دوليفلاحة

الحرارة‭ ‬تهدد‭ ‬المحاصيل‭ ‬الفلاحية‭ ‬في‭ ‬العالم

مع‭ ‬استمرار‭ ‬تأثيرات‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬والارتفاع‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬لدرجة‭ ‬الحرارة‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬تزايدت‭ ‬المخاوف‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬الزراعات‭ ‬حول‭ ‬العالم‭.‬

وأضرت‭ ‬ظواهر‭ ‬مثل‭ ‬الفيضانات‭ ‬والجفاف‭ ‬وارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬والتي‭ ‬ضربت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحاصيل‭ ‬الزراعية‭ ‬بمختلف‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭.‬

وحذرت‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬حوالي‭ ‬نصف‭ ‬أراضي‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬باتت‭ ‬معرضة‭ ‬لخطر‭ ‬الجفاف،‭ ‬وسط‭ ‬اجتياح‭ ‬موجة‭ ‬حر‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬لدول‭ ‬جنوب‭ ‬غرب‭ ‬أوروبا‭.‬

وقال‭ ‬مركز‭ ‬الأبحاث‭ ‬المشترك‭ ‬التابع‭ ‬للمفوضية‭ ‬الأوروبية،‭ ‬إن‭ ‬46‭ ‬٪‭ ‬من‭ ‬أراضي‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬معرضة‭ ‬للجفاف‭ ‬و11‭ ‬٪‭ ‬عند‭ ‬مستوى‭ ‬الإنذار،‭ ‬إذ‭ ‬باتت‭ ‬المحاصيل‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬المياه‭.‬

وأوضح‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬أن‭ ‬البلد‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثرا‭ ‬هي‭ ‬إيطاليا‭ ‬حيث‭ ‬يواجه‭ ‬حوض‭ ‬نهر‭ ‬بو‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬البلاد‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬من‭ ‬الجفاف‭ ‬الشديد‭.‬

كما‭ ‬حذر‭ ‬باحثو‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نقص‭ ‬المياه‭ ‬وشدة‭ ‬الحرارة‭ ‬يتسببان‭ ‬بتراجع‭ ‬المحاصيل‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬ورومانيا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬والبرتغال‭ ‬وإيطاليا‭.‬

وأضر‭ ‬الجفاف‭ ‬والحرارة‭ ‬المرتفعان‭ ‬بمحاصيل‭ ‬القمح‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬أكبر‭ ‬مصدر‭ ‬للحبوب‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬ورابع‭ ‬أكبر‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬حيث‭ ‬قالت‭ ‬وزارة‭ ‬الزراعة‭ ‬إن‭ ‬إنتاج‭ ‬البلاد‭ ‬سينخفض‭ ‬بنسبة‭ ‬7.2‭ ‬٪‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬مقارنة‭ ‬بالعام‭ ‬الماضي‭ ‬2021‭.‬

وتشير‭ ‬التوقعات‭ ‬الأوروبية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬سيستمر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيفاقم‭ ‬تداعيات‭ ‬‮«‬الوضع‭ ‬الخطير‭ ‬للغاية‮»‬‭ ‬حاليا‭ ‬على‭ ‬الزراعة‭ ‬والطاقة‭ ‬وموارد‭ ‬المياه‭.‬

وقال‭ ‬مكتب‭ ‬الأرصاد‭ ‬الجوية‭ ‬إنه‭ ‬تم‭ ‬تسجيل‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬قياسية‭ ‬بلغت‭ ‬40‭.‬3‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬في‭ ‬كونينجسبي‭ ‬بوسط‭ ‬إنجلترا‭ ‬يوم‭ ‬الثلاثاء‭ ‬الماضي‭.‬

وحذر‭ ‬مزارعو‭ ‬البطاطس‭ ‬البريطانيون‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬بعد‭ ‬موجة‭ ‬الحر‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬دمرت‭ ‬المحاصيل‭.‬

ويخشى‭ ‬المزارعون‭ ‬من‭ ‬احتمال‭ ‬ارتفاع‭ ‬تكلفة‭ ‬البطاطس‭ ‬المتواضعة‭ ‬بعد‭ ‬تضرر‭ ‬المحصول‭ ‬وجودته‭ ‬بسبب‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬القياسية‭.‬

وقال‭ ‬متحدث‭ ‬باسم‭ ‬الهيئة‭ ‬التجارية‭: ‬‮«‬المناطق‭ ‬الجنوبية‭ ‬والشرقية‭ ‬من‭ ‬بريطانيا‭ ‬تشهد‭ ‬حاليًا‭ ‬أسوأ‭ ‬ظروف‭ ‬لنمو‭ ‬البطاطس‮»‬‭.‬

وأضاف‭: ‬‮«‬الآن‭ ‬هو‭ ‬وقت‭ ‬حاسم‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمزارعي‭ ‬البطاطس‭. ‬فإذا‭ ‬ظل‭ ‬جافًا‭ ‬لفترة‭ ‬أطول،‭ ‬فإننا‭ ‬نتطلع‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬المحاصيل‮»‬‭.‬

ولم‭ ‬تكن‭ ‬أوروبا‭ ‬فقط‭ ‬هي‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬ضربتها‭ ‬موجة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬من‭ ‬الحرارة،‭ ‬فالصين‭ ‬أيضا‭ ‬شهدت‭ ‬ارتفاعا‭ ‬في‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬خلال‭ ‬الصيف‭ ‬فوق‭ ‬مستوياتها‭ ‬العادية‭ ‬منذ‭ ‬جوان‭ ‬مع‭ ‬إلقاء‭ ‬بعض‭ ‬خبراء‭ ‬الأرصاد‭ ‬الجوية‭ ‬باللوم‭ ‬على‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬تقول‭ ‬عالمة‭ ‬الأحياء‭ ‬الهولندية‭ ‬ويلما‭ ‬فان‭ ‬إيسي‭ ‬‮«‬لدينا‭ ‬خسارة‭ ‬في‭ ‬الغلة‭ ‬بسبب‭ ‬الحرارة‭ ‬الشديدة‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬مثلا‭ ‬أو‭ ‬الجفاف‭ ‬الذي‭ ‬شهدناه‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭. ‬بناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬نعرفه‭ ‬الآن‭ ‬عن‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬ستتكرر‭ ‬هذه‭ ‬الظواهر‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬في‭ ‬المستقبل‮»‬‭.‬

وتعتبر‭ ‬محاصيل‭ ‬الزراعية‭ ‬أساس‭ ‬النظام‭ ‬الغذائي‭ ‬العالمي،‭ ‬حيث‭ ‬توفر‭ ‬الحبوب‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الأساسية‭ ‬للبشر‭ ‬والحيوانات،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬مشكلة‭ ‬تأثيرات‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬هذه‭ ‬النباتات‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬الغذاء‭.‬

ويشكو‭ ‬مزارعو‭ ‬المانجو‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬إنتاج‭ ‬هذه‭ ‬الفاكهة‭ ‬التي‭ ‬تلقى‭ ‬إقبالا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬باكستان،‭ ‬بنسبة‭ ‬40‭ ‬٪‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مناطق‭ ‬البلد‭ ‬نتيجة‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬وشحّ‭ ‬المياه‭.‬

ويترقب‭ ‬الجميع‭ ‬موسم‭ ‬المانجو‭ ‬في‭ ‬باكستان‭ ‬حيث‭ ‬يشكل‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الفاكهة‭ ‬المتوافر‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬أصناف،‭ ‬غذاء‭ ‬أساسيا‭ ‬خلال‭ ‬أشهر‭ ‬الصيف‭ ‬الحارة‭ ‬والرطبة‭.‬

لكن‭ ‬الحر‭ ‬جاء‭ ‬مبكرا‭ ‬جدا‭ ‬هذه‭ ‬السنة،‭ ‬إذ‭ ‬سجلت‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬ارتفاعا‭ ‬شديدا‭ ‬منذ‭ ‬شهر‭ ‬مارس،‭ ‬وأعلن‭ ‬مكتب‭ ‬الأرصاد‭ ‬الجوية‭ ‬الباكستاني‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬الشهر‭ ‬كان‭ ‬الأكثر‭ ‬سخونة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1961‭.‬

وباكستان‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬الدول‭ ‬المصدّرة‭ ‬للمانجو‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وتصل‭ ‬المحاصيل‭ ‬إلى‭ ‬مليوني‭ ‬طنّ‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬في‭ ‬ولايتي‭ ‬البنجاب‭ ‬والسند‭.‬

ولم‭ ‬تعرف‭ ‬بعد‭ ‬كمية‭ ‬الإنتاج‭ ‬الإجمالية‭ ‬هذه‭ ‬السنة،‭ ‬لكن‭ ‬وزارة‭ ‬الزراعة‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬السند‭ ‬تتوقع‭ ‬أن‭ ‬يسجل‭ ‬تراجعا‭ ‬يتراوح‭ ‬بين‭ ‬20‭ ‬و40‭ ‬٪‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬المناطق‭.‬

وتسببت‭ ‬موجة‭ ‬حر‭ ‬وحرائق‭ ‬أضرارا‭ ‬بالغة‭ ‬بمحاصيل‭ ‬الحبوب‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬مما‭ ‬دفع‭ ‬الاتحاد‭ ‬التونسي‭ ‬للفلاحة‭ ‬والصيد‭ ‬البحري‭ ‬للتنبؤ‭ ‬بأن‭ ‬الإنتاج‭ ‬لن‭ ‬يرقى‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الطموحات‭.‬

ويقول‭ ‬الاتحاد‭ ‬وخبراء‭ ‬إن‭ ‬المحصول‭ ‬يعاني‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬أضرار‭ ‬مباشرة‭ ‬بسبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة،‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬بالفعل‭ ‬إلى‭ ‬47‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬هذا‭ ‬الصيف،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬ترتفع‭ ‬إلى‭ ‬49‭ ‬درجة،‭ ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تمثل‭ ‬موجة‭ ‬الحر‭ ‬عائقا‭ ‬أمام‭ ‬المزارعين‭ ‬في‭ ‬جني‭ ‬المحاصيل‭.‬

وكانت‭ ‬تونس‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬كمية‭ ‬المحصول‭ ‬لخفض‭ ‬وارداتها‭ ‬من‭ ‬الحبوب‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أزمة‭ ‬مالية‭ ‬تفاقمت‭ ‬بسبب‭ ‬الحرب‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى