في خطوة إستباقية لمواجهة أزمة الغذاء العالمية وتموين مخازن الدولة بالحبوب الإستراتيجية، فرضت الحكومة على الفلاحين إجراءً جديداً يُلزم منتجي الحبوب الذين استفادوا من دعم الدولة، بيع كافة محاصيلهم للديوان الوطني المهني للحبوب، وهي الخطة التي ستعمل على تغيير سياسة إتجاه الإنتاج وإعادة توجيه السياسة الزراعية في الجزائر، وبحسب مراقبين فإن هذا القرار سيقطع الطريق على المضاربين بأموال الدعم على خلفية التلاعبات الحاصلة لهذه المادة، غير أن تتبع مسار الإنتاج والحرص على جرد وإحصاء المحاصيل الزراعية بحاجة إلى وضع آليات رقابية لإنجاح هذا التوجه.
تُراهن الجزائر على تحقيق الإكتفاء الذاتي للمواد الغذائية الإستراتيجية، من خلال تشجيع المنتجين ودعمهم ومراقبة مسار المحاصيل، بما يساهم في الرفع من الإنتاج الوطني وخلق الثروة والحفاظ على الموارد الطبيعية.
وهو ما أعلن عنه قانون المالية التكميلي 2022 الذي فرض إجراءً جديداً على منتجي الحبوب الذين استفادوا من دعم الدولة، بيع كافة محاصيلهم للديوان الوطني المهني للحبوب، بحسب القانون المنشور في العدد 53 من الجريدة الرسمية ” يتعين على كل فلاح يمارس زراعة الحبوب مستفيد من دعم الدولة سواء في بداية عملية الإنتاج أو في نهايتها، ومهما كان شكلها أو طبيعتها، إجبارياً، بيع إنتاجه من القمح بنوعيه والشعير إلى الديوان الوطني المهني للحبوب”.
وعلق مراقبون على القرار الذي أمر به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، على أنه خيار إستراتيجي سيُمكن البلاد من إعادة تنظيم مجمل سياسات القطاع في إطار الإنطلاق في خطة إنعاش حقيقية للقطاع، بهدف رفع الإنتاج والتحسين المستمر للمنتجات الفلاحية الوطنية، وتغطية الإحتياجات الداخلية وتقليص فاتورة الواردات.
ويأتي هذا القرار، على خلفية الأوضاع العالمية الصعبة المتعلقة بتغطية الاحتياجات الغذائية، وهم ما يحتم على البلاد وعلى القائمين على القطاع الإستراتيجي تغيير سياسة إتجاه الإنتاج، بهدف تحقيق الاستقرار العام للبلاد من أجل وضع إستراتيجية تتماشى مع الوضع العالمي الحالي.
وبالعودة إلى الوراء، وجه وزير الفلاحة والتنمية الريفية، عبد الحفيظ هني، تعليمات صارمة إلى المصالح الفلاحية وإطارات القطاع من أجل تتبع مسار الزراعات الإستراتيجية وتموين مخازن الدولة بمحاصيل الشعير والحبوب في خطوة إستباقية إلى قطع الطريق على المضاربين ورفع الإنتاج ومواجهة أزمة الغذاء، وذلك خلال اجتماعه بمدراء المصالح الفلاحية والإطارات المركزية.
وبحسب مصادر مقربة من مبنى وزارة الفلاحة والتنمية الفلاحية في تصريح لـ”المصدر”، وجه المسؤول على هذا القطاع تعليمات صارمة إلى القائمين على هذه العملية مفادها تتبع مسار الإنتاج والحرص على جرد وإحصاء المحاصيل الزراعية المغروسة، كما حذر المتقاعسين على هذه العملية بتوجيه إنذارات وتوبيخ قد تصل إلى حد الفصل.
إلى ذلك، ومن أجل إنجاح هذه الخطة، قررت الوزارة الوصية رفع تسعيرة الشراء لتشجيع الفلاحين في تموين مخازن الدولة بمختلف الإنتاج، وهو التوجه الذي سيشكل حافزا للمنتجين من أجل المساهمة في جمع المنتوج الوطني، وإعادة تنظيمه، بما يلبي إحتياجات المواطنين من الأمن الغذائي.
المهندس الفلاحي، أحمد مالحة:
دفع المحاصيل سيمكن الجزائر من معرفة قدراتها الإنتاجية
أكد المختص الفلاحي، أحمد مالحة، أن إلزام المنتجين دفع محاصيلهم إلى الديوان الوطني للحبوب سيُمكن البلاد من معرفة إحتياجاتنا الحقيقية وقدراتنا على الإنتاج، من خلال الإعتماد على الإحصاء بما يضمن تنظيم نشاطات القطاع الإستراتيجي بشكل دقيق والحد من تحويل البذور إلى منافذ اخرى.
وأوضح المهندس الفلاحي، أحمد مالحة، في تصريح لـ”المصدر” أن هذا القرار سيعمل على إعادة توجيه السياسة الزراعية، للتي تهدف إلى التحسين المستثمر للمنتجات الفلاحية الوطنية، ورفع الإنتاج.
يسترسل بالقول “غير أن هذه العملية تحتاج إلى إلية واضحة وعملية من أجل تتبع مسار الإنتاج والحرص على جرد وإحصاء المحاصيل الزراعية المغروسة، وكذا إعادة توجيه السياسة الزراعية”.
يضيف “التوجه نحو الإحصاء سيعمل على إلغاء المعلومات المغلوطة التي لا تتطابق مع الواقع والميدان في ظل وجود نشاطات فلاحية موازية يصعب تحويلها للإطار الرسمي، وهو ما يسمح لتتبع مسار الحبوب الموزعة من قبل التعاونيات الفلاحية”.