
تتطلّع إيطاليا إلى الجزائر كبوابة لتسويق منتجاتها نحو السوق الإفريقية، مجال اقتصادي دعا بخصوصه الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، إلى “بناء شراكات طموحة بين البلدين لتسويق مختلف السلع في الأسواق المجاورة للجزائر”.
ووقعت الجزائر وايطاليا، بمناسبة انعقاد القمة الرابعة بين حكومتي البلدين، على 15 مذكرة تفاهم واتفاقية تعاون تشمل العديد من المجالات والقطاعات.
و يتعلق الأمر بمذكرات تفاهم تخص مجالات الصناعات التقليدية والصناعات الصيدلانية والمقاولاتية وتطوير الاستثمار والوقاية من الفساد ومكافحته والأشغال العمومية والمؤسسات الناشئة والتعاون الصناعي والطاقوي والطاقات المتجددة والتنمية الاجتماعية والتضامن.
كما تم التوقيع على اتفاقية تعاون في مجال حماية التراث التاريخي والثقافي وبروتوكول تعاون في قطاع العدل وإعلان نوايا في مجالي التعليم العالي والبحث العلمي والتعاون الدبلوماسي.
فيما يتعلق بالمؤسسات المصغرة والمقاولاتية، وقعت الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية “أناد”، مذكرة تفاهم مع الكونفدرالية الإيطالية للصناعات الخاصة الصغيرة والمتوسطة، في المجال.
الشريف بوزيان: المؤسسات الصغيرة ستستفيد من النموذج الإيطالي
في الخصوص، أكد المدير العام بالنيابة للوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية “أناد”، محمد الشريف بوزيان، أمس الثلاثاء، أن مذكرة التفاهم التي تم توقيعها مع الكونفدرالية الإيطالية للصناعات الخاصة الصغيرة والمتوسطة، في مجال المؤسسات المصغرة والمقاولاتية، تعتبر مكسبا كبيرا للجزائر.
وقال بوزيان لدى للإذاعة الوطنية، إن “المذكرة تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والتقني بين الجانبين والاستفادة أيضا من التجربة الرائدة لإيطاليا في مجال المؤسسات المصغرة”، كما أوضح أن “إيطاليا أصبحت من الشركاء الأولين والمفضلين للجزائر خاصة وأنه يملك نموذج اقتصادي مشابه إلى ما يصبوا إليه الاقتصاد الوطني”.
وأضاف المتحدث أن “المؤسسات المصغرة تشكل اللبنة الأساسية في الاقتصاد الوطني وعليه فإنها ستستفيد كثيرا من هذه الاتفاقية التي ستسمح لها الانفتاح على الأسواق الخارجية والتسويق الرقمي وتحسين نوعية منتجاتها على مستوى السوق الوطني”.
كما أردف بوزيان أن “هذه الاتفاقية ستعطي قيمة مضافة للاقتصاد الوطني خصوصا أن استراتيجية السلطات تتمثل في ضمان الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي وتعزيز المجال التنافسي في المنتوج الجزائري”.
وفيما يخص القطاعات المستهدفة أشار أن “الصناعات الغذائية، الزيوت، الجلود الصوف ومجالات إنتاج المعدات الصناعية ستكون المستفيد الأول من هذه المذكرة”.
وأبرز المدير العام بالنيابة لوكالة “أناد” أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تشكل 97 بالمائة من النسيج الصناعي في الجزائر ولهذا يجب الاهتمام بهذا القطاع من أجل تطوير الاقتصاد الوطني”.
رفع الشراكة إلى مستوى العلاقات وفرص الاستثمار
وأكد من جهته الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، “التزام الحكومة، ومن خلالها كل المؤسسات والهيئات المعنية، بمرافقة المتعاملين الإيطاليين في وضع شراكات متميزة قائمة على المصلحة المتبادلة والتكامل الاقتصادي، وترقى إلى مستوى الإرادة السياسية التي تحدو قادة البلدين والشراكة الاستراتيجية القائمة بينهما”.
وبهذا الخصوص، اعتبر بن عبد الرحمان في كلمة ألقاها خلال افتتاح المنتدى الاقتصادي الجزائري-الإيطالي، أن حصيلة الاستثمارات الإيطالية خلال العشرين سنة الأخيرة، والتي تقدر بـ 29 مشروعا بقيمة 7,46 مليار دج, “لا ترقى، لا إلى قوة العلاقات السياسية التي تربط بلدينا، ولا إلى حجم الفرص المتاحة للاستثمار في بلادنا والمزايا المقارنة المتوفرة، لاسيما خارج قطاع المحروقات, الذي يحظى فيه الشريك الإيطالي بقسط وافر من النشاط”.
وتابع: “وعليه، فإن المؤسسات الإيطالية أمامها العديد من فرص الاستثمار في بلادنا”، لاسيما في قطاعات الفلاحة والمناجم والسياحة، وكذا قطاع السكن الذي تواصل الدولة جهودها من أجل تطويره للاستجابة إلى الطلب المتزايد على البرامج السكنية بمختلف صيغها وفي جميع ربوع الوطن”.
يضاف إلى ذلك قطاع الصناعة الذي يحظى بـ”اهتمام خاص”، إذ تسعى الحكومة، تطبيقا لتوجيهات رئيس الجمهورية، إلى الرفع من مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى ما يزيد عن 15 بالمائة في السنتين القادمتين، بدلا من 7 بالمائة حاليا، وهذا عن طريق استغلال العديد من الفرص التي يتيحها القطاع لمضاعفة إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكذلك المؤسسات المصغرة والناشئة.
كما دعا الوزير الأول المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين والإيطاليين إلى “بناء شراكات طموحة تتعدى السوق الجزائرية إلى الأسواق المجاورة”.
وصرح بن عبد الرحمان أن “كافة المتعاملين الاقتصاديين، الجزائريين والإيطاليين، مدعوون إلى رفع التحدي, بالدفع بالشراكة الاقتصادية الثنائية إلى أفق أرحب”.
وأضاف أن “الشركات الإيطالية، من خلال التحفيزات والتوجهات الجديدة، ستعمل بقوة، مع نظيراتها الجزائرية، على استغلال كل الفرص المتاحة لإنشاء شراكات طموحة، تستهدف ليس فقط السوق الجزائرية، بل تتعداها إلى الولوج إلى أسواق البلدان المجاورة، لا سيما الإفريقية منها”.
تصنيع السيارات ضمن المحادثات
كما لفت بن عبد الرحمان في هذا الشأن إلى طموح الجزائر في تحقيق “صناعة حقيقية” في مجال صناعة المركبات، مع “مراعاة عوامل نجاحها لاسيما الرفع من نسبة الإدماج، ونقل التكنولوجيا، وتطوير المناولة”.
وعلاوة عن هذه القطاعات، فإنه يجري العمل على تعزيز الشراكة والاستثمار أكثر في ميادين التنقيب وإنتاج النفط والغاز، والطاقات المتجددة.
الإصلاحات تحفز المتعاملين الإيطاليين على الاستثمار
من جهته، اعتبر رئيس مجلس الوزراء الإيطالي، ماريو دراغي، بالجزائر العاصمة، أن الإصلاحات التي قامت بها الجزائر تحفز المتعاملين الإيطاليين على القدوم إليها للاستثمار.
و أوضح دراغي في كلمة له ألقاها خلال افتتاح المنتدى الاقتصادي الجزائري-الإيطالي أن “الاصلاحات التي بادرت بها الجزائر ترفع من ثقة المستثمرين وتمنحهم فرصة كبيرة لتطوير نشاطاتهم بهذا البلد”.
و بعد أن ذكر بالعلاقات التاريخية المتينة التي تربط بين البلدين, دعا رئيس مجلس الوزراء الإيطالي إلى العمل “يد بيد في جميع المجالات”.
و لفت إلى أن الشركات الإيطالية حاضرة في الجزائر في العديد من القطاعات وعلى رأسها الطاقة والبنى التحتية والنقل والصناعات الغذائية.
غير أن هذه الشراكات مدعوة للتوسع إلى قطاعات أخرى، على غرار الطاقات المتجددة والصناعة الصيدلانية والتكنولوجيات الحديثة, وذلك بفضل المنتدى الاقتصادي الجزائري-الايطالي الذي توقع دراغي أن ينبثق عنه عدة اتفاقيات جديدة.
كما دعا المتعاملين من البلدين إلى العمل سوية لرفع تحدي الأمن الغذائي.
رغبة مشتركة لتوسيع الشراكة الاقتصادية
في سياق آخر، شكل المنتدى الاقتصادي الجزائري-الإيطالي، فرصة للتأكيد على رغبة متعاملي البلدين في تعزيز الشراكة الاقتصادية الثنائية وتوسيعها لتشمل عدة قطاعات اقتصادية حيوية.
بدوره، دعا وزير التجارة وترقية الصادرات، كمال رزيق، مختلف الفاعلين في عالم الأعمال الايطاليين إلى “تعزيز تواجدهم في الجزائر والمساهمة معا في الدفع بالعلاقات الاقتصادية والتجارية إلى مستويات وآفاق جديدة مبنية على مبدأ البراغماتية الايجابية رابح-رابح”.
أما وزير الخارجية والتعاون الدولي لجمهورية إيطاليا، لويجي دي مايو, فقد أكد من جانبه استعداد بلاده للاستفادة من فرص التعاون مع الجزائر التي تمثل “أول شريك لإيطاليا في إفريقيا”، مجددا التزام إيطاليا لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الجزائر.
واعتبر أن “الشركات الايطالية تجد أمامها اليوم عدة مزايا تنافسية وفرص للاستثمار في الجزائر، يمكن استغلالها، في قطاعات التحول الطاقوي وتطوير الهيدروجين الأخضر والتكنولوجيات الحديثة والمؤسسات المصغرة والصناعة الصيدلانية والصناعات الغذائية وغيرها من القطاعات”.
وخلال هذا المنتدى، قام ممثلو عدة هيئات ومؤسسات من البلدين بتقديم عروض حول على الفرص المتاحة لتعزيز الشراكة الاقتصادية الثنائية.
وفي هذا الإطار، أكد المدير العام للوكالة الوطنية لترقية الاستثمار، مصطفى زيكارة، أن الإطار التشريعي الجديد للاستثمار في الجزائر يقدم العديد من المزايا والتسهيلات، من شأنها تمكين المتعاملين الأجانب من الفرص التي تزخر بها الجزائر في مختلف المجالات.
وفي ذات المنحى، اعتبر مدير الوكالة الايطالية للتجارة الخارجية، روبرتو لونجو، أن المنتدى الاقتصادي الجزائري-الايطالي يمثل “إشارة قوية” على متانة العلاقات التاريخية بين البلدين، لافتا إلى أهمية العمل من أجل توسيع الشراكات مستقبلا.
وتابع بالقول: “نحن لا نريد فقط أن نصدر إلى الجزائر، وإنما نرغب في تعزيز التعاون الثنائي”، مشيرا إلى وجود عدة قطاعات يمكن إقامة شراكات فيها على غرار الصناعة الصيدلانية والصناعة الغذائية.
أما نائب رئيس الكونفدرالية الايطالية للصناعة، باربرا بترام، فقد أشادت بالاطار التشريعي الجديد للاستثمار بالجزائر مبرزة انه يشجع الشركات الايطالية لولوج السوق الجزائرية والاستثمار في عدة قطاعات.
كما اكدت أن الجزائر وايطاليا تساهمان بفعالية في استقرار منطقة البحر المتوسط مشيرة إلى ضرورة العمل سويا من أجل تحقيق شراكة تكون فيها مؤسسات البلدين فاعلين حقيقيين.