
أثارت النبرة المقدامة للتكتل الاقتصادي الصاعد “بريكس”، تساؤلات حول مستقبل التمويل الدولي، التي لطالما احتكره صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بقروضه التي تصنع الجدل دائما بشروطها.
وعمد تكتل بريكس لإنشاء مؤسسات اقتصادية ومالية منافسة للمؤسسات القائمة حاليا بالنظام الاقتصادي الدولي، لاسيما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهما المؤسستان التان طالتهما انتقادات كبيرة من معسكر الشرق ودول الجنوب، ما جعل بريكس يراهن على ايجاد بدائل مثالية لهما، وهو الأمر الذي أضاف جاذبية أكثر لمنظمة بريكس بالنسبة للاقتصادات الناشئة.
وأفاد الخبير الاقتصادي هواري تيغرسي بأن: “الزخم المصاحب لتنظيم قمة البريكس في جنوب إفريقيا مرتبط بإشكالية الهيمنة الغربية على اقتصادات الدول، والأزمة بين الإيكواس والنيجر ستكون محل استغلال من الدول الإفريقية مع توالي الأحداث فيها.. وبنفس الفكرة كل الدول الإفريقية تريد عدالة اجتماعية وعدالة اقتصادية، وكذا شراكة وفق رابح-رابح التي لطالما رافع عليها الزعماء الأفارقة في ندواتهم المختلفة مع الدول الغربية، آخرها ندوة أمريكا-إفريقيا”.
وأضاف في تصريح لجريدة “المصدر” بأن: “المؤسسات المالية الدولية الفاسدة أخذت منحا مرافقا للمنظومة الغربية، في مقدمتها أمريكا والاتحاد الأوروبي، وهنا نقصد مباشرة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وحتى المنظمة العالمية للتجارة، هذه الأخيرة تعرضت لقرارات غير قانونية من طرف عدة دول، على غرار أمريكا التي عرقلت الكثير من المنتجات الصينية وكذلك الشأن بالنسبة إلى الإنتاج العالمي”.
وتابع محدثنا بأن: “النظام العالمي الحالي لم يُبنى على أسس صالحة لكل المجتمع الدولي، وإنما بُني على مصالح مرتبطة بالدول الغربية على حساب الدول الفقيرة اليائسة التي تعيش استعمار اقتصادي دام مئات السنوات، وقمة جوهانسبورغ ستفرج عن قرارات مهمة جدا”.
وأوضح تيغرسي بأن: “رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من خلال زيارته المكوكية إلى الخارج، والتي زار فيها الصين وروسيا، قد قام بالتحضيرات اللازمة لانضمام الجزائر إلى بريكس، عبر منحه أكثر هيبة وقوة واحتراما لملف الجزائر، وتمثيل وزير المالية للجزائر في قمة البريكس بجوهانسبورغ، سيعطي حركية اقتصادية ومالية أكثر عبر استخدام الجانب المالي، لاسيما وأنه التقى بعدة وزراء مالية في هذا الصدد، إضافة إلى مسؤولة بنك التنمية لبريكس”.
وأبرز الخبير الاقتصادي ذاته بأن: “الجزائر ساهمت في بريكس من خلال استحسان الفكرة ودعم بنك التنمية لبريكس، كما شرعت في خطوات العمل الحقيقي الاقتصادي، ومهما يكون القرار بالقبول أو تأجيل الانضمام مؤقتا، يبقى هناك عمل للحكومة لتحضير الإجراءات أكثر فأكثر”.
واستطرد يقول بأن: “انضمام الجزائر إلى بريكس سيسهّل ولوج دوله للأسواق الإفريقية، ويدعم التقارب الإفريقي مع منظمة بريكس”.
ويمثل وزير المالية، لعزيز فايد، رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في قمة بريكس بجنوب إفريقيا، والتي ستشهد حضور زعماء 4 دول من أصل 5 مؤسسة، فيما يشارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر تقنية الفيديو من روسيا، كما سيشارك رؤساء دول أخرى، على غرار الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
واعتبر فايد “مشاركة الجزائر في هذا المنتدى، دليلا على مدى اهتمام الدولة الجزائرية في التفكير في تعزيز التعددية العادلة والمنصفة لإصلاح الحوكمة العالمية.
وتشارك الجزائر أيضا على هامش انعقاد القمة الـ15 لمنتدى “البريكس”، في معرض تجاري بجناح تشرف عليه مؤسسة “تصدير” فرع الشركة الوطنية المعارض والتصدير “صافكس”، حيث يجمع ممثلين عن الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية الجكس، الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية، الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، والمسرع العمومي للمؤسسات العمومية الجيريا فونتور.
ويُعد هذا المعرض الموازي لاجتماع بريكس، بمثابة منصة لعرض منتجات وخدمات من طرف شركات ومؤسسات افريقية، بالإضافة إلى مؤسسات من روسيا، الصين، الهند والبرازيل.
وفي سياق التجارة بين دول منظمة بريكس، أكد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا دعم بلاده لإنشاء عملة تجارية لدول البريكس.
ويأتي ذلك رغم نفي منظمي القمة أي خطط لمناقشة إصدار عملة خاصة بالمجموعة، وهو ما كان قد طرحه الرئيس البرازيلي هذا العام كمقترح لوقف الاعتماد على الدولار الأميركي.