
تهتم الحكومة برصد الإشكاليات التقنية المطروحة على مستوى المنشآت المينائية والمنشآت البحرية الوطنية، من أجل إعداد وتنفيذ مجموعة من الحلول الاستباقية لمواجهة والحد من تأثيرات التحولات المناخية على هاته المنشآت، يبدأ بإنجاز دراسات نموذجية مثالية للمشاريع المينائية ومشاريع تهيئة الطرقات الساحلية.
توفيق أقنيني
ولأن السلامة البحرية تمثل أهمية قصوى في المرافق البحرية مثل الموانئ والمرافئ وأحواض بناء السفن، حيث أن هذه المناطق غالبا ما تكون مزدحمة بالآلات الثقيلة وعمليات الشحن وعدد كبير من الناس، فإن ضمان السلامة البحرية في هذه المرافق، يساعد على تقليل مخاطر الحوادث وتقليل المسؤولية والحفاظ على بيئة عمل آمنة وصحية للموظفين والمقاولين والزوار، بما يدعم الأهداف الاقتصادية لهاته الهياكل والمنشآت اللوجيستية.
خطة طوارئ تشمل زيادة التمويل والتنسيق الوزاري
وفي هذا السياق، أفاد الخبير الاقتصادي نبيل جمعة، بأن: “الدور الذي تلعبه المنشآت المينائية والبحرية في أي اقتصاد، هو دور حيوي، على غرار دورها في الاقتصاد الجزائري، حيث تمثل بوابة البلاد الرئيسية للتجارة الدولية، وتشمل المنشآت المينائية، الموانئ التجارية والموانئ العسكرية، فيما تشمل المنشآت البحرية، الموانئ السياحية وموانئ الصيد، وتمتلك الجزائر 12 ميناءً تجارياً منها 9 موانئ رئيسية و3 موانئ ثانوية، وتعتبر موانئها من الأهم في منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث تبلغ حركة البضائع فيها حوالي 100 مليون طن سنويا، بينما تشمل المنشآت البحرية في الجزائر، حوالي 20 ميناء سياحي وعدة موانئ للصيد، فيما تعد الموانئ السياحية من أهم مصادر الدخل القومي للجزائر، حيث تستقبل 2 مليون سائح سنويا”.
وأضاف في تصريح لجريدة “المصدر” بأن: “المنشآت المينائية للجزائر تعرف إشكاليات تقنية منذ 30 سنة، تتعلق أساسا بنقص الصيانة وتأخرا الترميم، إضافة إلى الافتقار للتقنيات الحديثة كالرقمنة وأنظمة رفع الحاويات بالذكاء الاصطناعي، وكل هذا راجع إلى نقص واضح في تمويل مشاريع داخلية بالمنشآت المينائية، وكل هذا يؤثر على كفاءاتها التشغيلية وعلى تسيير الميناء من الجانب التقني”.
وتابع محدثنا بأن: “كما تتعرض هاته المنشآت لعدد من العوامل الطبيعية، كالعواصف والأعاصير، مما يمكن أن يؤدي إلى أضرار جسيمة، ولاحظنا مؤخرا تأثير ظروف مناخية سلبيا على موانئ الجزائر، خاصة التجارية، فيما يتعلق بإحداث مشاكل تقنية تسببت باضطرابات بالتسيير العقلاني لها”.
واستطرد يقول: “الجزائر تحتاج إلى اتخاذ إجراءات استباقية سريعة لمواجهة المشاكل التقنية المتعلقة بالمنشآت المينائية، ومن أهمها زيادة التمويل لهاته الموانئ، بما فيها التمويل المخصص للصيانة والترميم لهذه المنشآت، إضافة إلى تحديث تقنيات الإدارة ورقمنته، وكذا ضرورة إدراج أنظمة الذكاء الاصطناعي في تسيير المنشآت المينائية، وكل هذا لرفع كفاءاتها التشغيلية على غرار رفع السلع الكبيرة وتخزينها وتسييرها، إضافة إلى عمليات تفريغ البواخر التي لطالما تطلبت تكاليف كبيرة، فالجزائر خلال 30 سنة السابقة كانت تدفع أموالا باهظة لتفريغ البواخر بقيمة 2 مليار دولار سنويا”.
وأشار جمعة إلى أنه: “بالنسبة للمنشآت البحرية، فإنها تتأثر من التغيرات المناخية العالمية أفقيا وعموديا، حيث تؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة شدة العواصف والأعاصير، ما يتسبب في الغرق الجزئي أو الكلي لبعض المنشآت الساحلية، الإضرار بالمنشآت البحرية الموجودة في المناطق المعرّضة للعواصف والأعاصير، وكذا زيادة في تكاليف الصيانة والترميم لهاته المنشآت البحرية”.
واستطرد يقول بأن: “المنشآت البحرية في الجزائر تحتاج لاتخاذ حلول سريعة واستباقية لمواجهة تأثير التحولات المناخية، على غرار رفع مستوى المنشآت الساحلية عن مستوى سطح البحر، إضافة إلى تقوية هاته المنشآت البحرية لمقاومة العواصف والأعاصير، وكذا وضع خطة طوارئ لمواجهة الأضرار التي قد تلحق بالمنشآت البحرية، وهنا أشير إلى أن خطة الطوارئ يجب أن تكون قبلية وفورية وبعدية”.
وأوضح الخبير الاقتصادي ذاته بأن: “المنشآت المينائية والبحرية الموجودة في الجزائر، جيّدة التطور بشكل عام، لكنها تواجهها العديد من التحديات تتعلق أساسا بنقص التمويل والافتقار إلى التقنيات الحديثة الجد متطورة كالرقمنة والذكاء الاصطناعي، والبرمجيات المتطورة لتسيير نقل البضائع حتى عبر الربوتات”.
وتابع: “علينا تخصيص أظرفة مالية بشكل سريع لصيانة هاته المنشآت، إضافة إلى تحديد قائمة من التقنيات الجديدة التي يجب استقدامها حسب المعايير الدولية ووفق تدابير وقائية متطورة.. رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون تحدث في 54 نقطة عن ضرورة التنسيق بين القطاعات، لذا علينا وضع خطة وطنية شاملة بسرعة لتطوير المنشآت المينائية والمنشآت البحرية، ويجب زيادة التعاون بين الجهات الحكومية والخاصة في هذا السياق، على غرار قطاعات التجارة والمالية والنقل والجمارك والأشغال العمومية، كما يجب الاستفادة كذلك من الخبرات الدولية في تطوير هاته المنشآت، ولاحظنا مؤخرا أن هناك اتفاقيات بين الجزائر والصين من أجل الاستفادة من خبرتها بهذا المجال، وهي الدولة التي تطورت كثيرا، وعلينا مواصلة مسار نقل الخبرات الدولية إلى بلادنا”.
اجتماع تنسيقي بمختبر الدراسات البحرية
هذا وقام وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية لخضر رخروخ، بزيارة عمل إلى مختبر الدراسات البحرية التابع لمجمع دراسة المنشآت، المراقبة والمساعدة، أين ترأس اجتماعا تنسيقيا خصص لعرض نشاطات المختبر والإشكاليات التقنية المطروحة على مستوى المنشآت المينائية.
كما عقد الوزير رخروخ اجتماعا تنسيقيا حضرته الإطارات المركزية للقطاع، الرؤساء المدراء العامون لكل من مجمع دراسة المنشآت المراقبة والمساعدة، مختبر الدراسات البحرية، والمدراء العامون لكل من الشركة العمومية المتوسطية للأشغال البحرية والوكالة الوطنية للإنجاز المنشآت البحرية، بالإضافة كذلك إلى مسؤولي الهيئة الوطنية للرقابة التقنية للأشغال العمومية، وكذا إطارات ذات المختبر.
وخلال الاجتماع، استمع الوزير إلى عرض حول النشاطات التي يتخصص فيها مختبر الدراسات البحرية، الذي يعتبر رائدا في مجال تصميم المنشآت وإنجاز التجارب على المجسمات الصغيرة لضمان ديمومة المنشآت في الوسط البحري، وكذا عرض يخص دراسات نموذجية للمشاريع المينائية وتصميم مشاريع لتهيئة الطرقات الساحلية.
كما تم التطرق خلال هذا اللقاء إلى مختلف الإشكاليات التقنية المطروحة على مستوى المنشآت المينائية، والحلول الاستباقية التي يتم اللجوء إليها في ظل التحولات المناخية وتأثيرها على المنشآت البحرية.
وفي ذات الصدد، أبرز الوزير رخروخ أهمية تثمين الكفاءات والمكتسبات وتصدير الخبرات، مؤكدا على ضرورة تدعيم مختبر الدراسات البحرية بالإمكانيات البشرية وإيلاء الأهمية لمجال التكوين والرقمنة.
طلب مساعدة مالية اووظيفة ورقم هاتف 0658950780وشكرا