
صعدت أسعار النفط، خلال تعاملات الثلاثاء، في ظل توقعات بمستويات طلب قوية على الخام، مع استمرار تعافي الإقتصاد العالمي، وتباينت آراء خبراء الطاقة حول تأثيرات الزيادة المسجلة في أسعار النفط على الإقتصاد الوطني من إيجابية على الميزانية وبعث الأنشطة الإستثمارية إلى سلبية على أسعار المواد المستوردة بإرتفاع أسعار المنتوجات.
رتيبة بوراس
وارتفعت العقود الآجلة للخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.60% إلى 83.81 دولار للبرميل، فيما صعدت العقود الآجلة لخام “برنت” بنسبة 0.75% إلى 86.92 دولار للبرميل.
مهماه بوزيان: ليس كل إرتفاع لأسعار النفط مفيد لإقتصاد الدول المصدرة
وعن تابعات إرتفاع أسعار النفط، يرى الخبير الطاقوي، مهماه بوزيان، أن هناك زاوية نظر، تتعلق بإرتفاع أسعار السلع والبضائع المستوردة، وهي زاوية ينبغي النظر من خلالها لآثار إرتفاع أسعار النفط، فليس كلّ إرتفاع للأسعار مفيد لإقتصاد الجزائر وللدول المصدرة للنفط بشكل عام.
وأضاف مهماه، في حديثه، لـ”المصدر”، أن أسعار النفط المرتفعة تميل إلى جعل الإنتاج أكثر تكلفة بالنسبة للشركات والمصانع، تمامًا كما يجعل الأمر أكثر تكلفة بالنسبة للأسر للقيام بالأشياء التي تقوم بها عادة.
وأشار الخبير الطاقوي إلى أن إرتفاع أسعار النفط تؤدي إلى زيادة التضخم وتقليل النمو الاقتصادي، فمن حيث التضخم، يقول متحدثنا إن أسعار النفط تُؤثر بشكل مباشر على أسعار السلع المصنوعة من المنتجات البترولية، كما تؤثر أسعار النفط بشكل غير مباشر على التكاليف مثل النقل والتصنيع، بالإضافة إلى إمكانية تأثير الزيادة في هذه التكاليف بدورها على أسعار مجموعة متنوعة من السلع والخدمات، حيث قد ينقل المنتجون تكاليف الإنتاج إلى المستهلكين. ـ يُضيف ذات الخبيرـ .
وبحسب مهماه فإنه ينبغي التفكير في ميزانية الواردات للجزائر، مع تقليصها، وإرتفاع أسعار السلع والبضائع المستوردة بسبب إرتفاع أسعار النفط، لأن النتيجة ستكون تقليص حاد في عدد وحجم البضائع المستوردة، وهذا سيخلق ندرة حادة وغلاء فاحش في السوق الوطنية، وهذه معادلة مغفول عنها.
“عجز ثلاثي” .. و أسعار نفط بـ”ثلاثة أرقام”
وتابع الخبير الطاقوي أنه مع إتجاه النفط لتسجيل “عجز ثلاثي”، يتمثل أولاً، في إنخفاض مخزونات النفط، خصوصا في منطقة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2000، وثانيا، إنخفاض الطاقة الإنتاجية الاحتياطية، وثالثا، إنخفاض الاستثمارات في صناعة النفط خاصة في المنبع، وعليه يُضيف ذات المتحدث، فإن العديد من البنوك الدولية والهيئات المرجعية، على غرار توقعات “مورجان ستانلي” تتوقع إمكانية تسجيل أسعار النفط لـ”ثلاثة أرقام” بحلول نهاية هذا العام 2022، من خلال تجاوزها مستوى 100 دولار للبرميل في النصف الثاني من هذه السنة.
بالمقابل يعتقد الخبير الطاقوي، أن ملمح أسعار خامات النفط، ومنحى اتجاهها سيبقى متموجا خلال هذه السنة 2022، و سيكون ملمح شهر ديسمبر 2021 هو النموذج الذي سيتولد و سيكون بارزا خلال هذه السنة.
أحمد طرطار: إرتفاع أسعار ومداخيل النفط إيجابية للإقتصاد الوطني
من جهته، أكد الخبير الطاقوي، أحمد طرطار، أن إرتفاع أسعار النفط له أثار إيجابية للتنمية المحلية وتحقيق التوازن في الميزانية بالإضافة إلى إعادة بعث المشاريع الإستثمارية الكبرى التي كانت متوقفة ومعطلة نتيجة الضائقة المالية التي مرت بها الجزائر منذ 2014 وهو ما يجعل الإقتصاد الوطني يستفيد من هذه الزيادات.
وأضاف طرطار في حديثه، لـ”المصدر”، أن المدخول المتآتي من فرق السعر من 45 دولار إلى حدود 85 و 88 دولار، سيُحسن في الميزان التجاري مع إستفادة صندوق تعديل الواردات، وتحسن في إحتياطي الصرف الأجنبي ورفعه.
وفيما يخص سعر البرميل المحدد في قانون المالية بـ 45 دولار، أشار الخبير الطاقوي أن السعر المحدد سعر مرجعي وهو سعر إستشرافي لرسم إستراتيجية الموازنة العامة بحسب الظروف، مؤكدا أن السعر الحقيقي يتراوح ما بين 80 إلى 88 دولار وتشير التوقعات إلى بلوغ 100 دولار للبرميل في السنة الجارية.
الإنتعاش النسبي الأخير في الأسعار راجع إلى عودة الأنشطة الإقتصادية
وعن تأثيرات جائحة كورونا أكد متحدثنا أن بفعل تأثيرات الجائحة أسعار النفط لن تستقر خاصة مع ظهور متحورات جديدة تخلق من حين إلى آخر، مشيرا إلى إمكانية الإغلاق وتعطل الحركية الإقتصادية الدولية وتأثيرها السلبي على أسعار النفط.
مضيفا أن الإنتعاش النسبي الأخير في أسعار النفط راجع إلى عودة الأنشطة الإقتصادية من خلال حركة الطيران وفتح المعابر والحدود ما بين الدول، وبداية نفاذ المخزون الأمريكي من البترول وتوقف منصات إستغلال البترول الصخري في أمريكا نتيجة إرتفاع تكلفتها بحيث ممّا جعل الأسعار تنتقل من 70 دولار إلى 88 دولار.
تسجيل أعلى معدل سنوي لها منذ 2014
يُشار إلى أن أسعار النفط الجزائري حققت ارتفاعا يفوق 28 دولارا خلال سنة 2021، لتستقر عند 70.89 دولارا مدعومة بعودة الطلب على الخام في ظل الانتعاش الاقتصادي، حسب التقرير الشهري الاخير لمنظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”.
وأوضح التقرير أن المعدل السنوي لأسعار خام صحاري الجزائري انتقل من 42.12 دولارا للبرميل في 2020 الى 70.89 دولارا للبرميل في 2021، ما يمثل ارتفاعا بـ 28.77 دولار للبرميل اي بنسبة 68.30 بالمائة.
وقد ارتفعت سلة خامات “أوبك” المرجعية سنة 2021، بـ 28.42 دولار، ما يمثل زيادة بـ 68.5 بالمائة، لتستقر عند 69.89 دولارا للبرميل، وهو ما يعتبر أعلى معدل سنوي لها منذ 2014.
وجاء هذا الارتفاع في المعدل السنوي بعد تسجيل سلسلة زيادات لعدة أشهر متتالية سنة 2021، مدعومة أساسا بالتوازن الذي عرفته أساسيات السوق، وتراجع مخزونات النفط في الدول المستهلكة، حسب التقرير.
وبخصوص إنتاج الجزائر، أبرز التقرير أنه قد بلغ 911 ألف برميل سنة 2021 مقابل 899 ألف برميل خلال 2020.
وإجمالا، انتجت دول “أوبك” 25.648 مليون برميل في اليوم سنة 2021 مقابل 26.315 مليون برميل سنة 2020.