أكد المشاركون في أشغال يوم برلماني، بالمجلس الشعبي الوطني، حول موضوع مرافقة البرلمان لسياسة إصلاح الدعم الاجتماعي، على اهمية وضرورة اشراك كل الفاعلين لإثراء النقاش حول سياسة الدعم الاجتماعي الموجه بإيجاد حلول ومناهج لإعادة توجيه الدعم الاجتماعي.
وتم الكشف خلال اليوم البرلماني عن إجمالي الإعانات الموجهة للدعم الإجتماعي خلال 2021، والتي بلغت 5000 مليار، في حين تستفيد الأسر الغنية 7 مرات من الوقود المدعم مقارنة بالأسر الفقيرة، كما يستحوذ الوسطاء على 152 مليار من الغذاء المدعم.
توصيات للرفع التدريجي للدعم الإجتماعي
ففي ختام فعاليات اليوم البرلماني خرج المشاركون بجملة من التوصيات، في مقدمتها تثمين تشكيل لجنة وطنية قطاعية لإصلاح الدعم الاجتماعي يشرف عليها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون تتولى مراجعة آلية الدعم الذي تقدمه الدولة للفقراء و المعوزين و أصحاب الدخل الضعيف و إسناد المستوى المعيشي و التمهيد لهاته المراجعة ضمن خطة إصلاح الموازنة و الإنفاق العام للدولة.
بالإضافة إلى تثمين إشراك أعضاء البرلمان بغرفتيه و الدوائر الوزارية و الأحزاب السياسية و المجتمع المدني و الخبراء الاقتصـــــاديين ، المنظمات المهنية ، النقابات العمالية في اللجنة الوطنية السياسية لإصلاح الدعم الاجتماعي.
وكذا الدعوة إلى الإصلاح التدريجي الجزئي لسياسة الدعم الذي يأتي عبر مراحل للمحافظة على مبدأ الدولة الاجتماعية، بالإضافة إلى التوجه الى استراتيجية اصلاح شاملة بأدوات تقنية علمية تقييمية و بنية لوجستية و تشريعية بعيدة عن الشعبوية و اكثر شفافية و الإسراع بالتحول عن المنطق الريعي و البيروقراطي في تسيير الشأن الاقتصادي إلى منطق السوق و المنافسة بخطط واضحة و مرسمة بالأرقام و الآجال الزمني، وكذا تشكيل جهاز يتولى تحديد الأسر المستهدفة و كيفية تقديم الدعم النقدي للعائلات المعوزة بعد إقرار البرلمان لهذه التدابير.
إضافة على وضع آليات رقمية و دقيقة وفق بطاقية وطنية محينة دوريا تحدد الفئات و الأشخاص المعنية بالاستفادة من الدعم المباشر، وتخفيف الضغط المتزايد و المتراكم على ميزانية الدولة بفعل تزايد الحاجات و تقلبات الأسعار في الأسواق العالمية للمواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع الذي خلق أثرا سلبيا على ميزان المدفوعات و ذلك ما يجعل مراجعة الدعم الاجتماعي ضروري و حتمي.
في الأخير، شددوا على ضرورة القضاء على الاقتصاد الموازي الغير الرسمي للتمكن من معرفة نسبة البطالة الحقيقية وبالتالي التحديد بدقة للفئات التي تستفيد من الدعم الموجه.
5000 مليار إجمالي الإعانات الموجهة للدعم الإجتماعي خلال 2021
ضمن نفس المنحى، أكد المدير العام للميزانية بوزارة المالية ،عبد العزيز فايد، أن إجمالي الإعانات الموجهة للدعم الاجتماعي فاق 5.000 مليار دج في 2021، معتبرا أن الإعانات المخصصة لدعم أسعار المنتجات الأساسية شاملة ولا تفرق بين الأسر الغنية و الفقيرة.
واوضح فايد في تدخله خلال اليوم البرلماني أن الدولة الجزائرية، من خلال تدخلها، تساهم على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي في تعزيز التضامن الاجتماعي و الحماية و الحفاظ على الفئات الهشة (لاسيما ذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاب المداخيل الضعيفة) من الفقر والهشاشة وكذا في تطور الاقتصاد الوطني من خلال ترقية الاستثمار.
ويتجسد هذا التدخل، يضيف المسؤول، من خلال أجهزة الإعانات والتحويلات الاجتماعية التي تنقسم الى “إعانات صريحة ممولة من ميزانية الدولة وتتضمن أساسا التحويلات الاجتماعية”،من جهة، و كذا “إعانات ضمنية تتمثل في الإيرادات غير المحصلة التي تتخلى عنها الدولة على شكل حوافز جبائية، مزايا تجارية ودعم أسعار المنتجات الطاقوية المسوقة حاليا”، من جهة اخرى.
كما أضاف ان هذه الإعانات الصريحة والضمنية تتخذ شكلين من حيث تنفيذها، حيث تنقسم الى “إعانات موجهة” (دعم السكن، الصحة، التقاعد) و “إعانات شاملة” (دعم أسعار المنتجات الاساسية، الغذائية، الطاقوية، الماء).
***صيغة الدعم النّقدي المباشر للأسر
وخلال عرضه للأرقام الكبرى المميزة للنظام الحالي للإعانات الشاملة للدولة، كشف المسؤول أن إجمالي الإعانات الصريحة و الضمنية تراوح، خلال الفترة الممتدة ما بين 2018 و 2021، بين 3.900 مليار دج و أكثر من 5.130 مليار دج، مشيرا الى أن الاعانات الشاملة احتلت ما يعادل 56 بالمائة من إجمالي هذه الإعانات، خلال نفس الفترة، أي ما يقارب مبلغ 2.800 مليار دج سنويا.
وخلال سنة 2021، بلغ إجمالي الإعانات الصريحة والضمنية حوالي 5.131 مليار دج، وهو ما يعادل 23 بالمائة من الناتج المحلي الخام، حسب السيد فايد، مبرزا أن الاعانات الشاملة بلغت نسبة 62 بالمائة من اجمالي هذه الاعانات و هو ما يقارب مبلغ 3.181 مليار دج أي ما يمثل 14 بالمائة من الناتج المحلي الخام.
*******2703 مليار دينار لدعم المنتجات الطاقوية و4136 مليار دينار لدعم الغذاء
وفيما يتعلق بتوزيع الاعانات حسب طبيعتها خلال 2021 ، لفت المسؤول الى أن الاعانات الشاملة توزعت إلى 87 بالمائة من الاعانات الضمنية و 13 بالمائة من الاعانات الصريحة، حيث بلغت قيمة الاعانات الصريحة حوالي 402 مليار دج فيما بلغت قيمة الاعانات الضمنية حوالي 2.779 مليار دج، خصص 5. 96 بالمائة منها لدعم اسعار المنتجات الطاقوية المسوقة محليا.
أما بخصوص توزيع الاعانات الشاملة حسب نوع المنتج خلال 2021، فقد تم تخصيص 85 بالمائة لدعم اسعار المنتجات الطاقوية (ما يعادل 8. 2.703 مليار دج) و 13 بالمائة (6. 413 مليار دج) لدعم اسعار المنتجات الغذائية و 2 بالمائة (6. 63 مليار دج) لدعم اسعار الماء، يوضح السيد فايد.
وأبرز في ذات السياق انه “نظرا لأهمية المبالغ المالية المخصصة لدعم أسعار المنتجات الطاقوية على شكل إعانات ضمنية وصريحة، تجدر الاشارة إلى أن الجزائر احتلت المرتبة الأولى عالميا بالنسبة لسعر غاز البترول المميع الموجه للوقود والثانية بعد إيران بالنسبة للغاز الطبيعي والخامسة بالنسبة لأسعار الوقود (البنزين والمازوت)”.
وأفاد، على سبيل المثال، انه في سنة 2021، بلغ متوسط سعر بيع البترول في الأسواق العالمية ما يعادل 7 مرات أكثر من سعره المطبق محليا، حيث بلغ متوسط سعر التصدير 3. 72 دولار للبرميل مقابل 27. 10 دولار للبرميل المسوق لوحدات التكرير محليا.
كما بلغ، حسبه، متوسط سعر بيع الغاز الطبيعي في الأسواق العالمية 30 مرة أكثر من سعره المطبق محليا، حيث بلغ متوسط سعر التصدير 8. 5 دولار لوحدة الغاز الطبيعي مقابل 19. 0 دولار لوحدة الغاز الطبيعي في السوق المحلية.
***الأسر الغنية تستفيد 7 مرات من الوقود المدعم عن الأسر الفقيرة
من جهة اخرى، إعتبر فايد ان إشكالية الإعانات الشاملة للدولة لا تقتصر فقط في “اهمية النفقات” فقط، بل بفعالية ونجاعة وجدوى هذه النفقات وكذا “آثارها السلبية بالنسبة للأهداف المرجوة”، مشيرا انه “من اجل هذا، تم الشروع في أشغال تقييم أجهزة دعم أسعار المنتجات الأساسية (الغذائية، الطاقوية والماء).
وأفاد أنه من اهم نتائج تقييم النظام الحالي للإعانات ان “الإعانات المخصصة لدعم أسعار المنتجات الأساسية شاملة ولا تفرق بين الأسر الغنية و الفقيرة”.
كما اعتبر أن الإعانات المخصصة لدعم أسعار المنتجات “غير عادلة”، موضحا انه بالنسبة لبعض المنتجات فان “الإعانة التي تستفيد منها أسرة غنية أكبر بكثير من تلك الموجهة للأسر المعوزة”.
وعلى سبيل المثال، ذكر أن “الإعانة التي تستفيد منها أسرة غنية فيما يخص اسعار الوقود تمثل 7 مرات تلك التي تستفيد منها اسر معوزة”.
**الوسطاء يستحوذون على 152 مليار من الغذاء المدعم
وقال، في نفس الصدد، أن “تعدد و تعقيد الأجهزة الحالية للإعانات الشاملة للدولة يصعب من خلالها تطبيق رقابة فعالة على جميع المتدخلين فيما يخص الأسعار المطبقة وتوفر المنتجات”.
وأضاف انه بالنسبة للمنتجات الغذائية فقط فإن ما يقارب 152 مليار دج سنويا من اعانات الدولة المخصصة أساسا للأسر “يستحوذ عليها الوسطاء على غير وجه حق”.
كما أبرز أنه من أهم نتائج تقييم النظام الحالي للإعانات هو ان “تطبيق الأسعار المنخفضة على المنتجات المستفيدة من الإعانات الشاملة في السوق الوطنية يشجع سلوك التبذير والاستهلاك المفرط عند المستهلكين من أسر ومتعاملين اقتصاديين”، مشيرا الى أن “التغطية المالية للإعانات الشاملة تشكل عبئا ثقيلا على ميزانية الدولة من حيث ارتفاع النفقات وانخفاض الواردات”.
وأضاف أنه اعتمادا على النتائج التي تم التوصل إليها، أقرت الحكومة بأنه من الملائم والضروري أن يتم إصلاح نظام الإعانات الشاملة للدولة.
ولهذا – يضيف المسؤول- تم تسجيل إصلاح إعانات الدولة ضمن مخطط عمل الحكومة، المصادق عليه من طرف البرلمان في سبتمبر 2021، في النقطة 2.3.2 “إصلاح الإعانات من أجل استهداف أمثل”، مضيفا أنه تم تكريس هذا الإصلاح بموجب أحكام المادة رقم 188 من قانون المالية لسنة 2022، وهو أول إطار قانوني يؤسس لمبدأ استهداف إعانات الدولة.