الجزائر

عمادة البياطرة… تطهير المهنة من المتلاعبين بالصحة العمومية

بعد طول انتظار، أفرجت الحكومة عن مشروع مرسوم تنفيذي يحدد مهام وتشكيلة وسير هيئات العمادة الوطنية للبياطرة، من خلال إنشاء مجلس أخلاقيات المهنة الذي من شأنه ضبط سلوكيات وممارسات الطبيب البيطري في الجزائر، في الوقت الذي يشهد فيه هذا النشاط فوضى بحسب –مراقبين- على خلفية التجاوزات والأخطاء التي سجلتها لجان التحقيق المكلفة بمتابعة منح رخص الإستيراد وشهادات التلقيح، التي بينت حجم التلاعب بالصحة العمومية !

تجاوزات وأخطاء …

وتكشف مصادر موثوقة لـ”المصدر” أن المصالح البيطرية التابعة لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية، كشفت عن جملة من التجاوزات بعد تحقيق أنجزته اللجنة المكلفة خلال الفترة الماضية، والمتعلقة بتورط بياطرة تحفظنا عن -ذكر أسمائهم- في عملية تزوير التعريف الصحي، بعد منحهم لهذه الشهادة لأشباه مربيين لا يملكون رؤوس الأبقار والأغنام، بهدف الاستفادة من منحة الدعم، لقاء حصول البياطرة المتورطين على مبالغ مالية عن كل تعريف صحي.

وتؤكد ذات المصادر أن المتهمين أقدموا على تضخيم عدد المواشي من أجل استفادة أصحابها من حصة إضافية من الدعم التي تقدمها الغرفة الفلاحية للمواليين المنخرطين بها.

ويبدو أن تكليف البيطري بمهمة إحصاء المواشي والتي على أساسها يتم منح الإعتماد الصحي، ساهم بشكل كبير في فتح المجال للتلاعب والتحايل بأموال الدعم، وهو ما يُلزم الجهات المسؤولة إيجاد طرق أخرى بديلة لمعرفة العدد الحقيقي للمواشي، وإخراج البيطري من المهمة الإدارية المتعلقة الإحصاء وحصره في عملية منح الاعتماد الصحي بناء على نتائج التحاليل.

والظاهر أن عدم وجود هيئة مستقلة تفرض النظام على القطاع الخاص شجع ممارسيه على ممارسة التحايل والغش.

ومن أجل ذلك، يدعو الفضاء البيطري الجزائري الذي يترأسه الدكتور سعادة بن دنيا إلى الإسراع في إنشاء عمادة للأطباء البياطرة من أجل إعادة تنظيم مهنة البيطري وتأطيره وترقيته بما يتماشى مع بنود المنظمة العالمية للصحة الحيوانية، إلى جانب ضبط سلوكيات وممارسات الطبيب البيطري في الجزائر وقطع الطريق على المتلاعبين بالصحة العمومية.

إلى ذلك، يرى مراقبون أن إنشاء مجلس أخلاقيات المهنة المتمثل في عمادة البياطرة ستُشكل تهديدا لبعض الأطراف التي ترى في مصالحها أولى من الصحة العمومية والحيوانية، بعد ممارستها لـ”السمسرة” برخص الإستيراد وشهادات التلقيح.

نية حسنة …

والظاهر أن وزارة الفلاحة والتنمية الريفية لها نية حسنة في إعادة تطهير النشاط  من خلال إنشاء مشروع مرسوم تنفيذي الذي سيحدد مهام وتشكيلة وسير هيئات العمادة الوطنية للبياطرة مستقبلا، خصوصا وأن الجزائر تحصي  حاليا أزيد من 20  ألف بيطري يمارس نشاطه في مختلف القطاعات، وهو ما يلزم إنشاء مجلس لأخلاقيات المهنة، خاصة وأن الجزائر البلد الوحيد إفريقيا الذي لا يملك عمادة.

وتتمثل مهمة العمادة الوطنية للبياطرة، حسبما أكدته وزارة الفلاحة السهر على تنظيم المهنة وحسن سيرها وكذا احترام التشريع والتنظيم المعمول بهما اللذين يسيران ممارسة الطب البيطري وقواعده وأخلاقيات وأدبيات مهنة البيطرة من خلال الهيئات الوطنية والجهوية والولائية، أضف إلى ذلك التزام الجزائر اتجاه المنظمة العالمية للصحة الحيوانية من شأنه أن يساهم في تعزيز أكبر للمبادلات الدولية المرتبطة بالصحة.

غير أن إعتماد المشروع على مرسوم تنفيذي أثار حفيظة أغلب البياطرة كون هذه قوانين لم تحين منذ سنوات الثمانينات، وبالتالي لم تتماشى مع التشريع الدولي وقوانين منظومة الصحة العالمية، وهو ما وصفوه بالقوانين الميتة “إكلينكيا”، حيث دعوا إلى ضرورة إنشاء قانون خاص ينظم العمادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى