
بلغ حجم الدين الخارجي لدول الشرق الأوسط و شمال إفريقيا خلال السنة الماضية 370 مليار دولار مقارنة بحوالي 350 مليار دولار سنة 2019 حسب ما كشف عنه التقرير السنوي الخامس للتنمية العربية الذي أصدره المعهد العربي للتخطيط.
و تحت عنوان “مديونية الدول العربية: الواقع والمخاطر وسبل المواجهة أوضح التقرير أن هذه الزيادة نتجت بالأساس عن اضطرار الدول العربية للاقتراض للتعامل مع الآثار الناتجة عن جائحة كورونا مذكرا بأن دول المنطقة واجهت العديد من التحديات التنموية التي أدت إلى أعباء إضافية في مستويات المديونية نتيجة تداعيات الجائحة.
و حدثت زيادة كبيرة في حجم الاقتراض باللجوء إلى تبني حزم واسعة للتحفيز المالي، الأمر الذي أدى إلى توسع العديد منها في الاقتراض، لتعويض النقص الحاد في موارد النقد الأجنبي. و ذكر التقرير، ان هناك عوامل أخرى أدت إلى زيادة المديونية تتضمن التراجع
الحاد في أسعار وعائدات البترول وتوقف حركة السياحة والطيران والنقل البحري وتراجع تحويلات العاملين إضافة إلى تدهور الأداء الاقتصادي والانخفاض الكبير في حجم الصادرات في العديد من تلك الدول.
وللتعامل الفعال مع قضية المديونية، اقترح معدو التقرير إصلاحات هيكلية وبشكل خاص في مجالات زيادة الإيرادات وقيمة الصادرات خاصة في القطاعات الإنتاجية كالصناعات التحويلية والزراعة، وتقوية دعائم النمو الاقتصادي، والذي يتطلب توجيه أغلب موارد الدين العام نحو تمويل الاستثمار بصفة أساسية، مع تأسيس آليات لدعم التحول الهيكلي، لاستحداث هياكل وأنشطة جديدة ذات قيم مضافة مرتفعة بما يدعم تحسين الإنتاجية والنمو المستدام.
كما سجل التقرير الحاجة الملحة لتحقيق الانضباط المالي إلى جانب الحاجة إلى تنفيذ الإصلاح الهيكلي الداعم للنمو، وذلك من خلال التحكم في مستويات عجز الميزانية و الدين العام وتعبئة وتحصيل الموارد العامة من ناحية، وتخصيص تلك الموارد فيما بين المجالات المختلفة لتحقيق الأولويات التنموية و حوكمة إدارة الدين، وتطوير البدائل غير التقليدية لتمويل التنمية من ناحية أخرى.
و خلص التقرير إلى أهمية التعاون العربي لمواجهة مشكلة المديونية من خلال حلول غير تقليدية، تعتمد على التكامل الاقتصادي في مواجهة التكتلات الدولية، كمبادلة الديون و زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة فيما بينها، بما يمكن مجموعة الدول العربية من رفع معدلات نموها الاقتصادي و زيادة فرص العمل و الحصول على المزيد من الصلابة في التعامل مع القضايا الدولية الكبرى كالتغيرات المناخية والتنافسية ونقل وامتلاك التكنولوجيا الحديثة.