الجزائر
أخر الأخبار

سوق قطع الغيار يعمّق جراح بورصة السيارات المستعملة

زاد واقع سوق قطع غيار السيارات من متاعب بورصة السيارات المستعملة في الجزائر خلال الأيام الأخيرة، فنقص قطع غيار السيارات بصفة عامة في الجزائر، جعل مالكي السيارات المستعملة التي تفوق 5 سنوات يعانون عند تعرضها للعطب، بين سعيهم لتوفير قطع الغيار من جهة، ومن جهة أخرى غلاء قطع الغيار، وهو واقع يدفع أكثر لتنفير الجزائريين من السيارات المستعملة لصالح السيارات الجديدة المرتقبة.

نوفيق أقنيني

وازدادت شهية المستهلك الجزائري للسيارات الجديدة بسبب الأريحية التي تمنحها في نقطة توفر الصيانة وتكلفتها، زيادة على أسعارها التي تقل عن أسعار سابقة للسيارات المستعملة، دامت سنوات.

وفي ذات السياق، أفاد المنسق الوطني للمنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه، فادي تميم، بأن: “واقع سوق قطع غيار السيارات بالجزائر تأثر بعاملين أساسيين بشكل مباشر، أولها توقيف جميع علامات السيارات الناشطة بالبلاد خلال فترة سابقة، وهذا يعني توقف خدمة ما بعد البيع للسيارات من طرف وكلاء هاته العلامات، ونحن تلقينا شكاوي من ممثلي علامات سيارات بأن هناك تضييقا على استيراد قطع غيار السيارات، المندرجة في إطار إيفاء هؤلاء الوكلاء بالتزاماتهم اتجاه زبائنهم، وهو ما جعل قطع غيار السيارات قليلة في الجزائر بالنسبة للشركات المعتمدة سابقا، والتي سوّقت كميات من السيارات قبل توقيف النشاط منذ سنوات”.

وأضاف في تصريح لجريدة “المصدر” بأن: “العامل الثاني يتمثل في تحجيم الاستيراد بصفة عامة، بما فيه مجال قطع غيار السيارات، لا سيما وأن الجزائر لا تمتلك شركات لتصنيع قطع غيار السيارات محليا، ما عدا مصافي الزيت وبعض الاكسيسوارات التي تعد من كماليات السيارات، وهو ما أدى إلى نقص كبير في قطع الغيار الجديدة للسيارات بالجزائر، ودفع إلى ظهور سوق لقطع الغيار المستعملة للسيارات، يتم تسويقها عند مختصين إما بتفكيك السيارات التي تتعرض للحوادث، وحتى إدخال بطرق ملتوية قطع الغيار المستعملة للسيارات وبيعها”.

وتابع محدثنا بأن: “جمعية المستهلك التي راقبت سوق قطع الغيار المستعملة للسيارات، لاحظت أن الأسعار تضاعفت 3 مرات خلال فترة 3 سنوات، على الرغم من أن الحديث هنا يتعلق بقطع غيار مستعملة لسيارات فئتها السنية تتجاوز 10 سنوات، وكل هذه تمثل تكاليف إضافية بالنسبة للمستهلك تجعله منزعجا من امتلاكه سيارة مستعملة قديمة”.

وأبرز فادي تميم بأنه: “وبالعودة للظروف الحالية في سوق السيارات بالجزائر، مع إعلان دخول العديد من السيارات الجديدة، فإن المستهلك بطبيعة الحال يفضّل اقتناء سيارة جديدة تريحه إلى جانب اقتناء وسيلة نقل خاصة، من تكاليف قطع الغيار والصيانة لفترة ما بين 5 إلى 7 سنوات”.    

وأردف يقول: “سيبقى النقص في قطع غيار السيارات بالجزائر في قادم الأيام، على اعتبار أن أولوية علامات السيارات المعتمدة بالجزائر ستتمثل في توفير قطع غيار للسيارات الجديدة، في إطار ضمانات خدمة ما بعد البيع، ولن توفّر قطع غيار للسيارات المستعملة القديمة التي يتجاوز سنها 10 سنوات”.

وأشار ممثل جمعية المستهلك إلى أن: “أسعار السيارات المستعملة انخفضت بشكل محسوس في الجزائر، بفعل توفر البديل ألا وهو السيارات الجديدة، وفي حال استمرت الوفرة بعد نهاية سنة 2024، سيكون وقع غلاء وندرة قطع الغيار المستعملة للسيارات شديدا على بورصة السيارات المستعملة في البلاد”.

واستطرد يقول بأن: “تصحيح الخلل بسوق قطع غيار السيارات ممكن، علينا أولا أخذ الدروس من تجاربنا السابقة، فبعض قطع الغيار الموجودة في السوق لا تحتاج تكنولوجيا عالية، وبالتالي يمكننا تصنيعها محليا بدعم مستثمرين في المجال، ثانيا علينا إجراء دراسة حقيقية حول حاجيات سوق قطع الغيار، الجديدة منها والمستعملة، على اعتبار أن مالكي السيارات المستعملة هم مستهلكين أيضا ويحق لهم الحصول على وفرة في قطع الغيار”.

وأوضح فادي تميم بأن: “على السلطات إدخال قطع غيار السيارات غير المصنعة في الجزائر بصفة عامة، خاصة وأن قطع الغيار تلعب دورا كبيرا في حوادث المرور، لذلك يجب علينا توفيرها عبر رقمنة ودراسة للسوق واستيراد عقلاني”.

هذا، وخيم الركود على سوق السيارات المستعملة في الجزائر، مع توالي استيراد السيارات الجديدة من طرف 4 وكلاء معتمدين، وكذا منح الاعتماد لـ38 وكيل لاستيراد وبيع السيارات، وكل هذا بأسعار تنافسية تبدأ بأقل من 200 مليون سنتيم لعلامتين صينيتين، إضافة إلى تزايد كمية السيارات أقل من 3 سنوات التي تدخل البلاد.

ورغم توقع خبراء قبل أيام، حدوث ركود في سوق السيارات المستعملة بالجزائر، بفعل المتغيرات الاقتصادية التي طرأت على السوق، وتقديرهم بداية سنة 2024 موعدا لذلك، إضافة إلى إنتاج هذا الركود انخفاضاً معتبراً في الأسعار ثم انهيار مع نهاية سنة 2024، إلا أن سوق السيارات المستعملة في الجزائر لم ينتظر آجال توقعات الخبراء ودخل في ركوده وانخفاض الأسعار فيه مبكرا، قبل بداية سنة 2024 وحتى قبل شروع مصنع فيات في الإنتاج بالجزائر.

وكان سوق السيارات المستعملة في الجزائر قد عرف ركودا بين الحين والآخر، منذ نهاية سنة 2021، لكن الركود آنذاك كان بسبب ارتفاع أسعار المركبات فوق القدرة الشرائية لغالبية المواطنين، وسط غياب شبه كلي للسيارات الجديدة بسبب توقف نشاط استيرادها، قبل أن يتم فتح باب الاستيراد للمواطنين فقط، وكذا الترخيص لاستيراد السيارات أقل من 3 سنوات.

أما الركود الحاصل اليوم في سوق السيارات المستعملة بالجزائر، فهو راجع إلى تفضيل المستهلك الجزائري لاقتناء سيارة جديدة ترقيم 2024 و2023 بأسعار بين 200 مليون و350 مليون سنتيم، على اقتناء المستعملة.

ولم يشفع انخفاض الأسعار إلى دون 200 مليون سنتيم في سوق السيارات المستعملة، لسماسرة المركبات من أجل تسويقها، وباتت السيارات بترقيم أقل من 2015 دون سعر 150 مليون سنتيم تراوح مكانها دون زبائن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى