دولي

بريطانيا تغرق مجددا في “عدم اليقين الاقتصادي”

أدى سقوط ليز تراس، رئيسة وزراء بريطانيا، بعد 6 أسابيع صاخبة من الإخفاقات، إلى إغراق البلاد في مرحلة أخرى من عدم اليقين الاقتصادي.

عندما أعلنت تراس استقالتها يوم الخميس الماضي من منصب زعيمة حزب المحافظين، قائلة إنها ستتنحى كرئيسة للوزراء، انخرطت الأسواق في رحلة صعود مؤقتة وقصيرة الأجل.

وبينما يسير الاقتصاد البريطاني إلى المجهول، فإن رد الفعل الأولي عموما يشير إلى أن المستثمرين يتوقعون أن رئيس وزراء الجديد سيمضي قدما في الخطط المالية التي تدعمها السوق بشكل عام، لكن من السابق لأوانه التأكد من ذلك.

سيواجه رئيس الوزراء المقبل -الثالث هذا العام- قائمة طويلة من التحديات الاقتصادية، التي خلفتها جائحة كورونا، وتبعات الحرب الروسية الأوكرانية.

أولها تجاوز معدل التضخم السنوي 10% الشهر الماضي مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بأسرع وتيرة لها منذ أكثر من 40 عاما، وهي ذات الذروة لأسعار المستهلك عموما. 

إضافة إلى أن الأجور لم تواكب ارتفاع الأسعار، مما تسبب في أزمة تكاليف المعيشة والاضطرابات العمالية ومجموعة من الإضرابات في عديد القطاعات التي تطالب بمواءمة الأجور مع التضخم المرتفع. 

كما أن هناك ركود عميق في الإنفاق الاستهلاكي داخل الأسواق البريطانية، إذ أظهرت بيانات صدرت الجمعة الماضي أن الناس يشترون أقل مما كان عليه قبل الوباء.

وكذلك من المقرر أن ترتفع أسعار الفائدة حتى مع ركود الاقتصاد، فلم تنجح 7 زيادات على أسعار الفائدة من جانب بنك إنجلترا منذ ديسمبر الماضي في استعادة الاستقرار للسياسة النقدية.

كما لا تزال الحرب الروسية الأوكرانية تلقي بظلال سلبية على مسار الاقتصاد البريطاني، من حيث ارتفاع أسعار السلع الأساسية وارتفاع أسعار الوقود والمشتقات بأنواعها.

وأثارت تراس تقلبات غير عادية في الأسواق في نهاية سبتمبر الماضي، عندما أعلن وزير الخزانة الأول كواسي كوارتنج عن خطة تخفيضات ضريبية واسعة النطاق والإنفاق الضخم، يتم تمويلها عن طريق الاقتراض. 

وسط أعلى معدل تضخم في أربعة عقود وارتفاع أسعار الفائدة، اعتبرت الأسواق أن الخطة التي تم تنفيذها دون أي تقييم مستقل، ضربة لسمعة بريطانيا فيما يتعلق بالمصداقية المالية. 

ونتيجة لذلك، انخفض الجنيه إلى مستوى قياسي منخفض، وارتفعت عائدات السندات الحكومية بشكل عنيف، مما اضطر البنك المركزي للتدخل لوقف أزمة في صناعة صناديق المعاشات التقاعدية.

رئاسة تراس كرئيسة للوزراء هي الأقصر في التاريخ البريطاني، بسبب السياسات الاقتصادية التي عادت إلى الاقتصاد المتدرج في الثمانينيات، والتي بنيت على الاعتقاد بأن التخفيضات الضريبية للأثرياء كانت عادلة وستؤدي إلى الاستثمار والنمو الاقتصادي، الذي من شأنه أن يفيد الجميع.

في غضون ذلك، من المرجح أن تركز الحكومة الجديدة على استعادة المصداقية المالية للحكومة، حيث تم تعيين جيرمي هانت في منصب وزير الخزانة لتقديم خطة مالية على المدى القصير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى