تتوقع المنظمات العالمية، إنخفاضا محتملا في الإنتاج العالمي للحبوب للسنة الجارية، مع إرتفاع في أسعارها، بالمقابل توقع وزير الفلاحة أن يصل الإنتاج الوطني 3.2 ملايين طن من القمح، ويرى متتبعون أن الجزائر تستطيع أن تضمن إحتياطها من المادة، مشددين على رفع القدرات الإنتاجية للتخلص من الإستيراد وتحقيق الأمن الغذائي في المجال.
رتيبة بوراس
تشير التوقعات الأولى بخصوص الإنتاج العالمي من الحبوب لسنة 2022 إلى تسجيل انخفاض محتمل، و هو ما يمثل أول تراجع خلال أربع سنوات، حسبما جاء في آخر موجز لمنظمة الأغذية والزراعة عن إمدادات الحبوب والطلب.
و تتوقع المنظمة الأممية أن “ينخفض الإنتاج العالمي إلى 784, 2 مليار طن، أي أقل بـ 16 مليون طن من الإنتاج القياسي الذي أشارت إليه تقديرات سنة 2021”. ويتوقع أن يسجل الانخفاض الأكبر في محاصيل الذرة, تليها محاصيل القمح والأرز، بينما من المرجح أن تزداد محاصيل الشعير والذرة الرفيعة.
الإنتاج الوطني للقمح سيصل 3.2 ملايين طن هذا الموسم
في السياق، توقع وزير الفلاحة، عبد الحفيظ هني، أن يبلغ الإنتاج الوطني من القمح 3.2 ملايين طن هذا الموسم مقابل مليوني طن في 2021 .
وأوضح الوزير، في تصريحات صحفية مؤخرا، أن الجزائر لديها احتياطيات من القمح كافية للعشرة أشهر القادمة، مضيفا أنها استوردت ثلاثة ملايين طن حتى الآن وأن الواردات جارية.
المهندس الزراعي، منيب أوبيري:
إرتفاع أسعار القمح يفرض إستغلال المساحات في الجنوب
في الخصوص، قال المهندس الزراعي، ورئيس المكتب الوطني لاتحاد المهندسين الزّراعيّين، منيب أوبيري، ، في حديثه لـ”المصدر”، إن العالم يشهد إختلالا في إنتاج الحبوب بفعل الأزمة العالمية وإنعدام الأمن في بعض الدول، ممّا جعل الدول خاصة الإفريقية تتهافت على إقتناء المادة.
مؤكدا أن الإنتاج الوطني لهذا العام سيُحقق جزء من إحتياجيات البلاد من مادة القمح، التي تصل إلى 7.7 ملايين طن سنويا، ويتراوح الإنتاج الوطني ما بين 3.3 إلى غاية 4.1 ملايين طن على أقسى تقدير، مضيفا أنه من المنتظر أن يصل الإنتاج الوطني لهذا العام، 3.3 طن من القمح.
وأشار المهندس الزراعي، إلى أنه بالرغم من إرتفاع الإنتاج الوطني لمادة القمح إلا أنه لا تستطيع الجزائر التخلي على إستيراد الكمية المتبقية، ممّا يطرح مشكل إرتفاع أسعار القمح بفعل الأزمة العالمية، وهو ما يفرض إستغلال المساحات الشاسعة التي تتوفر عليها الجزائر في الجنوب، برفع مساحة إستغلال 2 مليون هكتار أخرى، لرفع القدرات الإنتاجية ومساحات المزروعة من القمح لتكون الجزائر بمنأى عن الأزمات الغذائية التي يشهدها العالم.
وشدد ذات المتحدث، أنه أصبح من الضروري توسيع الرقعة الإنتاج من مادة القمح لتقليص فاتورة الإستيراد وحماية الإقتصاد الوطني، وتحقيق أمننا الغذائي في المستقبل.
وتابع أوبيري منيب، أنه وجب إتباع العديد من الآليات لتحقيق نتائج أفضل وذلك بتوفير العتاد المناسب للبذر والحصاد، وتوفير الأسمدة بسعر معقول وإتباع التقنيات الحديثة، كتعشيب، ومرافقة الفلاحين بالمهندسين والفاعلين لزيادة الإرشاد والتوعية والتحفيز للتمكن من تحقيق إنتاج يكفي على الأقل، الإستهلاك المحلي.
مؤكدا أن الجزائر تتوفر على كل المؤهلات من المياه ومساحات الشاسعة وصالحة للزراعة والعنصر البشري، تجعلها سلة غذاء لإفريقيا، خاصة إذا ما تم إتباع مسار تقني صحيح، وفتح أبواب الإستثمار للبلدان العربية في شعبة الحبوب.
الخبير الفلاحي، لعلى بوخالفة:
ضرورة وضع سياسة واضحة لإنتاج القمح
من جهته، أكد الخبير الفلاحي، لعلى بوخالفة، أن الإنتاج الوطني من مادة القمح سيصل إلى 3.2 ملايين طن، وهو ما إعتبره رقم غير كافي بالنسبة للبلد بحجم الجزائر منتجة للقمح بإمتياز، وتتوفر إمكانية زراعة المادة في جميع مناطق الوطن، وذلك بتوفير مجموعة من شروط، منها تهيئة الأرض، ووفرة المياه والتحكم في المسار التقني.
وأضاف بوخالفة، في حديثه لـ”المصدر”، أن معدل المردودية يصل إلى 12 قنطار في الهكتار الواحد، مشيرا إلى أنه بحسب التجارب التي أجراها مجمع كووسيدار تحصل من خلالها على 95 قنطار في الهكتار الواحد في ولاية خنشلة، ووصلت في بعض المناطق في كل من غرداية وأدرار تراوحت ما بين 60 إلى 80 قنطار في الهكتار، في حين لا تتجاوز 5 قنطار في الهكتار في الأراضي البور.
وشدد الخبير الفلاحي، على وضع سياسة واضحة لإنتاج القمح، مع إحترام إختيار الأراضي المطابقة لإنتاج القمح كأراضي ولاية خنشلة، سطيف، تيارت وقالمة وقسنطينة.
مضيفا أن الإشكال يكمن في قدرات التخزين بحيث لا تتجاوز 44 مليون قنطار، مؤكدا أنه وجب توفير المخازن وفق الشروط المطلوبة، لتجنب تلف القمح وضياعه.
وأضاف بوخالفة، أن الجزائر لا تتخوف من توفير مادة القمح، لأنها تستورد من بلدان أوروبية أخرى، وإنما تتخوف من رفع الأسعار العالمي بحيث كانت أسعار القمح تتراوح في حدود 200 دولار للطن وبلغت 500 دولار للطن، وهو ما يفرض يقول ذات المتحدث، البحث عن كيفية الإعتماد على القدرات الوطنية في إنتاج هذه المادة الرئيسية.
مشيرا في الأخير، إلى أن الأمن الغذائي جزء لا يتجزأ من السيادة الوطنية.