الجزائرالطاقة
أخر الأخبار

متى يأخذ المستثمرون الخواص مكانهم في النشاط المنجمي؟

تبحث الحكومة سبل تعزيز التعاون مع القطاع الخاص، لبعث وتطوير النشاط المنجمي في الجزائر، في إطار استراتيجية وخطط لتحفيز الاستثمار بالقطاع المنجمي، لاسيما فيما يخص الدراسات الجيولوجية، البحث والاستكشاف والاستغلال المنجمي، وكذا الصناعة التحويلية المنجمية.

توفيق أقنيني

ويبرز مختصون أهمية استغلال الموارد المنجمية للجزائر بأكثر نجاعة من الوضع السابق، بما في ذلك الاستثمارات الكلية في تكريرها وتصنيعها وما ينجر عن ذلك من مكاسب اقتصادية للبلاد، مشددين على ضرورة أن يفتح مشروع القانون الجديد للنشاطات المنجمية، مجال الاستثمار للقطاع الوطني والأجنبي، ويوفّر الضمانات والامتيازات التي تجلب المتعاملين الاقتصاديين، إضافة إلى تكرير الشفافية في منح التراخيص المختلفة الضرورية لممارسة الأنشطة المنجمية بيسر.

ومن شأن الاستثمارات الأجنبية واستثمارات الخواص الجزائريين في النشاط المنجمي، أن تؤدي إلى تناقل الخبرات وتطوير التكنولوجيات بالوطن في هذا القطاع، ومن ثمة تحويل منتجات المناجم إلى صناعات منجمية متكاملة تسوّق وطنيا وقد تذهب حتى إلى التصدير، إضافة إلى توفير مناصب للشغل على امتداد الرقعة الجغرافية للجزائر.

حصة مميزة للخواص في المناولة 

وأفاد الخبير الطاقوي أحمد طرطار بأن: “الدولة أعطت الاهتمام الكافي لقطاع المناجم، ما يجعل مجالات النشاط فيه متعددة، حيث عرف تحفيزا كبيرا ومهما منذ سنة 2022، على غرار مشروع تعديل قانون المناجم بما يحمله من تسهيلات، وكذا قانون الاستثمار الجديد الذي منح للمستثمرين الخواص القدرات والإمكانيات والتشجيعات اللازمة لولوج كل الأنشطة الاقتصادية التي تخطر على بالهم، والتي يمكن أن تحقق استهدافاتهم، إضافة إلى مجموعة إمكانيات قدمتها الدولة للخواص، وهو ما شكل محور المحادثات بين وزير الطاقة والمناجم، ورئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري”.  

أحمد طرطار

وأضاف في تصريح لجريدة “المصدر” بأن: “الحكومة بعثت ثلاث أقطاب كبيرة في قطاع المناجم، ويتعلق الأمر بقطب الرصاص والزنك في ولاية بجاية، وقطب الفوسفات في ولاية تبسة، وقطب الحديد والصلب في ولاية تندوف، إضافة إلى فتحها إمكانيات أخرى تتعلق باستخراج السيريلوز والرخام في منطقة جانت، وكذا جمع واستغلال الذهب في مواقع بولاية تمنراست”.

وتابع محدثنا بأن: “في هذه الأقطاب الكبرى الثلاثة قامت الجزائر بمجموعة من الشراكات مع دول لها باع بقطاع المناجم، على غرار أستراليا في بجاية، والصين في ولايتي تندوف وتبسة.. كل هذا سيمكن من تحريك عجلة استغلال المناجم للحصول على منتجات منها، ثم تمكين المصنّعين في الجزائر من إعادة تصنيع هاته المنتجات المنجمية، مثل المستثمر القطري في مصنع الحديد والصلب بولاية جيجل والمستثمر التركي في ولاية وهران، كما أعطى ذلك بارقة أمل للمستثمرين الخواص المحليين من أجل ترجمة أفكارهم واقعيا في القطاع المنجمي من خلال شركات مناولة، لا سيما مع فرض القانون لنسبة إدماج وطني بين 30 و50 بالمائة بالنسبة لعدد من الشركات الأجنبية، وكذلك مع الزخم المتصاعد للمؤسسات الناشئة والمتوسطة بالجزائر”.

وأشار طرطار إلى أن: “جميع النشاطات المنجمية يُمكِن للقطاع الخاص أن يستثمر فيها ويشكل أعمال إضافية أو مكملة للعمل الرئيسي للمصنع، وهو متاح في جميع الأقطاب المنجمية للاستخراج وكذا الاستثمارات الأجنبية والعمومية للتصنيع، كما أن نفس الامتيازات التي يحوزها الطرف الأجنبي يحوزوها الطرف الوطني الخاص، في سياق تفعيل قوانين المناجم والاستثمار وحتى قانون المقاول الصغير وسياق الشركات الناشئة والمتوسطة”.

وأردف يقول بأن: “الحديث عن توقيت إقامة أولى الاستثمارات الخاصة في القطاع المنجمي الجزائري، يرتبط بتقرب الراغبين في الاستثمار من الجهات المختلفة الوصية، وهي التي ستحدد الأنشطة الأكثر ولوجا من طرف الخواص الجزائريين، حيث أنهم يطلعون بأعمال المناولة أو الأعمال المكملة للنشاط والصناعة المنجمية المتاحة بكل موقع”.

الوزير عرقاب يجتمع بالباترونا

هذا وترأس وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، ورئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، كمال مولى، بالجزائر العاصمة، اجتماعا تنسيقيا تباحثا خلاله سبل تعزيز التعاون لبعث وتطوير النشاط المنجمي في الجزائر، حسبما أفاد به بيان للوزارة.

وخلال هذا اللقاء الذي جرى بمقر الوزارة بحضور إطاراتها وأعضاء من المجلس ورئيس الوكالة الوطنية للنشاطات المنجمية، بحث الطرفان الوضعية الحالية للنشاط المنجمي في الجزائر، مع إبراز الإمكانات المتوفرة والتحديات التي يتعين مواجهتها، وفقا للمصدر ذاته.

كما ركزت المناقشات خلال اللقاء -حسب البيان -على “الاستراتيجية المسطرة والخطط المنتهجة لتحفيز الاستثمار بالقطاع المنجمي المزمع تنفيذها، لاسيما فيما يخص الدراسات الجيولوجية، البحث والاستكشاف والاستغلال المنجمي، وكذا الصناعة التحويلية المنجمية”.

وفي هذا الإطار، “قرر الطرفان تعزيز التعاون وتكثيف المشاورات لضمان التنفيذ الفعال للمبادرات، من خلال عقد لقاءات تشاورية وتكثيف اللقاءات لتحديد الآليات الفعالة من أجل العمل لترقية الاستثمارات الوطنية والأجنبية، بهدف تحقيق تنمية مستدامة في القطاع المنجمي الجزائري”، وفق بيان الوزارة.

إرجاء المصادقة على قانون المناجم

هذا وأمر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في 26 نوفمبر 2023، خلال ترؤسه اجتماعا لمجلس الوزراء، الحكومة بإرجاء المصادقة على مشروع القانون المتعلق بتنظيم النشاطات المنجمية، قصد المزيد من الإثراء وإشراك المختصين والخبراء، حسب ما أفاد به بيان لمجلس الوزراء آنذاك.

وجاء في البيان أنه: “بخصوص مشروع قانون ينظم النشاطات المنجمية، أكد الرئيس تبون أن المناجم من القطاعات الاستراتيجية في الجزائر، موجها الحكومة بإرجاء المصادقة على مشروع القانون قصد المزيد من الإثراء”.

كما أمر رئيس الجمهورية بإشراك المختصين والخبراء، “تحضيرا لفتح المجال أمام المتعامل الجزائري في النشاط المنجمي، خاصة وأن البلاد تشهد ديناميكية في النسيج الصناعي الجديد، وهو قادر على استغلال هذه الثروة ورفع مردوديتها ضمن عجلة التنمية الوطنية”.

كرنولوجيا إعداد مسودة المشروع

وكانت الحكومة قد درست خلال اجتماع لها، نهاية ماي 2023، برئاسة الوزير الأول السابق، أيمن بن عبد الرحمان، مشروعا تمهيديا لقانون ينظم النشاطات المنجمية، قدمه وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب، حسب ما أفاد به بيان لمصالح الوزير الأول.

واستهدف مشروع النص بتلك المسودة “إنعاش القطاع المنجمي وتوفير الشروط الإيجابية لتطويره، من خلال إحداث بيئة مواتية للاستثمار المنجمي واعتماد تدابير تشريعية محفزة”، إضافة إلى “وضع سياسة منجمية أكثر شفافية واستقرارا وديمومة، من شأنها أن تتيح الوصول المبسط إلى الاستثمار المنجمي، وذلك بغرض تشجيع المستثمرين سواء الوطنيين أو الأجانب على المساهمة بفعالية في تنمية النشاطات المنجمية”.

كما من شأن مشروع هذا القانون أن يكرس “الشروط المعتمدة دوليا من أجل ترقية الاستثمار في القطاع المنجمي وتشجيع إنجاز النشاطات المنجمية”، إضافة إلى تضمنه “إطارا مبسطا، شفافا وأكثر استقطابا يرتكز أساسا على إدراج الضمانات الملائمة لفائدة المستثمرين الوطنيين والأجانب، وإزالة كل العراقيل البيروقراطية وتقليص آجال دراسة طلبات السندات المنجمية”.

فضلا عن ذلك، يولي مشروع هذا النص “أهمية خاصة لتثمين المنتجات المنجمية على الصعيد المحلي، من خلال تفضيل خلق قيمة مضافة هامة عن طريق إقامة وحدات تحويلية وإعطاء الأولوية لتشغيل اليد العاملة المحلية، وكذا نقل التكنولوجيا”.

كما أعادت الحكومة في اجتماع لها في 8 نوفمبر الجاري، دراسة المشروع التمهيدي لقانون ينظم النشاطات المنجمية، قدّمه وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب، في قراءة ثانية له.

وأشار بيان توج أشغال اجتماع الحكومة آنذاك، إلى أنه “تم إثراء وتتمّة الصيغة الجديدة لمشروع هذا النص، مع أخذ بعين الاعتبار التوجيهات المسداة خلال اجتماع الحكومة المنعقد يوم 31 ماي 2023”. وتابع البيان: “يرمي مشروع هذا النص أيضا إلى ترقية نقل التكنولوجيا، من خلال تشجيع المؤسسات المنجمية على تقاسم خبرتها مع الشركاء المحليين، معززا بذلك الكفاءات التكنولوجية الوطنية، مما من شأنه الحد من اعتمادها على الكفاءات الأجنبية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى