
يُنتظر من المجالس الإستشارية توفير الحلول و تجنب الأزمات في مختلف المجالات ويُعول على المجلس الأعلى للطاقة رسم المحاور الكبرى للتحول الطاقوي لمواكبة الدول المتقدمة في مجال الطاقة بعد تنصيبه.
رتيبة بوراس
في السياق، أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بتنصيب المجلس الأعلى للطاقة في أقرب وقت لتكليفه بمهام الاستشراف والتقييم في هذا المجال، وشدد خبراء الطاقة على دور المجلس في التحول الطاقوي في الجزائر.
طرطار: الإطلاع على تجارب الدول وتطويعها من المهام المنتظرة من المجلس الأعلى للطاقة
أكد الخبير في المجال الطاقوي، أحمد طرطار، في حديثه مع “المصدر”، أن تنصيب المجلس الأعلى للطاقة، على غرار المجالس الإستشارية له دور إيجابي للسلطة المشرفة على قطاع الطاقة، من خلال تسطيره لبرنامج يتوافق مع الأطروحات العلمية الجديدة في مجال الطاقات المتجددة الذي يُعد مجالا واسع ويستقطب إهتمام الدول الغربية، ممّا جعل الجزائر تنحى إلى هذا المنحى وتسعى لتشكيل المجلس الأعلى للطاقة الذي يكون مُطلع على التجارب المحيطة ويرى جميع البوادر العلمية المتخذة في المجال ويُطوعها بما يحقق الفائدة للبلاد.
مضيفا أنه تم إلزام الكثير من الهيئات ذات الإستهلاك الواسع في مجال الكهرباء إلى إنتهاج الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية كإدارات الصحة والمؤسسات التربوية المنتشرة عبر ربوع الوطن التي تسهلك نسب مرتفعة من الطاقة الكهربائية.
وأشار طرطار إلى طبيعة تشكيلة المجلس الأعلى للطاقة مشددا على ضم كفاءات وطاقات بشرية ذات خبرة في التشخيص والتحليل وبناء الحلول الذكية في المجال الطاقوي ليكون له دور فعال في البحث عن البدائل وتقييم تجارب الدول لتجنب حشوه بأفراد لا علاقة لهم بمجال الطاقوي.
ياسع: سيكون له دور في رسم المحاور الكبرى للتحول الطاقوي في الجزائر
من جهته، كشف محافظ الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقوية، ياسع نور الدين، للإذاعة الوطنية، أن تنصيب المجلس الأعلى للطاقة سيكون له دور مهم في رسم المحاور الكبرى للتحول الطاقوي لمواكبة الدول المتقدمة التي تتجه للتحول الطاقوي من خلال إستراتيجية جزائرية على المدى المتوسط والبعيد من أجل تحقيق الأمن الطاقوي للبلاد.
وأشار ياسع إلى وجود أريحية في الولوج إلى الطاقة مشددا على ضرورة الإستدامة في الطاقة بمختلف أنواعها من خلال تقييمات التي يقوم بها المجلس الأعلى للطاقة.
مؤكدا أن من مميزات الجزائر تجربتها الرائدة في الغاز الطبيعي والغاز المسال والتي تُعد فرصة لتكون رائدة في الهيدروجين الأخضر بالشراكات الخارجية وكذا تصدير الهيدروجين وهو ما يُمكن الجزائر أن تكون رائدة في المجال الطاقوي ككل.
مهماه: تنصيب المجلس الأعلى للطاقة يأتي لتأطير “الإنتقال الطاقوي”
من جهته، قال الخبير الطاقوي، مهماه بوزيان، إن الإسراع في تنصيب المجلس الأعلى للطاقة، في أقرب وقت، لتكليفه بمهام الاستشراف والتقييم في مجال التحول الطاقوي، يأتي لتجاوز حالة العطالة التي طبعت خطط نشر الطاقات المتجددة في المشهد الوطني على مدى العشرين سنة التي مضت، أي منذ إنشاء شركة المساهمة “الجزائر للطاقة الجديدة” (NEAL)، ثم ما تلى ذلك في سنة 2005 من إصدار “إعلان الجزائر” حول الهيدروجين الطاقوي ذي المصدر المتجدد.
وأضاف الخبير الطاقوي في حديثه لـ”المصدر”، أن المجلس يأتي لتجاوز حالة المبادرات الوطنية المجزأة والمجتزأة، وهندسة منظور وطني للدولة الجزائرية يتوخى تعزيز الأمن الطاقوي لبلدنا، بعد 50 سنة من تأميم المحروقات، كحدث فارق في التاريخ الوطني للطاقة، وضمن منظور إعادة صناعة الملحمة ولو بشكل آخر مختلف.
مؤكدا أننا بحاجة إلى إطار يُعنى بالإستشراف والتقييم والتقويم والتخطيط في الحقل الطاقوي يستهدف بناء المنظورات التي ستسمح بإستنبات مضامين “تعزيز الأمن الطاقوي” للأمة الجزائرية، وضمن مقاربة جديدة طموحة واعية تنقلنا من استحضار الذكريات المجيدة لـ”تأميم المحروقات” إلى إرادة الفعل الخلاق والمبدع في “تأمين الموارد المتجددة والمنجمية والطبيعية” لبلدنا وتثمينها ضمن تركيب نسقي متجانس ومتعاضد يُحيلها إلى منظومة ثرية من القيم المضافة العالية القيمة والجودة، ويخرج منظوماتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من حالة العطالة، ويجعلها نابضة بالحيوية والقيمة المضافة والطموح الجاد.
وأشار مهماه، إلى أن تنصيب المجلس الأعلى للطاقة يأتي لتأطير “الإنتقال الطاقوي” حتى لا نقع في أي “فخ انتحاري”، من خلال هندسة مسعى واقعي يستهدف بدءً توطين تكنولوجيات الطاقات المتجددة وتثمين أعمال البحث العلمي والتطوير التكنولوجي ومضاعفة الجهد الوطني في مجال الهندسة، وفي مختلف مجالات الطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية وحقول المعرفة المرتبطة بها، وإعداد جاد لمنظومة البدائل القابلة للإحلال زمنيا، هذه البدائل الواقعية القابلة للتحقيق والتي تمتلك مقومات الحياة الذاتية والإستدامة والمُستنبتة في نسيج فضائنا الوطني.
وأضاف ذات الخبير أن تنصيب المجلس الأعلى للطاقة يأتي ليكون الرافعة الوطنية التي تجعل من أعمال الإستشراف التي تعتمد على أدوات البحث العلمي في هندسة المنظورات ورسم المسارات السلسة والآمنة لهذا “الانتقال الطاقوي”، خاصة و أننا أصبحنا ندرك اليوم جيدا بأنه، في كلّ تحول أو انتقال طاقوي، توجد جوانب جيوسياسية و رؤى مستقبلية، بما يستوجب منا وضع إطار مؤسساتي على أعلى مستوى للعناية بهذه المنظورات التي تتجاوز المهام القطاعية منفردة، ولدراسة النتائج الاقتصادية والتكنولوجية الجيوسياسية المتوقعة لانتشار الطاقات المتجددة في جميع أنحاء العالم، و تحليلها وإستنتاج آثارها المحتملة عبر تحولات خرائطها، و لنبني من خلالها “أدوات الإدراك” للسياسة الوطنية على مختلف المستويات داخليا وخارجيا، مع اقتراح الأدوات والآليات الكفيلة بتعزيز موقعنا ضمن الخريطة الجيوسياسية الجديدة في مجال الأمن الطاقوي والطاقات المتجددة ضمن السياق العالمي الجديد.