
يشهد عالم اليوم تطورا ملحوظا في مجال الاقتصاد الرقمي الذي يعتمد على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي و الامن المعلوماتي و امام التطورات الاخيرة لم تبقى الجزائر مكتوفة الايدي بل باشرت في تحقيق قفزة نوعية في السنوات الاخيرة القليلة و واكبت ما يحصل من تطورات في العالم خاصة في مجال التحول الرقمي و رقمنة العديد من القطاعات الحساسة في البلاد و التي لها علاقة مباشرة مع المواطنين و المستهلكين و عرفت تقدما في رفع رهان تحقيق اقتصاد معرفي.
حاوره: علال حطاب
وقد أعرب رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، عن ارتياحه للمجهودات المبذولة في تقدم معدل رقمنة البيانات والمعطيات في عديد القطاعات.
بخصوص التقرير المرحلي المتعلق بمدى تقدم الرقمنة، سجل رئيس الجمهورية، لدى ترؤسه مجلس الوزراء، يوم الاحد، “بارتياح المجهودات المبذولة في تقدم معدل رقمنة البيانات والمعطيات في عديد القطاعات”، داعيا إلى “المزيد من التفاعلية والتنسيق بين القطاعات الوزارية، خاصة في الشق المتعلق بسياستنا الاقتصادية المنتهجة”، بحسب ما أوضحه المصدر ذاته.
وحث الرئيس تبون في هذا الصدد على “بذل المزيد من الجهود والفعالية في تجسيد التوجيهات الهادفة إلى تسريع الرقمنة”، وفقا لبيان مجلس الوزراء.
لمعرفة واقع الرقمنة و التحول الرقمي و هل نجحت الجزائر في الوصول فعلا الى تحقيق اقتصاد رقمي تنقلت يومية المصدر الاقتصادي الى احد الخبراء في تكنولوجيات الاعلام و الاتصال البروفيسور يونس قرار و كانت لنا معه هذه الوقفة الحوارية .
بداية، هل المنصات الرقمية تلعب دور كبير في خلق الثروة و تعزيز النمو الاقتصادي ؟
في الحقيقة الرقمنة لم تصبح خيارا بل ضرورة عصرية لا يمكن ان نعيش في عالم منعزل عن التكنولوجيات الحديثة و ما يخفيه الذكاء الاصطناعي من تحولات تكنولوجية رهيبة ، الجزائر لكي لا تبقى على هامش ما يحدث في العالم تسعى جاهدة لتساير و تواكب هذه التطورات الحاصلة عبر العالم في مجالات الرقمنة ، هذه المنصات الالكترونية بطبيعة الحال اولا تساعد في تحسين الخدمات للمواطن الجزائري و تحسين العلاقة ما بين المواطن و الادارة و ترشيد و اقتصاد النفقات و اضفاء الشفافية في دراسة مختلف الملفات الادارية و الحد من البيروقراطية و الرشوة ، هذه التكنولوجيات تظهر مهن جديدة لتطوير المنصات و حماية الشبكات فهي خدمات جديدة تحتاجها الادارة الجزائرية.
هل رفع تحدي رقمنة المؤسسات الحكومية من ضمن استرتيجية الدولة الجزائرية ؟
بالطبع المؤسسات المعنية بالرقمنة هي المؤسسات الحكومية التي تتعامل الاكثر مع المواطنين كشركة المياه و شركة الكهرباء و شركة الاتصالات و غيرها من المؤسسات الحكومية التي لها الاحتكار و تقدم الخدمات الالكترونية للمواطنين و لهذا بدت الحكومة الجزائرية تركيزها على رقمنة هذه القطاعات الحساسة و التي لها علاقة مباشرة مع المواطنين و لها اكثر نسبة من السوق التجاري ضف الى ذلك المؤسسات الخاصة التي هي الاخرى معنية ايضا بالرقمنة مثلا في مجال توفير المواد الغذائية في البناء في السياحة و غيرها من القطاعات الخاصة التي يجب الاهتمام بها و العمل على رقمنتها بحكم انها تتعامل مع الزبائن و المواطنين و لهذا يجب عليها ان تنخرط في استراتيجية الرقمنة للحفاظ على مكانتها في السوق و تحسين خدماتها .
الا تعتقدون ان التحول الرقمي و ادراج الذكاء الاصطناعي له دور في التنمية الاقتصادية ؟
بطبيعة الحال عندما نتكلم على الوسائل الالكترونية معناها استعمال البيانات و المعطيات الدقيقة الخاصة بالمواطنين و المؤسسات الجزائرية التي عددها يتزايد اكثر فأكثر فلابد من استعمال التقنيات الجديدة للاستفادة من هذه المعطيات كاستعمال الذكاء الاصطناعي على سبيل المثال و بالتالي يتم تنبيه المسؤولين على القطاعات الاقتصادية بمعرفة ما ينتظرهم في المستقبل و بالتالي بإمكانهم اتخاذ القرارات الصحيحة و استحداث برنامج وطني ،اذن نستطيع ان نقول ان الذكاء الاصطناعي فرض نفسه و ضروري جدا ان يتم ادراجه في استراتيجية رقمنة القطاعات لتحسين خدمات المؤسسات الاقتصادية لفائدة المواطنين و المستهلكين و بالتالي يلعب دور كبير و مباشر في التنمية الاقتصادية .
ما هي المرتبة التي تحتلها الجزائر في مجال التحول الرقمي عربيا و افريقيا و دوليا ؟
هناك الكثير من المنظمات تصدر تقارير سنوية حول مدى تقدم البلدان و العالم بصفة عامة في مجالات الرقمنة و الذكاء الاصطناعي و غيرها و تعتمد على مؤشرات تختلف من هيئة الى هيئة كالاتحاد الدولي للاتصالات الى جانب اليونيسكو ،البنك الدولي و غيرها من الهيئات التي تصدر تقارير من شأنها تعطي فكرة للبلدان لمعرفة مدى تطورها في مجالات التكنولوجية و الرقمنة و الاقتصاد المعرفي ،يمكن القول بان الجزائر كانت في السنوات الماضية من ضمن المراتب الاخيرة إلا ان منذ سنتين عرفت قفزة نوعية في خدمة الانترنت التي عرفت تطورا ملحوظا و انتقلت الجزائر من 100 الف مشترك في الالياف البصرية الى اكثر من مليون مشترك خلال بداية سنة 2024 و هذا مؤشر ايجابي يميز تقدم الجزائر في المرتبة ضف الى خدمات اتصالات الجزائر التي كانت في السابق سرعة تدفق الانترنت لا تتجاوز 2ميقابيت في الثانية اما اليوم هناك عروض لـ300مقابيت في الثانية هذا شيئ ايجابي للغاية ضف ايضا الى المؤسسات الناشئة المختصة في الحلول الذاكية و الالكترونية ما جعل الجزائر تتقدم و تثبت مكانتها عربيا و افريقيا و عالميا و ما يجب العمل عليه هو المواصلة في التقدم و مواكبة ما يحدث من تطورات في مجالات التكنولوجية عبر العالم و تحفيز المؤسسات الخاصة في تطوير التقنيات الحديثة لتحقيق مراتب عليا مستقبلا اقليميا و دوليا.
هل وصلت الجزائر فعلا الى تحقيق اقتصاد رقمي ؟
الاشكال المطروح حاليا هو ان في الجزائر هناك قطاعات بذلت جهود كبيرة و تطورت في مجال التحول الرقمي وهناك قطاعات اخرى لا زالت متخلفة و لم تتطور بعد و لهذا يمكننا القول ان الجزائر لم تصل بعد لتحقيق الرهان المنتظر و لا زال عمل كبير ينتظر الجزائر لتحقيق الوصول الى الاقتصاد الرقمي و مواكبة ما يحدث في العالم من تطور في الاقتصاد الرقمي و الاستثمار في الروبوتيك و غيرها من التقنيات الحديثة الان الاقتصاد الرقمي يعتمد على التكنولوجيات الجديدة كالذكاء الاصطناعي و الامن المعلوماتي كحماية الهجمات الالكترونية و غيرها و لهذا يجب استغلال الكفاءات الجامعية المتخرجة و تكوينها في شتى الاختصاصات التي بحاجة اليها الجزائر في مثل هذه الاختصاصات المتصلة بالرقمنة و التحول الرقمي لتحقيق تطور حقيقي في شق الاقتصاد الرقمي و بالتالي تطوير مختلف القطاعات كقطاع العدالة و وزارة الداخلية و الى جانب عدة قطاعات اقتصادية ايضا .
في الأخير، كيف ترون دور رقمنة القطاعات الاقتصادية في جلب الاستثمارات الاجنبية ؟
المستثمر الاجنبي عندما يأتي الى الجزائر يحتاج الى بيئة تساعده للاستثمار من تدفق السريع للانترنت و غيرها من حلول الكترونية و هو بحاجة ايضا الى كفاءات من شأنها توفر هذه الحلول الالكترونية و يحتاج الى استقرار و تحفيزات كالتسهيل في الاجراءات الادارية و وضع قوانين تحفيزية و تخفيف من الضرائب لجلب هؤلاء المستثمرين من خارج الوطن و الى الجزائر .