دولي

الحرب‭ ‬الروسية‭-‬الأوكرانية‭.. ‬هل‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمدادات‭ ‬العالمية‭ ‬مفتوحة‭ ‬للجميع؟

أدّت‭ ‬حرب‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا،‭ ‬الدولتين‭ ‬اللتين‭ ‬توفّران‭ ‬معاً‭ ‬30‭ ‬٪‭ ‬من‭ ‬صادرات‭ ‬القمح‭ ‬العالمية،‭ ‬لارتفاع‭ ‬حادّ‭ ‬بأسعار‭ ‬الحبوب‭ ‬والزيوت‭ ‬والأسمدة‭.‬

وفتحت‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬الجارية‭ ‬حاليا،‭ ‬الباب‭ ‬واسعا‭ ‬أمام‭ ‬سؤال‭ ‬العولمة‭ ‬بشأن‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمدادات‭ ‬العالمية‭ ‬مفتوحة‭ ‬للجميع،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يحصل‭ ‬مطلقا‭.‬

تماما‭ ‬كما‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأولى‭ ‬لإطلاق‭ ‬لقاحات‭ ‬كورونا،‭ ‬وتسابق‭ ‬الدول‭ ‬لشراء‭ ‬كميات‭ ‬لصالح‭ ‬شعوبها‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬شعوب‭ ‬أخرى،‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬تطبيق‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬الحمائية‭ ‬التجارية‮»‬‭.‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬أزمة‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمدادات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬أعادت‭ ‬مفهوم‭ ‬التكتل‭ ‬والحمائية‭ ‬للتطبيق،‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬دول‭ ‬كبرى‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬تأثيرات‭ ‬سلبية‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬الاقتصادات‭ ‬ككل‭.‬

وبينما‭ ‬كانت‭ ‬أزمة‭ ‬تذبذب‭ ‬سلاسل‭ ‬الإنتاج‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬الصناعة‭ ‬التحويلية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وسعت‭ ‬الأزمة‭ ‬لتطال‭ ‬الغذاء‭ ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬أساسي‭ ‬تقريبا‭.‬

وقد‭ ‬أدى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬دفع‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬قياسية،‭ ‬حيث‭ ‬ارتفع‭ ‬مؤشر‭ ‬أسعار‭ ‬الغذاء‭ ‬لمنظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للأغذية‭ ‬والزراعة‭ (‬الفاو‭) ‬بنسبة‭ ‬12‭.‬6‭ ‬٪‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬مقارنة‭ ‬بشهر‭ ‬فيفري،‭ ‬و‭ ‬33‭.‬6‭ ‬٪‭ ‬مقابل‭ ‬مارس‭ ‬2021‭ – ‬وهو‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

وفقًا‭ ‬لأرقام‭ ‬منظمة‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية،‭ ‬أثناء‭ ‬الوباء،‭ ‬فإن‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والأرجنتين‭ ‬وأنغولا‭ ‬وبوليفيا‭ ‬والبرازيل‭ ‬وكمبوديا‭ ‬وكولومبيا‭ ‬ومصر‭ ‬والسلفادور‭ ‬وبولندا‭ ‬ورومانيا‭ ‬وغامبيا‭ ‬وإندونيسيا‭ ‬ومنغوليا‭ ‬ومقدونيا‭ ‬الشمالية‭ ‬وصربيا‭ ‬وسويسرا‭ ‬وأوزبكستان،‭ ‬اتخذت‭ ‬إجراءات‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬تعليق‭ ‬الصادرات‭ ‬ورفع‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬الواردات‭.‬

كما‭ ‬حظر‭ ‬الاتحاد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الأوراسي،‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬روسيا‭ ‬وكازاخستان‭ ‬وأرمينيا‭ ‬وبيلاروسيا‭ ‬وقيرغيزستان،‭ ‬تصدير‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المنتجات‭ ‬الزراعية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬العام‭ ‬الأول‭ ‬لوباء‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭.‬

هذا‭ ‬العام،‭ ‬قامت‭ ‬روسيا‭ ‬أيضا‭ ‬بحظر‭ ‬أو‭ ‬تقييد‭ ‬صادرات‭ ‬السكر‭ ‬والحبوب‭ ‬وزيت‭ ‬الطعام،‭ ‬بينما‭ ‬تحركت‭ ‬كازاخستان‭ ‬أيضًا‭ ‬لمنع‭ ‬صادرات‭ ‬القمح‭ ‬والدقيق‭ ‬حتى‭ ‬15‭ ‬جوان؛‭ ‬كما‭ ‬طبقت‭ ‬الصين،‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬اقتصاد‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬سياسات‭ ‬حمائية‭. ‬ومع‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬قررت‭ ‬الأرجنتين‭ ‬وقف‭ ‬تصدير‭ ‬زيت‭ ‬فول‭ ‬الصويا‭ ‬ولب‭ ‬فول‭ ‬الصويا،‭ ‬وحظرت‭ ‬أوكرانيا‭ ‬صادرات‭ ‬القمح‭ ‬والذرة‭ ‬وزيت‭ ‬عباد‭ ‬الشمس‭ ‬والأسمدة‭.‬

كذلك،‭ ‬أوقفت‭ ‬المجر‭ ‬صادرات‭ ‬الحبوب‭ ‬وزيت‭ ‬الطعام‭ ‬والسكر‭ ‬والقمح؛‭ ‬بينما‭ ‬حظرت‭ ‬مصر‭ ‬تصدير‭ ‬البقوليات‭ ‬والفول‭ ‬السوداني‭ ‬والبازلاء‭ ‬والفول؛‭ ‬والكاميرون‭ ‬حظرت‭ ‬صادرات‭ ‬الأرز‭ ‬والذرة؛‭ ‬والهند‭ ‬حظرت‭ ‬القمح‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬فإن‭ ‬إندونيسيا،‭ ‬أكبر‭ ‬منتج‭ ‬لزيت‭ ‬النخيل،‭ ‬حدت‭ ‬من‭ ‬تصدير‭ ‬زيت‭ ‬النخيل،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتراجع‭ ‬وهي‭ ‬غالبية‭ ‬الدول‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الحمائية‭ ‬بشكل‭ ‬تدريجي،‭ ‬مع‭ ‬استقرار‭ ‬الأوضاع‭ ‬رغم‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‭.‬

وأعلنت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أنها‭ ‬تخشى‭ ‬‮«‬إعصار‭ ‬مجاعات‮»‬‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬التي‭ ‬تستورد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬قمحها‭ ‬من‭ ‬أوكرانيا‭ ‬أو‭ ‬روسيا،‭ ‬بسبب‭ ‬الحمائية‭ ‬على‭ ‬الغذاء‭ ‬والقيود‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬الحبوب‭ ‬الأوكرانية‭.‬

ويأتي‭ ‬ذلك،‭ ‬فيما‭ ‬يواجه‭ ‬القرن‭ ‬الإفريقي‭ (‬كينيا‭ ‬وإثيوبيا‭ ‬والصومال‭ ‬وجيبوتي‭) ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أسوأ‭ ‬موجة‭ ‬جفاف‭ ‬منذ‭ ‬40‭ ‬عاماً،‭ ‬أغرقت‭ ‬18‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬الجوع‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى