حوارات
أخر الأخبار

  الخبير الجبائي، محمد حيمران لـ”المصدر”: إلغاء الرسم على النشاط المهني يقمع السوق الموازية 

 أكد الخبير في الجباية، محمد حيمران أن قرار إلغاء الرسم على النشاط المهني الصادر في قانون المالية 2024، يقمع السوق الموازية و يشجع الممارسات المهنية الرسمية، داعيا إلى الإستثمار في إقتصاد المعرفة القائم على الرقمنة و إنتهاج إستراتيجية وطنية للشمول المالي لتعزيز وصول الخدمات المالية البنكية لجميع فئات المجتمع الجزائري  .

رشا دريدي

 أفاد الخبير في الجباية  في تصريح صحفي لـ”المصدر” أن ” بحلول سنة 2024 أكد الرئيس بأن السنة الجديدة ستشهد مواصلة تعزيز الإنتاج الوطني والاستثمار المحلي وجاء قانون المالية 2024 بهذا القرار بعد إلحاح كبير من المتعاملين الإقتصادين” موضحا أن ” الرسم على النشاط المهني هي ضريبة شهرية يدفعها المكلفون بالضريبة الذين ينتمون إلى النظام الحقيقي الى غاية نهاية سنة 2023، أي أولئك الذين يتجاوز رقم أعمالهم السنوي8000.000دج “.

 و أضاف حيمران أنه في السابق تم إعفاء المنتجين فقط من هذه الضريبة، لكن بعدما دخل  قانون المالية لسنة2024 حيز التنفيذ، ستعفى جميع النشاطات المهنية  من الخضوع الى هذه الضريبة.

 كما أشار نفس المتحدث أن معدل هذه الضريبة يقدر بـ1.5% لجميع الأنشطة باستثناء نشاط نقل المحروقات عبرالأنابيب، وجاءت المادة 14 من قانون المالية لسنة 2024 لإلغاء جميع الأحكام المنظمة للرسم على النشاط المهني، وهي المخصصة من المادة 217 إلى 231 من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة – حسبه-.

 كما أكد محمد حيمران، أنه بالفعل طالب المتعاملون الإقتصاديون مرارا، وخاصة المقاولون والمستثمرون بضرورة  إلغاء هذا الرسم، معتبرين انه غير عادل للاقتصاد ، و أضاف أنه قرار الإلغاء سيكون  نقلة نوعية في نظامنا الضريبي، لأن الرسم يمثل عبئا ضريبيا يثقل كاهل الأنشطة الاقتصادية ويزيد من الضغط الضريبي  كما أنه يؤثر على الأنشطة التي تحقق هوامش ربح ضعيفة.

 و تابع الخبير الجبائي  حديثه  أن تجنب الضرائب على المبيعات يعتبر التوجه الحديث، بينما  الضرائب الوحيدة المقبولة على رقم الاعمال من طرف الهيئات المالية الدولية هي الضرائب المحايدة مثل الضريبة على القيمة المضافة، بالمقابل أكد حيمران أن الضرائب والرسوم الأكثر عدالة تلك التي تعتمد على النتائج والأرباح المحققة، وليس على رقم الأعمال والمبيعات، وشدد نفس المتحدث أنه يضمن للمكلف والمستثمر عدالة ضريبية  فتصبح ضريبة سنوية تُقتَطَع من الأرباح النهائية للمؤسسة ولا تخضع هذه المؤسسات إلى الرسوم في حالة تحقيقها خسارة مالية.

 و قدم الخبير الجبائي مثالا على ذلك ” في سنة 2004  في فرنسا إعتبر تقرير لجنة الإصلاح الضريبي أن الضرائب التي تُفرض على رقم الأعمال تضر بالإقتصادات و تُحق  تباطئ  في الإستثمارات، ونتيجة لذلك تم إلغاء الرسم على النشاطات المهنية بموجب قانون المالية الفرنسي لسنة 2010″. 

وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن خبراء صندوق النقد الدولي أوصوا الجزائر بضرورة إلغاء هذه الضريبة -حسبه-.

 و أضاف حيمران في نفس السياق، أن إلغاء هذه الضريبة يعتبر جزء من إستراتيجية تخفيض الضغط الضريبي التدريجي ، وكان الإلغاء الأخير للرسم على النشاط المهني على النشاطات المنتجة وأصحاب المهن الحرة في سنة 2022، بغرض تخفيف العبء و الضغط الضريبي على دافعي الضرائب الخاضعين للنظام الحقيقي. 

وبالتالي  فإن الأنشطة الأكثر معاناة هي تلك التي يمثل هوامش ربح ضعيفة نوعا ما، مثل مبيعات الجملة- حسبه-.

و للتوضيح أكثر قال الخبير الجبائي أن ” تاجر الجملة الذي يحقق رقم مبيعات بقدر 10.000.000دج يحقق هامش ربح لا يتجاوز 10% في أحسن الأحوال، لكن مع تكاليف التشغيل الإضافية مثل الإيجارات ومصاريف العمال، يعتبر مبلغ الرسم الذي يقدر  بـ150.000 دج مبلغا مرتفعا”، مؤكدا أن ” هذه التكلفة الضريبية تجعل المكلفين يلجؤون إلى التخلي عن النظام الحقيقي والشروع في نشاطات غير رسمية والهروب من نظام الفواتير”. 

و أضاف محمد حيمران، بما أن المكلفين الذين لا يدفعون رسوما في الأسواق الموازية مقابل العمليات التجارية، سوف يجدون بيئة مناسبة للاحتيال في القطاع الغير رسمي والتهرب الضريبي  .

 وفي حالة  التحول إلى نظام آخر وهو نظام الضريبة الجزافية الوحيدة.

كما  تجدر الإشارة – حسب نفس المتحدث-  إلى أن دافعي الضرائب الذين يتبعون نظام الضريبة الجزافية الوحيدة، لا يلتزمون بنظام الفواتير، وهذا الأخير الحكومة تسعى لمحاربته لأنه يشجع السوق الموازية ، وبالتالي فإن إلغاء الرسم على النشاط المهني يحافظ على نظام الفواتير الضريبية الذي توصي بها الحكومة، ومن ناحية أخرى، تثبيط النظام غير الرسمي من خلال إدراج الضرائب.

و أكد محمد حيمران أن ” قرار الإلغاء سيعمل على تشجيع وتعزيز النشاط الإقتصادي، بعد تقليص حواجز الولوج إلى الأنشطة، وتشجيع ريادة الأعمال، وتوسيع النسيج الاقتصادي، مما سيساهم في ترقية مناخ الأعمال في الجزائر”،مضيفا أن ” الدولة  تهدف إلى تقليص القطاع غير الرسمي وتشجيع الإستثمارات المحلية والأجنبية من خلال إلغاء هذه الضريبة”.

فيما يخص خطوات المتعاملين الاقتصاديين مستقبلاً، دعى الخبير الجبائي إلى” الاستثمار في إقتصاد المعرفة القائم على الرقمنة وذلك بتطوير مستوى الإقتصاد الرقمي، والحلول المبتكرة في عالم المعلوماتية، لأنه يعتمد على الفكر وليس على التجهيزات، بالإضافة إلى الحلول الخوارزمية التي تحتاج إلى قدرات ذهنية عبقرية ، وليس إلى تجهيزات مادية ضخمة خاصة وأن مجمع الانترنت في الجزائر سيتجاوز 30 مليون نسمة ( خاصة بعد جيل الإنترنت) سنة 2030، مضيفا – نفس المتحدث- من خلال ضمان التكوين في المستوى العالي، من خلال مدارس عليا متخصصة (مثل المدرسة العليا للذكاء الصناعي والرياضيات) تكون تابعة لرئاسة الجمهورية أو على الأقل لرئاسة الحكومة في بادئ الأمر ولمدة لا تقل عن 10 سنوات، وذلك لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للدولة والاعتماد على الكفاءات الخبيرة (الكفاءة العلمية ذات التجربة العملية) لأن أصحاب الشهادات العليا الأكاديمين تنقصهم بدرجة أولى الخبرة والتجربة العملية المتخصصة في الميدان ، مما يجعل أراءهم في أغلب الأحيان محايدة للواقع، في حين أن أصحاب التجارب الوظيفية تنقصهم المعرفة العلمية الحكيمة، مما يجعل ممارساتهم معارضة للتوجهات الإستراتيجية للدولة.

 كما أكد الخبير الجبائي ضرورة وضع نظام للتحكم في البنوك الخاصة، من خلال مساهمة الدولة في رأسمال هذه البنوك، ولعل أحد أوجه رفض المجتمع الغربي للبنوك الخاصة، إقباله على النقود الإلكترونية الافتراضية مثل البتكوين بعد 2009،  كما  دعى حيمران إلى ”  إنتهاج إستراتيجية وطنية للشمول المالي، لتعزيز الوصول واستخدام الخدمات المالية البنكية لجميع فئات المجتمع لتحسين ظروفهم الإجتماعية والاقتصادية وتحقيق الاستقرار المالي، فهناك توجه إلى الشمول المالي من خلال رقمنة الدينار الجزائري وإدخال المنتوجات الرقمية الجديدة، وإستقطاب الأموال في السوق غير رسمية وإدخال الصيرفة الإسلامية، وتشير الاحصاءات أن هناك حوالي 3700 وكالة بنكية في الجزائر، وفي حين أن المعايير الدولية تفرض أن يكون لكل 7 ألاف مواطن شباك بنكي، بينما الجزائر تملك شباك بنكي لكل 28 ألف نسمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى