
شُرع بنهاية الأسبوع الماضي في تسويق اللحوم البيضاء “الدجاج” بسعر 295 دينار للكيلوغرام الواحد، عبر كامل التراب الوطني، في إجراء عاجل قامت به وزارة الفلاحة والتنمية الريفية بالتنسيق مع وزارة التجارة وترقية الصادرات، في إطار الجهود الرامية إلى المحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين وكبح جماح الأسعار ومراقبة تطورات السوق وإعادة التوازن له.
وتتم هذه العملية عبر كل الوحدات التابعة للديوان الوطني لتغذية الأنعام وتربية الدواجن “أوناب” والشركة الجزائرية لضبط المنتجات الفلاحية “ساربا”، وكذا الفضاءات التجارية الكبرى ومحلّات القصابة عبر كامل التراب الوطني.
وتأتي هذه الخطوة في إطار سلسلة من الإجراءات المسطرة من طرف الحكومة التي تهدف إلى تنظيم السوق وضبط الأسعار، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب بما يخدم مصلحة المستهلكين، على أن تواصل المصالح الخارجية لقطاعي الفلاحة والتجارة متابعة تطور وضعية السوق الوطنية لاتخاذ الإجراءات الاستباقية اللازمة.
من جهته أكد وزير التجارة وترقية الصادرات، الطيب زيتوني، ضخ مخزون من 11 ألف طن من الدجاج في السوق الوطني ابتداء من يوم الخميس الماضي، سيصل تدريجيا إلى 14 ألف قصابة منتشرة في أرجاء البلاد، بهدف خفض سعر هذه اللحوم إلى 295 دينارا للكيلوغرام.
وأضاف زيتوني، في تصريحات للصحافة على هامش إشرافه على حفل توزيع الشهادات على الطلبة المتخرجين من مركز التكوين التابع للغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة، أن “ارتفاع أسعار الدجاج الذي انتقل من 350 دينار للكيلوغرام إلى أكثر من 500 دينارا في بعض الأسواق، راجع إلى المضاربين الذين يحاولون تكوين عصابات للتحكم في الأسعار”، مؤكدا أن مصالحه تمكنت من “تحديد كل المضاربين وسيتم اتخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم”.
وكانت أسعار اللحوم البيضاء قد شهدت في الفترة الأخيرة ارتفاعاً جنونيا، حيث قفز سعر الكيلوغرام الواحد إلى أكثر من 500 دينار، ما أثار قلقاً واسعاً لدى المستهلكين الذين يعتمدون بشكل كبير على هذه المادة الغذائية الأساسية، في ظل تراشق للتهم بين هذا وذاك حول هوية المتسبب الحقيقي في هذا الارتفاع.
وكتعقيب له حول الموضوع، أوضح فادي تميم، المنسق الوطني لمنظمة حماية المستهلك، أن ضخ وزارة الفلاحة لكميات من اللحوم البيضاء تأتي في إطار الدور الأساسي لدواوين الضبط في تحقيق استقرار السوق وحماية المستهلكين من تقلبات الأسعار الحادة، مشيرا إلى أن الوقت المتأخر نوعا ما في القيام بها، ومؤكدا أن نجاح هذه العملية في تحقيق الأثر المطلوب يعتمد بشكل كبير على حجم الكميات التي سيتم ضخها والمدة الزمنية التي ستستمر فيها.
وقال تميم في حديث له مع المصدر، أن دواوين الضبط تلعب دوراً حيوياً في تنظيم السوق، حيث تتدخل لشراء منتوجات عندما تنخفض أسعارها إلى مستويات قياسية، وذلك بهدف تجنيب التجار والفلاحين خسائر فادحة، وأكد تميم أن هذا التدخل لا يقتصر على حماية المنتجين فحسب، بل يمتد ليشمل حماية المستهلكين أيضاً، مشيراً إلى أنه في حال ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية، كما حدث مؤخراً، تقوم هذه الدواوين بضخ الكميات التي اشترتها سابقاً بهدف تخفيف العبء على المستهلكين وتحقيق نوع من التوازن في السوق.
ورغم أهمية هذه الخطوة، أبدى تميم تحفظه على توقيت تدخل دواوين الضبط، مشيراً إلى أن هذا التدخل كان يمكن أن يكون أكثر فعالية لو تم في وقت أبكر، وقال في هذا الصدد: “لقد قلنا دائماً إن تدخل دواوين الضبط يأتي متأخراً بعض الشيء، لو كانت هذه الدواوين قد تدخلت في وقت أبكر، لكان الأثر الذي ستحدثه على السوق والمستهلكين أكثر إيجابية”، وأوضح أن توقيت التدخل يلعب دوراً حاسماً في تحقيق الهدف المنشود، وهو استقرار الأسعار وتخفيف العبء عن المستهلكين.
وفيما يتعلق بالكميات التي تم ضخها في السوق، أشار تميم أن نجاح هذه العملية في تحقيق الأثر المطلوب يعتمد بشكل كبير على حجم الكميات التي سيتم ضخها والمدة الزمنية التي ستستمر فيها العملية، وأوضح قائلاً: “إذا كانت الكميات التي تم ضخها قليلة، فإن الأثر سيكون ضئيلاً، ولن تمر سوى أيام قليلة حتى تعود الأسعار للارتفاع مجدداً”، وأضاف تميم أن المستهلكين يأملون في أن تقوم الحكومة بضخ كميات أكبر من اللحوم البيضاء لضمان استقرار الأسعار على المدى الطويل. وأكد المنسق الوطني لمنظمة حماية المستهلك على ضرورة تعزيز هذه الخطوة لضمان تحقيق الأثر المطلوب، مشيراً في الختام، أن توفير مادة استهلاكية واسعة الإقبال مثل اللحوم البيضاء بأسعار مناسبة هو أمر إيجابي، لكنه يحتاج إلى استمرارية وضمان توفر الكميات الكافية لضمان استقرار السوق والأسعار.