
بعد أن كشف الوزير الأول، وزير المالية، أيمن عبد الرحمان، عن فتح رؤوس أموال بنوك عمومية بداية العام المقبل 2022، تحدثت جريدة “المصدر” مع مختصون عن المشروع.
رتيبة بوراس
وسيتم فتح رأسمال بعض هذه المؤسسات العمومية عن طريق البورصة، حسب بن عبد الرحمان الذي شدد على ضرورة تحسين اليات تسيير بورصة الجزائر وإعطائها دورا أهم.
مساهمة الدولة في تطهير المؤسسات العمومية المتعثرة تجاوزت 2900 مليار دج
وبالموازاة مع ذلك، ستعمل الحكومة على توفير أدوات أخرى لتمويل المؤسسات العمومية قصد تخفيف العبء على خزينة الدولة، يقول الوزير الأول الذي أكد بأن مساهمة الدولة في تطهير المؤسسات العمومية المتعثرة تجاوزت إلى الآن 2900 مليار دج.
ومن بين التدابير التي سيتم اعتمادها ضمن نمط الحكومة الجديد، لفت بن عبد الرحمان إلى إخضاع المسيرين لتقييم دوري, نصف سنوي وسنوي، للوقوف على مدى نجاعة التسيير.
كما دعا مسيري المؤسسات العمومية إلى فتح مراكز تطوير وبحث علمي لتحسين تنافسية المنتجات الوطنية.
من جهة أخرى، أكد الوزير الأول مواصلة الحكومة لخطتها الرامية لإعادة بعث المؤسسات العمومية التي عرفت ركودا، بالارتكاز على شراكات مربحة.
ناصر سليمان: البنوك العمومية الستة تُسيطر على 87% من السوق المصرفي
في السياق، يرى الخبير الإقتصادي، ناصر سليمان، أن توجه الحكومة لفتح رأس مال بعض البنوك العمومية، عملية جيدة ومطلوبة، مضيفا بالقول، أنه “لا يمكن بقاء الجهاز المصرفي على هذا الوضع بحيث تسيطر فيه البنوك العمومية الستة على نسبة تتراوح بين 85 إلى 87 % من السوق المصرفية الجزائرية.
وأشار ذات الخبير إلى أن هذه البنوك ورثت أمراض العهد الاشتراكي بحكم أقدميتها فأصابت بعدواها بقية البنوك حتى وإن كانت قادمة من أوروبا أو أمريكا أو الخليج، فضلاً عن ضعف المنافسة في الأسعار والخدمات بسبب تلك السيطرة.
وأوضح الخبير الاقتصادي، في منشور له عبر صفحته الرسمية على الفايسبوك، أنه و بخصوص تصريح وزير المالية والوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن، حول نية الحكومة فتح رأس مال بعض البنوك العمومية، أنه جاء في المادة 159 من مشروع قانون المالية لسنة 2022 فيما يتعلق بالتنازل عن أسهم البنوك وإدخالها إلى البورصة، بأنه تم تعديل أحكام المادة 94 من قانون النقد والائتمان (الأمر 03-11) والتي لا تسمح بإدخال البنوك والمؤسسات المالية إلى البورصة، وهنا ترخص هذه المادة ذلك دون شرط الحصول على موافقة بنك الجزائر.
مضيفا غير أن هذه التنازلات التي قد تؤدي إلى التحكم فيها (أي البنوك والمؤسسات المالية)، وفي جميع الحالات أي عملية يترتب عنها اقتناء العشر، الخمس، الثلث، النصف أو ثلثي رأس المال يجب أن تحصل على ترخيص مسبق من محافظ بنك الجزائر.
وأشر ناصر إلى أن هذه المادة قد جاءت في مشروع قانون المالية كعملية ممهدة لخوصصة بعض البنوك العمومية عن طريق البورصة لإنشاء منافسة في السوق المصرفية، وهي العملية التي ظلت تراوح مكانها منذ أن ظهرت كمشروع سنة 2001.
عبد الرحمن عية: فتح رؤوس الأموال عملية تقنية مالية تتطلب آليات التجسيد
أكد الخبير الإقتصادي، عبد الرحمان عية، في حديثه لـ”المصدر”، أن فتح رأس مال البنوك عملية تقنية مالية مرتبطة بمفاهيم متعلقة بطبيعة الشركة إذا ما كانت شركة أموال أم شركة أشخاص، إذا ما كانت مفتوحة على السوق المالية، متسائلا إذ ما كان للجزائريين المدخرات الكافية لشراء الأموال في ظل الوضعية المالية الصعبة.
مضيفا أنه على المستوى العملي لا يتضح كيفية تجسيد هذه القرارات على أرض الواقع، لأن الإشكال يكمن في آليات التجسيد كون الحلول الإقتصادية تتطلب مؤشرات.
إسحاق خرشي: إشراك القطاع الخاص وسيلة لجذب بعض الأموال لتمويل المشاريع
من جهته، يوضح الخبير الإقتصادي، إسحاق خرشي، أن قرار فتح رأس مال البنوك العمومية، لا يعني خوصصة البنوك العمومية، أي عدم بيع البنوك العمومية للخواص مثلما يعتقده الرأي العام، وإنما هو نوع من الشراكة ما بين الخواص والدولة في رأس المال الخاص بالبنوك.
مضيفا أن القرار يتخذ بعد صدور القانون المنظم للشراكة مابين القطاع العام والخاص، مؤكدا أن توجه الحكومة لهذا القرار يعود إلى أن أداء البنوك العمومية ضعيف، وبدخول القطاع الخاص سيكون هناك نمط تسيير جديد بالمقارنة مع النمط الكلاسيكي القديم التي تُسير به البنوك العمومية.
وأشار خرشي في حديثه لـ”المصدر”، أن إشراك القطاع الخاص وسيلة لجذب بعض الأموال لتمويل المشاريع، لأن القطاع الخاص متقدم على القطاع العمومي في الجزائر في القطاع الخدماتي على وجه الخصوص، كذلك البنوك العمومية متأخرة جدا في مجال الرقمنة، ولا تبادر في التوجه نحو الرقمنة، متوقعا أن يتم التركيز على رقمنة البنوك بمجرد الشراكة مع القطاع الخاص.
وأضاف ذات المتحدث، أنه يُمكن للبنوك من خلال قانون الإستثمار تمويل بعض مشاريع الإستثمار بـ 90 بالمائة، معناه يقول ذات الخبير أنه يُمكن للمستثمر الذي يريد تشييد مصنع بالجزائر أن يطلب قرض بقيمة مليار تستطيع البنوك العمومية تمويله بـ 900 مليون دج، لكن بدخول القطاع الخاص في شراكة مع البنوك يُصبح الوضع مختلف إذ لا يستطيع منح مبلغ مماثل ممّا سيُساهم في توفير السيولة والأموال على مستوى البنوك العمومية ويضمن سداد هذه القروض، لأن البنوك العمومية قد تتأخر في المطالبة بدفع أقساط القروض الممنوحة والفوائد لكن القطاع الخاص حريص في هذه النقطة.
ويرى الخبير الإقتصادي أن القرار مفيد جدا من الناحية الإقتصادية لأنه يسمح بالوقوف على القروض الممنوحة، مضيفا على سبيل المثال أن في حال حصول عدد كبير من المستثمرين يستفيدون من عدد كبير من القروض ويتأخرون على السداد في حال دخول القطاع الخاص لا نرى مثل هذا الإشكال.
أزيد من 1500 مليار دج لمساعدة المؤسسات الجزائرية خلال 10 سنوات
أكد المدير العام للميزانية بوزارة المالية، عبد العزيز فايد، أن الدولة خصصت خلال السنوات العشر الماضية، أزيد من 1500 مليار دج كمساعدات مالية للمؤسسات الجزائرية.
و في تدخل له أثناء أشغال الندوة الوطنية للإنعاش الصناعي، صرح فايد أن الدولة خصصت تمويلات معتبرة لفائدة مختلف المؤسسات لاسيما من خلال إجراء تيسير نسب الفوائد للقروض البنكية الممنوحة والتي بلغت خلال السنوات العشر الماضية 700 مليار دج.
كما تجاوزت عمليات تطهير ديون المؤسسات الجزائرية مبلغ 900 مليار دج خلال نفس الفترة، حسب المسؤول نفسه الذي أشار ان الدعم المالي للدولة لفائدة المؤسسات قد فاق 1500 مليار دج من خلال هاذين الشكلين من المساعدات (تيسير وتطهير).
و بخصوص الإعفاءات الجبائية الممنوحة لفائدة المؤسسات، فقد قاربت مبلغ 600 مليار دج سنويا.
و أبرز المدير العام للميزانية ان الدولة خصصت أزيد من 110 مليار دج خلال السنوات الـ 10 الماضية لفائدة قطاعات التكوين المهني والجامعي، مؤكدا على ضرورة ان تستفيد المؤسسات من هذا المسعى، و أشار المسؤول إلى صعوبة الاستمرار في سياسة التمويل هذه، موضحا ان ندرة الموارد المالية ستتفاقم في السنوات المقبلة.
و قال محذرا أن “الدولة لها صعوباتها ولسنا في رخاء لمرافقة المؤسسات ولا يجب أن ننسى اننا من الممكن ان نستورد بحلول 2030 موادا طاقوية وبالتالي يجب التفكير بسرعة لتغيير هذا النمط العملياتي والتحضير لهذا الموعد”.
و في نفس السياق، ذكر بان عجز الميزانية لسنة 2022 سيكون في حدود 4900 مليار دج أي 50 بالمائة من الميزانية الإجمالية للدولة.
و حسب فايد، يجب أن تتوقف الإعانات المباشرة وغير المباشرة للدولة على إنجاز الأهداف وعقود الأداء.