
أبرزت تقارير إعلامية السبت، أن اليونان راهنت على قطاعها السياحي الذي يتأتى منه نحو ربع ناتجها المحلي الإجمالي، لإعادة تنشيط اقتصادها المتعثر جراء عقد من الانهيار المالي.
ويأمل الخبراء السياحيون أن يتجاوز عدد السياح هذا العام المعدل القياسي المسجل في 2019 والبالغ 31.3 مليون سائح.
وبينما تثير النتائج السلبية الناتجة من أعداد السياح الكبيرة قلقا في فرنسا ودول أخرى مطلة على البحر الأبيض المتوسط، يعتمد الانطلاق المبكر للموسم السياحي بصورة متزايدة في اليونان.
وتتوافد أعداد كبيرة من السياح صيفا على موقع الأكروبوليس الأثري في أثينا، لكن الاجتياح الذي يشهده هذا المعلم اليوناني الشهير المدرج من اليونسكو في قائمة التراث العالمي، يثير قلق بعضهم ويدفعهم إلى المطالبة باتخاذ تدابير للحد من تدفق الزوار.
وعلى المسار المرصوف أسفل الموقع، ينتظر مئات الأشخاص، حاملين عبوات المياه أمام المدخل تحت أشعة الشمس الحارقة، وفقا لـ”الفرنسية”.
وتقول جاكي زاكاري، وهي سائحة أسترالية تعمل في مجال المبيعات في تصريحات صحافية: “لم نتوقع وجود هذا العدد الكبير من السياح في جوان، كنا نعتقد أن العدد الأكبر من زوار المعلم السياحي يسجل في جويلية”.
وتشير كارولين كوتيك العاملة في مجال خدمة الزبائن إلى أن “الأكروبوليس مذهل، لكن عدد الزوار هائل”، وبعد موسمين غير ناجحين بسبب الجائحة وموسم جيد 2022، شهد عدد السياح ارتفاعا كبيرا بسبب افتتاح مبكر للموسم.
وسجل في ماي حضورا بين 14 و17 ألف زائر يوميا إلى معبد البارثينون الواقع في الجزء العلوي من الأكروبوليس، بحسب منظمة إدارة الموارد الأثرية.
وشهد هذا الرقم ارتفاعا يصل إلى 70 في المائة مقارنة بـما سجل في ماي 2022، على قول إلياس باتساروهاس مدير المنظمة.
وخلال الشهر نفسه من العام الماضي، شهد معدل زيارة الموقع زيادة بـ85.7 في المائة مقارنة بـ2021، على ما تذكر هيئة الإحصاء اليونانية (إلستات).
ويشير باتساروهاس إلى أن متوسط عدد الزوار اليومي وصل منذ أفريل إلى الرقم الذي سجل في أوت 2022، وهو الشهر الذي عادة ما يشهد “العدد الأكبر من السياح” في اليونان.
وبنتيجة تدفق الزوار، يتعين على السياح التحلي بالصبر حتى يحصلوا على تذاكر زيارة الموقع الأثري.
فطابور ثان ينتظرهم في أسفل الدرج المؤدي إلى البروبيلايا الذي يشكل بوابة تذكارية عند المدخل الرئيس للمعبد المخصص للإلهة أثينا.
وغالبا ما يسجل ازدحاما في البروبيلايا لدرجة أن “الحراس يضطرون لإقفال المدخل مؤقتا حتى تفرغ الساحة من السياح”، بحسب باتساروهاس.
ويكون الازدحام كبيرا تحديدا عندما ينزل السياح من السفن السياحية التي تعبر بحر إيجه والبحر الإيوني وفي الأغلب ما تتوقف عند منطقة بيرايوس المجاورة.
ويشير أيوانيس مافريكوبولوس الذي يتولى حراسة الموقع منذ 30 عاما “قد يصل عدد الزوار في هذه الحالة إلى ألفين أو ثلاثة آلاف شخص (في كل قارب سياحي) ويضطرون للانتظار لأكثر من ساعة” حتى يدخلوا الموقع.
وتثير هذه الزحمة استياء السياح الذين يبدون إعجابهم “بأكثر مجمع معماري وفني استثنائي تركتها اليونان القديمة لبقية العالم”، بحسب “يونسكو”.
وتقول كارولين كوتك بأسف “على قمة التلة، تضيق المساحة بنا ونضيع بعضنا بعضا، ويتعين علينا الانتظار 20 دقيقة لزيارة المعالم”.
ويؤكد مافريكوبولوس أن “البنى التحتية لا تتناسب مع هذا العدد الكبير من الزوار”.
ويرى مرصد التراث العالمي الألماني غير الحكومي، أن وضع “خطتين إدارية وسياحية” للأكروبوليس خطوة ضرورية، على ما يؤكد رئيسه ستيفان دويمبكي.
ويندد بـ”عدد السياح الكبير الذي يسجل منذ أعوام عدة” ويضعف الموقع الأثري الذي سيصبح “بخطر” في حال لم تتخذ الإجراءات اللازمة.
وخلال فترة الحجر الصحي المرتبطة بكوفيد – 19، أثار بناء ممر خرساني في الموقع الصخري المحمي لتسهيل وصول الزوار إليه، انتقادات كثيرة وحادة.
وتدرس وزارة الثقافة اعتماد جدول زماني خاص بزيارات المجموعات والسياح، بحسب باتساروهاس، أما الهدف فيتمثل في اعتماد هذا الجدول بصورة نهائية خلال الموسم السياحي المقبل.