فلاحة
أخر الأخبار

إعادة بعث السد الأخضر بأبعاد إستراتيجية وتنموية 

تعليمات الرئيس تبون باستحداث مؤسسات شبانية في مجال التشجير

عاد مشروع السد الأخضر إلى الأضواء مجدّدا بعدما أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون على ضرورة إعادة تأهيله مجددا وفقا لدفتر شروط خاص، وذلك ضمن اجتماع مجلس الوزراء الذي جرى مطلع الأسبوع المنصرم، حيث أصبح المشروع ذو أهمية كبيرة والدفع به مجددا تأكيد على سعي الجزائر إلى تجسيده ميدانيا بعدما بقي حبيس الأدراج واقتصر على مبادرات تطوعية من الجمعيات الناشطة في مجال التشجير، حيث أعطى الرئيس تبون تعليمات من أجل إعادة بنائه مجددا وفق دفتر شروط خاص، من خلال استحداث شركات شبابية تعمل في مجال التشجير والعناية ومتابعة الاستغلال تساهم بالوقوف على المشروع ومتابعة جميع مراحله.

إعداد: عيشة ق.

وسوف يشمل مشروع السد الأخضر الولايات عبر التراب الوطني، وبصفة خاصة مناطق الكثبان التي سوف يشملها تعميم غرس الأشجار من اجل إيقاف زحف الرمال، وكان تمّ تخصيص ميزانية بقيمة 75 مليار دينار ضمن إعادة تأهيل السد الأخضر المتعلق بعمليات التشجير ومكافحة التصحر وذلك على مدار الفترة 2023 و2030 حسبما كشفته تصريحات سابقة لمسؤولين في المديرية العامة للغابات، حيث يتضمن البرنامج عمليات تشجير أزيد من 17 ألف هكتار على مدار سبع سنوات، وعمليات تنموية أخرى لإعادة الاعتبار للسد الأخضر

لعلى بوخالفة خبير فلاحي:

بعث مشروع السد الأخضر شهد نقلة ايجابية اقتصاديا

أشاد الخبير الفلاحي لعلى بوخالفة بالتحول الذي يشهده مشروع السد الأخضر الذي جرى إحياؤه مجددا، بعدما توسّع لاستهداف الانتفاع منه عبر عدة جوانب سواء اقتصاديا، اجتماعيا وبيئيا، وهو الذي كان عبارة عن حاجز من أجل إيقاف زحف الرمال من الجنوب نحو الشمال خلال عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، أين اعتبره من المشاريع الكبرى، حيث يبلغ طوله 1700 كم وعرضه 20 كم، بعدما شهد توسّعا واستحداثا عما كانت عليه الفكرة السابقة له التي كانت تعتمد على اعتبار السد الأخضر حزاما من الأشجار من الغرب نحو الشرق مرورا بالهضاب العليا، لكن المستجدات دفعت بالمسؤولين إلى توسيعه حتى يشمل 1700 كم من الإقليم الوطني، ويسمح بالتالي من تجسيد مشروع السد الأخضر عبر مساحة تمتد إلى 3.4 مليون هكتار، والذي سوف يعود بمنفعة كبيرة من عدة نواحي سواء بتدعيم قطاع الغابات أو إحداث التنوع في الاقتصاد الوطني والمناخ.

أفاد بوخالفة في تصريحاته مع “المصدر” أن مشروع السد الأخضر شهد نقلة كبيرة في حيثياته والأهداف المنوطة منه، حيث شهد تحولا من الاعتماد على غرس أشجار الصنوبر إلى ابتكار فكرة جديدة تتعلّق باختيار أنواع الأشجار التي تتوجه نحو الغرس حسب المنطقة التي تتلاءم معها سواء من ناحية المناخ والتربة التي تكون مناسبة من أجل نموها، أين أظهرت الدراسات العلمية إن الأشجار المثمرة التي تتناسب مع جو المناطق المخصصة لغرس الأشجار تتعلق بالزيتون، الفستق والصنوبر الحلبي، التي تملك نواة مثمرة وتتحمل الجفاف وتتأقلم مع ملوحة التربة، وأردف أنّ تجسيد مشروع السد الأخضر لا يقتصر على وزارة الفلاحة فحسب بل يعتمد على مساهمة جماعية لعدد من الوزارات الوصية على غرار الري، التعليم العالي والداخلية، حيث يساهم هذا المشروع في امتصاص البطالة بصفة كبيرة، في ظل تخرج 250 ألف إطار سنويا من الجامعات الجزائرية أين يتطلب الأمر تهيئة مناصب عمل لهم، أين أثنى على خطوة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بإعطاء الفرصة إلى المؤسسات الناشئة للمساهمة في هذا المشروع، خاصة وأنه لا يقتصر على غرس الأشجار فحسب، بل يستلزم توفير المياه وبناء الحواجز المائية والأحواض، معرفة الطريقة النسب للري واختيار الأشجار المناسبة، وهي العملية التي تتطلب اعتماد تقنيات علمية حديثة والاستعانة بيد عاملة تساعد في إيجاد الحل لتوظيف خريجي الجامعات.

اعتبر لعلى لوخالفة ان الجزائر بلد فلاحي قادر على استغلاله من أجل تجسيد هدف السلطات العليا بالاعتماد على التنوع الاقتصادي من خلال توجيه منتوجات الأشجار من الفستق والزيتون نحو الاستهلاك المحلي والانتقال إلى التصدير بتواجد الفائض في الإنتاج، خاصة ما تعلق بالفستق والزيتون اللذان يبقيان مطلوبين عالميا بشكل كبير، حيث تصنّف بلادنا بين أرقى البلدان الرائدة في المجال الفلاحي خاصة في حوض البحر المتوسط، لكنها لا تستفيد من الامتيازات الطبيعية التي تملكها بتواجد دول على غرار تركيا تونس واليونان تتجاوزها في الانتاج رغم أنها تملك مساحة شاسعة، تستفيد من خلالها في بناء الاقتصاد الوطني وخلق الغطاء النباتي بمساحة تمتد 3.4 مليون هكتار تعود بالنفع على المناخ بتخفيف درجات الحرارة ولكن ذلك يتحقق بتجسيده عبر المعايير المحدّدة يضيف محدّثنا.

السد الأخضر يساهم في إحياء المناطق السهبية

أكّد الخبير الفلاحي في السياق ذاته، أن تجسيد مشروع السد الأخضر يتطلب وقتا كافيا من أجل تجسيده من خلال زراعة المساحة التي تمتد عبر 3.4 مليون هكتار تحسبا لتحضير الشتلات التي لا نتوفر عليها حاليا، وتهيئة التربة المناسبة وتوفير المياه من أجل سقي الأشجار، أين يمتاز بالأهمية مقارنة بما كان عليه في السابق بعدما كان موضوع في طي النسيان قبل مبادرة إخراجه إلى النور مجددا، وبالتالي يستوجب إعطاؤه المتابعة الميدانية اللازمة والرقابة المطلوبة، باعتبار أن غيابهما سيجعله يؤول إلى الفشل حسب المعني، الذي اوضح أن المتطلبات تستوجب وضع لجان مختصة من أجل الوقوف على المشروع يوميا ومراقبة اختيار الشتلات التي تناسب المناطق الموجهة نحوها، وهو ما يجعل المشروع يستمر تجسيده سنوات من أجل أن يعود على اليلاد بنتائج إيجابية من كافة النواحي، وأضاف بوخالفة أن الانطلاق في تدسيد مشروع السد الأخضر سوف يدفع إلى إحياء المناطق السهبية وإعادة الإخضرار لها، حيث تنتشر عبر مساحة 30 مليون هكتار يجعل الاستفادة منها يعود بالمنفعة في ظل تواجدها جرداء خالية من الغطاء النباتي وامتداد زحف الرمال نحوها أين كانت في وقت سابق مرعى للماشية.

شدّد لعلى بوخالفة بالدور الهام المنتظر من تجسيد مشروع السد الأخضر والتي تتفرّع إلى الاقتصادي، الاجتماعي والبيئي، أين يبقى مكسبا كبيرا للجزائر في حال تجسيده خاصة وأن فوائده اقتصاديا هامة جدا من خلال استغلال ثمار الزيتون وزيت الزيتون نحو التصدير عند تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير الفائض في الانتاج، إضافة إلى السماح بتعديل المناخ من خلال مساهمة الغابات بتلطيف الجو، وتمتد منافع المشروع إلى تقديم الجودة في اللحوم وتقليص فاتورة استيراد اللحوم الحمراء بصفة خاصة، وذلك في حال الاستثمار في غرس المناطق السهبية والتي يسمح خلالها نمو الأعشاب إلى تحولها لأعلاف يستفيد منها الموالون لإطعام الماشية والتقليص من استعمال الأعلاف المركزة والمدعمة في بعض الأحيان على غرار الشعير والنخالة التي تصنع من مواد مستوردة مثل الذرة الصفراء والسوجا التي تعرف أسعارها ارتفاعا جنونيا في الأسواق العالمية وتؤثر بارتفاع أسعار الماشية في السواق، حيث قال أن استغلال السهوب يضمن توفير الأعلاف مجانا للماشية ويساهم في تراجع أسعار اللحوم الحمراء والماشية التي تصبح في متناول المستهلك.

منير حنّان مهندس دولة في الهندسة المعمارية:

أهمية السد الأخضر تتطلّب دراسة عميقة

عبّر منير حنّان مهندس دولة في الهندسة المعمارية عن ارتياحه بمبادرة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بإعادة بعث مشروع السد الأخضر الذي اعتبره مفخرة الجزائر نظرا للأهمية التي يكتسبها والفوائد التي تنجم عن إطلاقه، وأوضح المتحدث في تصريحات مع “المصدر” أنه يتابع حيثيات المشروع كمتطوّع الأمر الذي دفعه غلى إنشاء صفحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت اسم “إغرس شجرة” من أجل السعي نحو تكريس هذه المبادرة وطنيا وجعلها ضمن اهتمامات المواطن من أجل السير على نفس المنوال، حيث قال أنه يقوم بتحضير فيديوهات يشرح من خلالها عن السد الأخضر ويمنح التعليمات الضرورية حول النوعية المناسبة للتربة والمناخ الذي يناسب غرس الأشجار حسب كل منطقة، ويعمل حاليا على إعداد فيديو جديد ينشره خلال الأيام المقبلة يكون من خلاله الشرح الكافي حول الموضوع.

استرسل منير حنّان حول بدايات مبادرته “إغرس شجرة” التي اقتصرت خلال انطلاقتها على المستوى المحلي من حيّه بمدينة قصر البخاري بولاية المدية منذ عام 2016، الذي كان يعاني من غياب شبه تام للغطاء النباتي، الأمر الذي دفعه إلى رفع التحدي بشعار ّ”مدينة خضراء ونظيفة” من خلال القيام بتنظيف حواف الطرقات للقيام بغرس الأشجار عليها ورفع القمامة قبل ان تتوسّع العملية التي لقيت صدى على مستوى سكان مدينة قصر البخاري الذين رحّبوا بالمبادرة وعملوا على تجسيدها دفعهم إلى رقف سقف الطموحات وتوسّعت المبادرة لتتحوّل إلى ولائية أين جرى تكريسها عبر جميع البلديات الـ64 لمدينة المدية، قبل ان تصبح وطنية ابتداء من العام 2021، حيث انتقلت مبادرة التشجير إلى جميع ولايات التراب الوطني منها الصحراء لقيت على إثرها استجابة كبيرة وتعاونا منقطع النظير من المواطنين، في انتظار تجسيدها في كل من تندوف، إليزي، جانت وتمنراست، حيث أوضح أنهم ينشطون باستمرار ويتعاملون مع جميع الولايات تمكّنوا على إثره من حصد النتائج وينتظرون تحقيق مدن مثالية خاصة في المناطق الصحراوية بعد 5 سنوات على اقصى تقدير.

طالب محدّثنا بضرورة وضع دراسات معمّقة على مشروع السد الأخضر حتى يسير على الطريق الصحيح ويتم تجسيده وفق الأهداف المسطّرة له، وذلك في ظل الاستثمار المالي الكبير الذي حدّدته له الدولة، من خلال القيام بدراسات حول نوعية التربة واستصلاح الأراضي، حيث أشاد بمبادرة سكان منطقة سرسو في مدينة عين وسارة التي تحوّلت إلى أفضل المدن جودة في إنتاج التفاح بفضل قيامهم باستصلاح الأراضي الزراعية من خلال تغيير التربة عبر الحفر على عمق 15 متر واستبدالها بأخرى أفضل جودة، أين شدّد على ضرورة متابعة الأشجار الاقتصادية لكي تساهم في الدفع بالتنمية الاقتصادية والفلاحية ببلادنا، من خلال استغلال الأشجار المثمرة التي تساهم بمنح الحطب، الأعلاف للماشية، وتساهم في إنتاج العسل، حيث تساهم العملية بالتنوع في الأشجار وتوفير مناصب العمل للمساهمة في القضاء على البطالة.

كشف المتحدّث أنه يسعى إلى تأسيس جمعية وطنية مستقبلا تحت اسم “إغرس شجرة”، أين قاموا بعقد تجمعا في إنتظار تجسيدها على أرض الواقع، واستطرد أنهم يقومون بالعمل تطوعيا رغبة منهم في نشر فكرة الإخضرار البيئي لدى الجزائريين، الذين يتجاوبون معهم من خلال التطوع بشراء الأشجار ونقلها إلى المشاتل من اجل تجهيزها لعملية الغرس، وأثنى على الوعي الذي يسود المواطنين حيث تمكنوا من غرس 8 آلاف شجرة في أسبوع واحد، بينما يبرمجون غرس 10 آلاف شجرة في الشهر، وذلك رغم نقص الإمكانيات، أين طالب بمنحهم الدعم من طرف السلطات المعنية من خلال توفير الأدوات اللازمة للعمل حتى يتمكنوا من المساهمة في تجسيد مشروع السد الأخضر والمواصلة بريتم أعلى في نشر فكرة غرس الأشجار،

فؤاد معلى رئيس جمعية الجزائر الخضراء:

المداومة على المعاينة والرقابة لنجاح المشروع

اعتبر فؤاد معلى رئيس جمعية ّ”الجزائر الخضراء” أن إحياء مشروع السد الأخضر استمرار للعمل الذي باشروا فيه من خلال القيام بحملات التشجير عبر المدن، أين أوضح أن الأهمية التي أولاها رئيس الجمهورية له يجعل ضرورة متابعته عن كثب هامة، في ظل إصرارهم على مراقبة عملية التشجير سواء على مستوى السقي والحماية من الرعي العشوائي، أين تمتد نشاطاتهم عبر 58 ولاية يقوموت خلالها بغرس الأشجار المثمرة المعمّرة المقاومة والمتجددة، والتي تعاود النمو في حال التعرض إلى الكوارث الطبيعية في صورة الحرائق، الجفاف أو القطع، أشار المتحدّث أن نجاح المشروع يتطلّب المداومة على المعاينة خاصة في المناطق الداخلية التي تعاني على مستوى أشجار الصنوبر الحلبي التي تستلزم القطع وإعادة غرسها من جديد، ومنع الرعي العشوائي الذي يقضي على الأشجار ويمنع من الحصول على النتائج المرجوة ومتابعة عملية السقي حتى تكون النتائج إيجابية تساهم في نمو الأشجار الاقتصادية التي تحيي الجانب البيئي وتساهم في الدفع بالاقتصاد الوطني.

أشار فؤاد لعلى أن جمعية “الجزائر الخضراء” تنشط منذ 10 سنوات عبر 58 ولاية وتملك عدة مشاريع تسهى إلى تحقيقها منها عملية غرس 500 الف شجرة في الصحراء والذي انطلقوا فيها، إلى جانب مشروع غرس الأشجار المثمرة عبر الغابات، واضاف أن جمعيته تهدف إلى تكثيف عملها الميداني من خلال مواصلة نشاطها دوريا وغرس الملايين من الأشجار وترسيخ الفكرة للجيل القادم لمواصلة العمل عليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى