الاخبار

تحلية مياه البحر وتغيير النمط الإستهلاكي شرطان لضمان الأمن الغذائي

أمام وضعية المخزون الغذائي وإرتفاع أسعار السلع والمواد الأولية عالميا وتأثير ذلك على الفلاحين والمربيين، تتصاعد مطالب المهنيين على المستوى الوطني من أجل إعتماد ورقة طريق جديدة لتحقيق الإكتفاء في إنتاج الحبوب واللحوم وكذا الحليب.

أسماء براهيمي

ومن أجل تحقيق التنمية الإقتصادية في ظل الأزمة التي تعرفها الأسواق الدولية، يُذكر مختصون مجددا بأن أكبر تحديات الحكومة يتمثل في تحقيق الأمن الغذائي و المائي والطاقوي خاصة وأن الجزائر بلد فلاحي يمتلك كل الطاقات و القدرات لإنجاز المشروع الذي يهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي للمواطنين و ضمان أمن غذاء الأجيال القادمة، وهو القطاع الذي يفترض أنه بمثابة العمود الفقري لبناء الإقتصاد الوطني الشامل.
في السياق، كشف الخبير الفلاحي، لعلى بوخالفة، عن التحديات الواجب إتباعها للوصول إلى الإكتفاء الغذائي، أبرزها وضع آليات تنظيمية و تحديد ورقة طريق مبنية على مخطط مستقبلي من أجل ضمان الأمن الغذائي في الجزائر.


مخطط إستراتيجي جديد


الخبير الفلاحي، لعلى بوخالفة يوضح لـ “المصدر”، أن تحقيق الأمن الغذائي يمر بوضع آليات تنظيمية و تحديد ورقة مبنية على مخطط إستراتيجي لتحويل التهديدات الراهنة إلى تحديات، بتوسيع المساحات الكبرى المسقية و توفير كل الشروط اللازمة لإقناع المستثمرين المحليين والأجانب للإنخراط في هذا المجال، كما يجب أيضًا توفير العامل الأساسي لنجاح الزراعات الفلاحية الشاملة، كالثروة المائية مع بناء السدود و الحواجز المائية لتخزين مياه سقوط الأمطار و الثلوج التي غالباً ما تتسرب إلى البحر، كما يجب أيضاً الشروع في تحلية مياه البحر و استغلالها لصالح الزراعة و خاصة المناطق و الأراضي الساحلية.
اما عن مياه السدود، شدد بوخالفة على ضرورة تخصيصها للمناطق البعيدة عن الشريط الساحلي كالهضاب العليا، كما يمكن –حسبه- الإعتناء بالأراضي الصحراوية كولايتي أدرار و المنيعة مع تهيئة المسالك و الطرقات و توفير الطاقة الكهربائية أو الشمسية مع إستغلال الثروة المائية الجوفية المتواجد في صحرائنا و المقدرة بأكثر من 45 ألف مليار متر مكعب.
وقال الخبير الفلاحي، إن تطبيق مثل هذا البرنامج يمكننا من تحقيق الأمن الغذائي للمواطنين و ضمان أمن غذاء الأجيال القادمة ومنافسة الدول المصدرة للمواد الغذائية و خاصة القمح.

الإستيراد لا يزال


في السياق، أشار إلى أن الجزائر لا تزال تعتمد على الإستيراد في بعض المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع كالقمح و بودرة الحليب و اللحوم الحمراء، مضيفا أن استيراد هذه المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع يكلف خزينة الدولة مبالغ مالية باهظة من العملة الأجنبية حيث نستورد سنويا من 7الى 10ملايين طن من القمح بين الصلب و اللين غير أن إنتاجنا يتراوح سنويا بين 25 و 60 مليون قنطار من الحبوب فقط، رغم أن الجزائر بلد فلاحي بإمتياز يمتلك كل الطاقات و القدرات لإنجاز أمنه الغذائي و خاصة القمح، حيث تعتبر الجزائر بلد منتج للقمح بأمتياز، هذه المادة التي يمكن زراعتها في كل مناطق الوطن من صفر إلى ثلاثة آلاف متر إرتفاع على سطح البحر، يضيف المتحدث.

معالجة أزمة الحليب


وبخصوص مادة الحليب، دعا الخبير الفلاحي إلى الإعتماد على مزارع نموذجية لتربية أبقار الحلوب بشرط توفير الغذاء الرئيسي للبقر و المتمثل في العشب الأخضر الذي يضمن إنتاج الحليب، مع العلم أن هكتارا واحد يلبي حاجيات بقرتين ، كما يجب أيضاً إختيار السلالات التي تتأقلم مع المناخ الطبيعي للجزائر، و هكذا يمكننا إنتاج كميات معتبرة من الحليب الطازج و الاستغناء تدريجياً عن استيراد بدرة الحليب التي تكلف خزينة الدولة مبالغ مالية باهظة.
يُذكر أن الديوان الوطني المهني للحليب ومشتقاته، يقوم حاليا بتحيين دفتر الشروط الخاص بنشاط الملبنات بغرض الرفع من حجم انتاج الحليب المدعم وتحسين توزيعه.
وسيلزم دفتر الشروط الجديد الملبنات على بذل الجهود لجمع كمية أكبر من حليب الأبقار الطازج قصد رفع حصته في انتاج الحليب المدعم الذي يعتمد حاليا بشكل شبه كلي على مسحوق الحليب المستورد.
وحسب ما أكده المدير العام للديوان، خالد سوالمية، في تصريح سابق، فإن دفتر الشروط هذا سيكون أحد الأدوات الأساسية لتطوير شعبة الحليب الوطنية، داعيا المربين إلى تشكيل تعاونيات فلاحية ومستثمرات ذات حجم كبير لتربية الأبقار بأعداد تصل إلى 1500 رأس.

اللحوم الحمراء.. الإعتناء بمناطق السهوب و الهضاب العليا


أما بالنسبة للحوم الحمراء، شدد لعلى بوخالفة على ضرورة الاعتناء بمناطق السهوب و الهضاب العليا لإحياء النباتات التي توفر العشب الرعوي لأغنامنا التي تعاني حالياً من أزمة العلف المركز ، خاصة و أن الجزائر تمتلك عددا هائلا من رؤوس الأغنام و المقدرة بأكثر من28 مليون رأس غنم.
بهذه الطريقة يمكن للجزائر أن تكمل السيادة الوطنية مع تحقيق الأمن الغذائي للمواطنين و ضمان أمن غذاء الأجيال القادمة و الاستغناء و الإعتماد على الإستيراد-حسب قوله-.
في السياق، قال وزير الفلاحة والتنمية الريفية، محمد عبد الحفيظ هني، في وقت سابق، أن قطاعه يعمل، و الى غاية سبتمر-اكتوبر القادمين، على إعادة تنظيم توزيع مادة الشعير المدعم على المربين عبر كل الولايات.
فعلى عكس مربي النعاج الذين تم مراجعة حصتهم من الشعير، تبقى مراجعة توزيع هذه المادة المدعمة على مربي الخرفان والكباش تنتظر التسوية، حسب الوزير الذي كشف بأن هذا الملف سيطرح على الحكومة “في أقرب وقت”.
ويتم، عبر 31 ولاية، وضع قائمة اسمية للمربين الذين يستفيدون من الشعير المدعم الذي حددت حصته الشهرية بـ10 كغ شهريا للأغنام سنة 2008.
أما بالنسبة للنعاج، فتم رفع الحصة من الشعير من 300غ/للنعجة/اليوم الى 600غ/للنعجة/اليوم في ماي الماضي.
وبلغت التكلفة المالية التي تتحملها الدولة لتوزيع مادة الشعير على الموالين، حسب هني، 6 مليار دج في الشهر بالنسبة للحصة الموجهة للنعاج فقط و البالغ عددها حوالي 17 مليون رأس، بمعدل 300 غ للنعجة الواحدة في اليوم.
وكشفت حصيلة عملية التوزيع عن تسجيل تزود 30 مربي يوميا بالمادة في نقطة بيع حاسي بحبح، مقابل 100 مربي على مستوى التعاونية، ما جعل القطاع يستجيب لمطالب المربين وتم الغلق المؤقت لنقاط البيع وتوجيه المربين للتعاونيات، حسب الوزير.

رفع الإنتاج الوطني من الحبوب


وعن تأثيرات الصراع الدائر بين روسيا و اوكرانيا و سوق القمح، قال الخبير الفلاحي إن الجزائر من البلدان الرائدة في إستهلاك القمح و مشتقاته و لتلبية إحتياجات المواطنين تعتمد بنسبة متفاوتة على استيراد الحبوب بصفة عامة و القمح بصفة خاصة من عدة دول أوروبية و آسيوية منها روسيا و اوكرانيا.
وحسب تقديراته، تتراوح الكميات المستوردة سنويا بين 70 و 100 مليون قنطار، اما الإنتاج المحلي يتراوح بين 25 و 55 مليون قنطار سنويا و ذلك حسب سقوط الأمطار، حيث تعتبر المردودية ضئيلة لا تتجاوز 17 قنطارا في الهكتار.
وفي الخصوص، كان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، قد أكد في تصريح سابق، على ضرورة رفع الإنتاج الوطني من المواد الفلاحية، وعلى رأسها الحبوب، لتحقيق الأمن الغذائي.
وأوضح الرئيس تبون أن “الحل الجذري للتصدي لغلاء أسعار المواد الغذائية وندرتها في السوق الدولية هو تعزيز الإنتاج الوطني”.
وذكر رئيس الجمهورية في هذا الصدد بالتحفيزات التي أقرتها الدولة لفائدة المنتجين بما في ذلك تمويل مشاريعهم بنسبة تصل إلى 90 بالمائة من تكلفتها.
وتطرق بهذا الخصوص إلى شعبة الحبوب الوطنية التي تغطي فقط حوالي نصف احتياجات البلاد والمقدرة بحوالي 9 ملايين طن.
وأخذا بعين الاعتبار للزيادة السكانية والمقدرة ب850 الف نسمة سنويا, فإنه من الضروري -حسب السيد تبون- رفع الإنتاج الوطني لمواجهة الطلب المحلي المتزايد والتقليص التدريجي لحصة الواردات إلى غاية وقفها نهائيا وهو “أمر ممكن جدا بشهادة المختصين في المجال”.
ولتحقيق هذا الهدف، شدد الرئيس على أهمية رفع مردودية الأراضي الفلاحية المنتجة للحبوب من متوسط 20 قنطار/هكتار حاليا إلى 40 قنطار/هكتار، لافتا إلى أن هذا المتوسط بلغ في بعض الدول الكبرى المنتجة للحبوب مثل الولايات المتحدة 120 قنطار/هكتار.
ويستدعي ذلك الاعتماد على التقنيات الفلاحية الملائمة في مجال الري وتكثيف البذور وغيرها، يضيف تبون.


أهمية قصوى لتحلية مياه البحر


بينما يرى لعلى بوخالفة بأنه على الجزائر اغتنام الفرصة لتحديد ورقة الطريق لتحويل التهديدات إلى تحديات و خاصة في هذه الظروف الحالية التي تتميز بالجفاف المزمن مع استغلال فرصة إرتفاع أسعار النفط والغاز إلى مستويات قياسية.
وشدد الخبير في الأخير على إعطاء أهمية قصوى لتحلية مياه البحر التي تعتبر رهان المستقبل ، كما يجب أيضا إعادة النظر في نمطي الاستهلاكي المعتمد على القمح و مشتقاته و محاربة ظاهرة التبذير و خاصة الخبز لتقليص حاجاتنا من مادة القمح ، مع إعادة النظر في طريقة إنتاج مادة الفرينة الموجهة لصناعة الخبر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى