولوجيات الحديثة و تفعيل استحداث مناصب الشغل الدائمة وترقية كفاءات الموارد البشرية و تدعيم وتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني وقدرته على التصدير”.
ويرسخ هذا القانون “حرية الاستثمار”، وكذا “الشفافية والمساواة في التعامل مع الاستثمارات”.
وعليه، يتضمن إنشاء لجنة وطنية عليا للطعون المتصلة بالاستثمار، لدى رئاسة الجمهورية، تكلف بالفصل في الطعون التي يقدمها المستثمرون.
كما يتضمن كذلك مراجعة دور المجلس الوطني للاستثمار و منحه مهمة وحيدة تتمثل في اقتراح استراتيجية الدولة في مجال الاستثمار والسهر على تناسقه التام وتقييم تنفيذه، بالإضافة الى إعادة تشكيل الوكالة الوطنية للاستثمار وتغيير تسميتها الى “الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار” مع منحها دور المروج الحقيقي والمرافق للاستثمارات داخل الوطن و خارجه.
هذا الى جانب إنشاء شباك وحيد ذي اختصاص وطني بصفته منسقا وحيدا للمشاريع الكبرى والاستثمارات الأجنبية، بما يسمح بالتكفل الأمثل بهذه المشاريع الاستثمارية.
جدير بالذكر أن الحكومة درست في اجتماعاتها الاسبوعية مؤخرا عدة مشاريع نصوص تطبيقية لهذا القانون.