
إتفق خبراء الإقتصاد على غياب ثقافة التأمين لدى المواطن الجزائري، والتي أرجعوها إلى عدة أسباب من بينها عدم الإلمام بأهمية وأبعاد التأمين الاقتصادية، ضعف الدور التسويقي لشركات التأمين إقتصاديا وإجتماعيا، ومحدودية منتجات التأمين المسوقة وكذا الوازع الديني.
رتيبة بوراس
إسهامها في السوق المالية ضعيف مقارنة مع الدول الأخرى

في السياق، يقول الخبير الإقتصادي، أحمد سواهلية، إن موضوع سوق التأمينات بالجزائر موضوع إجتماعي وإقتصادي وليس إقتصادي فقط، وفي إعتقاده فإن أغلب الجزائريين وبطابع التوجه الديني والإلتزام بتعاليم الدين الإسلامي، لا يتجهون كثيرا إلى هاته الأخيرة، التي يرون بأنها تتعلق بقضايا شرعية محرمة.
وأضاف سواهلية في حديثه لـ”المصدر”، أن من بين العوامل الإقتصادية التي لم تشجع المستهلك الجزائري، منتجات سوق التأمينات غير تحفيزية وغير ناجعة في السوق الجزائرية، كسوق السيارات على سبيل المثال حيث يلجأ الجزائريون إلى التأمين كواجب قانوني فقط عن طريق التأمين القاعدي للسيارة لتفادي العقوبات القانونية ولا يلجأ إلى منتجات سوق التأمينات الأخرى.
مكاتب التأمينات لا تقدم تسويقا وتحفيزات في المستوى
وأشار سواهلية إلى أن مكاتب التأمينات تقدم تحفيزات ضعيفة وتسويق ضعيف في حين أنهما عاملان مهمان بالنسبة للسوق التأمينات، وإعتبر ذات الخبير أن التحفيزات المقدمة ليست بمكانة سوق التأمينات ونسب إسهامها في السوق الوطني والسوق المالية ضعيف بالمقارنة مع الدول الأخرى، ممّا يجعل الجزائريين لا يلجؤون لها.
وأضاف سواهلية أن الملاحظ من خلال الحرائق الأخيرة أن عدد ضئيل من الجزائريون يقومون بتأمين ممتلكاتهم وهو راجع إلى غياب ثقافة التأمين لدى هؤلاء والإشكال الديني والتسويقي لسوق التأمينات.
النسبة تبقى ضعيفة
وعلق الخبير الإقتصادي على النمو الذي شهدته سوق التأمينات بنسبة 6.7 بالمائة عند نهاية شهر سبتمبر بأنها نسب مقبولة بالنسبة للواقع الجزائري، في حين أنها ضئيلة وضعيفة بالمقارنة مع الدول الأخرى ولا تُحقق المرجو من هذه السوق، كتجارة مالية وصناعة مالية مهمة، ولا تُعتبر كافية لتحقيق تطور إقتصادي في هذه السوق.
سوق التأمينات يمكن أن يخلق ثروة مهمة للبلاد
وأضاف ذات المتحدث، أن فتح ورشات للنمو التكافلي مهم من الجانب الشرعي والتي لا تزال محل دراسة ولا يزال التسويق لها ضعيف التي يُمكن أن يكون لها دور معين في إيجاد سوق مهمة، مشيرا إلى أن سوق التأمينات يمكن أن تخلق ثروة مهمة للبلاد ومناصب شغل إذ ما تم توفير الشروط المذكورة من تحفيزات وتسويق الملائم والجانب الشرعي.
ضرورة إطلاق منتوجات التأمين التكافلي في السوق التأمينية

من جهته، أكد الخبير الإقتصادي والنائب البرلماني، عبد القادر بريش، أن هناك نقص في ثقافة التأمين لدى الفرد الجزائري، الذي يلجأ في الغالب إلى التأمين الإلزامي وخاصة التأمين على المسؤولية المدنية كما هو الحال في التأمين على السيارات.
وتابع بريش بالقول “بينما باقي الفروع الأخرى للتأمين نجد نسبة إقبال الافراد عليها قليل كالتأمين ضد المخاطر الكبرى وتأمين المسكن والتأمين على الحياة وغيرها من فروع التأمين على الأفراد وممتلكاتهم والتي لا تكتسي طابعا إلزاميا”.
وأرجع الخبير الإقتصادي في حديثه لـ”المصدر”، هذا التوجه إلى عدة أسباب منها نقص ثقافة التأمين، وعدم الإلمام بأهمية وأبعاد التأمين الاقتصادية، بالإضافة إلى الوازع الديني وخاصة النظرة إلى التأمين التجاري بأنه من عقود الغرر وأنها محرمة شرعا، وكذا ضعف الدور التسويقي لشركات التأمين لتسويق أهمية التأمين وأهميته الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى محدودية منتوجات التأمين المسوقة.
تأمين الأنشطة التجارية والإقتصادية يعرف تطورا في السنوات الأخيرة
وأكد النائب البرماني أن التأمين الخاص بالأنشطة التجارية والإقتصادية يعرف تطورا في السنوات الأخيرة نظرا لأهميته بالنسبة للمتعاملين الإقتصاديين والمستثمرين، وزيادة المخاطر والحاجة إلى تغطية الخسائر الناجمة عن هذه المخاطر.
ومضيفا بالقول، أن نسبة النمو المسجلة 6.7 % حتى شهر سبتمبر يدل على عودة الحركية الاقتصادية وانخراط المتعاملين الاقتصاديين في سوق التأمين عكس ما هو ملاحظ من تراجع في فرع التأمين على السيارات الذي تراجع بـ 3.8 %، وأشار بريش إلى أن هذا شيء طبيعي نظرا للركود الذي يعرفه سوق السيارات في الجزائر.
نشر ثقافة التأمين وتنويع المنتجات والخدمات
أما عن آليات تطوير سوق التأمين في الجزائر والرفع من حصته السوقية ونسبة مساهمته في الناتج الداخلي الاجمالي، فشدد الخبير الإقتصادي، على ضرورة التكثيف من الترويج ونشر ثقافة التأمين وتنويع منتجات وخدمات التأمين بمختلف فروعه بالإضافة إلى تسريع وتيرة إطلاق منتوجات التأمين التكافلي في السوق التأمينية الجزائرية.