صاحب إعلان وزارة الشؤون الدينية والأوقاف عن نصاب الزكاة لعام 1445 هـ الكثير من التساؤلات والجدل حول الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع قيمة النصاب بالدينار الجزائري في السنوات الأخيرة.
حسان بوزنون
فبينما رأى البعض أن هذا الارتفاع مرتبط مباشرة بالتضخم، تبرز حقائق مختلفة تفند هذا الربط وتوضح أن هناك عوامل أخرى تلعب دورًا أكبر في تحديد قيمة نصاب الزكاة.
في هذا الشأن نفى المختص في الاقتصاد الإسلامي سليمان ناصر ارتباط قيمة النصاب بالدينار الجزائري بالتضخم مؤكدا أن محاولة تفسيره بهذه الطريقة خاطئ علميا، موضحا كيف أن لارتفاع اسعار الذهب محليا أو عالميا التأثير الجوهري في ذلك.
وقال سليمان ناصر عبر صفحته على الفيسبوك إطلعت عليها “المصدر”: “ربط هذه العملية بالتضخم واعتبارها طريقة لقياسه؛ عملية خاطئة وغير دقيقة”. يوضح أن نصاب الزكاة يقاس كل سنة بالذهب بمقدار 85 غرام، حسب المذهب المالكي، وقد يختلف الوزن في مذاهب أخرى. فإذا ارتفع سعر الذهب زاد النصاب، والعكس صحيح.
وأضاف في إجابته الموجهة لعموم الجمهور : “ما نشهده في الشهور الأخيرة بل وحتى السنوات الأخيرة هو ارتفاع في سعر الذهب لكثرة الطلب عليه، سواء على المستوى الجزئي أو الكلي”.
وأوضح بالقول: “على المستوى الجزئي، يُعتبر الذهب ملاذًا آمنًا وأفضل مستودع للمدخرات للأفراد والعائلات في ظل تدهور قيمة العملة الوطنية. على المستوى الكلي، هناك تزايد في شراء الذهب عالميًا كسلعة استراتيجية من طرف البنوك المركزية، خاصة البنك المركزي الصيني وبنوك غربية أخرى”.
هكذا ارتفعت أسعار الذهب في السنوات الأخيرة
و شهدت أسعار الذهب من عيار 18 قيراط ارتفاعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، وفقاً لما أعلنته الوكالة الوطنية لتحويل وتوزيع الذهب (أجينور). ففي عام 1442 هـ، كان سعر الغرام الواحد من الذهب يبلغ 8600 دينار جزائري، بينما بلغ نصاب الزكاة حينها 73.1 مليون دينار.
في العام التالي، 1443 هـ، ارتفع سعر الغرام إلى 9600 دينار، مسجلاً زيادة بنسبة 11.62 %، وبلغ نصاب الزكاة 81.6 مليون دينار. استمرت الأسعار في الارتفاع في عام 1444 هـ، حيث وصل سعر الغرام إلى 10500 دينار، بزيادة قدرها 9.37 % عن العام السابق، وبلغ نصاب الزكاة 89.25 مليون دينار.
أما في عام 1445 هـ، فقد شهدت أسعار الذهب ارتفاعاً كبيراً، حيث وصل سعر الغرام إلى 13000 دينار، بزيادة بلغت 23.80 % عن العام السابق، وبلغ نصاب الزكاة 110.5 ملايين دينار.
أما على المستوى العالمي فتشهد أسعار الذهب ارتفاعاً مستمراً، حيث يعتبر ملاذاً آمناً للاستثمار. حتى أن البنوك المركزية، مثل البنك المركزي الصيني، تقوم بشراء كميات كبيرة من الذهب لتكوين احتياطياتها. حيث زادت قيمة احتياطيات الصين من الذهب، شهر أفريل الماضي، بمقدار 6 مليارات دولار، بعد أن اشترت نحو 60 ألف أونصة إضافية (ما يعادل 1.8 طن) من المعدن الأصفر خلال شهر واحد فقط.
تتأثر أسعار الذهب في السوق العالمية بعدة عوامل، من بينها تقلبات الأسهم. فعندما تشهد الأسواق المالية انخفاضاً مفاجئاً، يتجه المستثمرون عادةً نحو شراء الذهب كملاذ آمن.
نصاب الزكاة..
وكانت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف قد حددت نصاب الزكاة للعام الهجري 1445 هـ بـ 1.105.000 دينار جزائري. يتم حساب النصاب كالتالي: 85 غرام × 13.000 دينار = 1.105.000 دينار. يجب على المكلفين بالزكاة إخراج ربع العشر، أي ما يمثل 2.5 % من كل مال بلغ النصاب وحال عليه الحول من النقود أو العروض التجارية والسلع التي تقوم بسعرها في السوق يوم زكاتها.
ولتسهيل عملية دفع الزكاة، توفر الوزارة الحسابات البريدية الولائية التابعة للديوان الوطني للأوقاف والزكاة وخدمة التحويل الإلكتروني عبر “بريدي موب”.
ويولي الجزائريون أهمية كبيرة لأداء ركن الزكاة، حيث لا يتوانى أغلبهم عن دفعها في وقتها، كما يهم الكثيرون للاستفسار حول كيفيات تسديدها و شروطها و ماغير ذلك. و جرى عرف وسط المجتمع الجزائري بدفع الزكاة لمستحقيها بمناسبة يوم عاشوراء المبارك و الذي يوافق يوم العاشر من محرم من كل سنة هجرية. و ينشغل العديد من التجار و أصحاب الأعمال هذه الأيام بالقيام بعملية الجرد و الحسابات السنوية.