
كشف رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال لقائه مع ممثلي الصحافة الوطنية، عن قرارات جديدة في مقدمتها الإقتصادية والتي ستطبق الأشهر المقبلة، تخص الرأي العام الوطني على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وقال خبراء في قراءة لقرارات رئيس الجمهورية،عبد المجيد تبون و التي كشف عنها أول أمس أنها ستعطي دفعة نوعية لكل المجالات و ستساهم في جعل 2022 سنة إقتصادية بإمتياز .
لجنة وطنية أواخر ماي لمراجعة الدعم العمومي
أعلن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، عن تشكيل لجنة وطنية أواخر شهر ماي القادم للتكفل بملف مراجعة الدعم العمومي قصد الإنتقال من الدعم المعمم إلى الدعم الموجه لمستحقيه، بإشراك جميع الفاعلين.
واوضح الرئيس ان هذه اللجنة ستضم ممثلين عن “المجلس الشعبي الوطني و مجلس الأمة و النقابات و الأحزاب السياسية و جميع الطاقات الحية في البلاد التي ستعطي رأيها بشكل منظم”.
و تابع: “من هنا إلى غاية نهاية السنة سيتم رفع الدعم عن بعض المواد في اطار آلية وطنية”، مؤكدا أن “الحكومة لن تنفرد برأيها أبدا”.
وأضاف بأن نفقات الميزانية ستعرف “مراجعة هيكلية” مؤكدا ان “دعم الطبقات الهشة و المتوسطة أمر مفروغ منه ومبدأ من مبادئ الجزائر المستقلة و بيان اول نوفمبر” و أن الامر يتعلق فقط بـ”منح الدعم لمن يستحقه”.
يذكر أن قانون المالية لسنة 2022 قد ادرج مادة تنص على فتح الباب لمراجعة سياسة الدعم العمومي من خلال آلية وطنية.
رفع الإنتاج الفلاحي لتحقيق الأمن الغذائي
وبخصوص القطاع الفلاحي، فقد أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، على ضرورة رفع الإنتاج الوطني من المواد الفلاحية، وعلى رأسها الحبوب، لتحقيق الأمن الغذائي، موضحا أن “الحل الجذري للتصدي لغلاء أسعار المواد الغذائية وندرتها في السوق الدولية هو تعزيز الإنتاج الوطني”.
وذكر رئيس الجمهورية في هذا الصدد بالتحفيزات التي أقرتها الدولة لفائدة المنتجين بما في ذلك تمويل مشاريعهم بنسبة تصل إلى 90 بالمائة من تكلفتها.
ويأتي ذلك من منطلق الأهمية التي توليها الدولة لرفع مستويات الإنتاج المحلي باعتباره “أساسا للأمن الغذائي للبلاد”، يؤكد الرئيس تبون.
وتطرق بهذا الخصوص إلى شعبة الحبوب الوطنية التي تغطي فقط حوالي نصف احتياجات البلاد والمقدرة بحوالي 9 ملايين طن.
وأخذا بعين الاعتبار للزيادة السكانية والمقدرة بـ850 الف نسمة سنويا، فإنه من الضروري -حسب تبون- رفع الإنتاج الوطني لمواجهة الطلب المحلي المتزايد والتقليص التدريجي لحصة الواردات إلى غاية وقفها نهائيا وهو “أمر ممكن جدا بشهادة المختصين في المجال”.
ولتحقيق هذا الهدف، شدد الرئيس على أهمية رفع مردودية الأراضي الفلاحية المنتجة للحبوب من متوسط 20 قنطار/هكتار حاليا إلى 40 قنطار/هكتار، لافتا إلى أن هذا المتوسط بلغ في بعض الدول الكبرى المنتجة للحبوب مثل الولايات المتحدة 120 قنطار/هكتار.
ويستدعي ذلك الاعتماد على التقنيات الفلاحية الملائمة في مجال الري وتكثيف البذور وغيرها.
إجراءات لتحسين مستوى معيشة المواطن وحماية قدرته الشرائية
وفي معرض حديثه عن جهود الدولة لمواجهة غلاء أسعار المواد الغذائية في الأسواق الدولية، أشار رئيس الجمهورية إلى قرار حصر نشاط استيرادها على الهيئات التابعة للدولة ومنع المستوردين الخواص من ذلك، بغية إيصال هذه المواد إلى المواطن بأسعار مقبولة.
يضاف إلى ذلك التدابير الرامية لرفع القدرة الشرائية للمواطن وعلى رأسها رفع النقطة الاستدلالية في الوظيف العمومي، ورفع المعاشات، وخفض الضرائب على الرواتب، والشروع في صرف منحة البطالة وهي “الأولى من نوعها في إفريقيا والعالم العربي” مع منح الحماية الاجتماعية للمستفيدين منها.
وبالموازاة مع ذلك، تعمل مصالح الدرك والأمن الوطنيين وباقي الهيئات المعنية بمحاربة ظاهرة المضاربة لاسيما بعد تجريمها وإقرار عقوبات على مرتكبيها تصل إلى 30 سنة سجن.
و بخصوص منع تصدير المنتجات الغذائية أكد أن هذا القرار “ليس فيه أي إجحاف في حق المتعاملين الاقتصاديين، بل جاء حماية للقوت اليومي للمواطن”, خاصة في ظل ظاهرة التهريب التي تستنزف “ثلث ما تستورده البلاد من مواد غذائية”.
مخزونات القمح كافية لمدة ثمانية أشهر
و كشف في السياق أن مخزونات القمح في الجزائر كافية لمدة ثمانية أشهر، مضيفا أن “الجزائر تملك حاليا مخزونات تكفي لمدة ثمانية أشهر، كما أننا على أبواب الحصاد في الجنوب، وهو ما سيتم أيضا في الشمال بعد شهرين”.
وذكر رئيس الجمهورية في نفس السياق بالإجراءات التي اتخذتها الدولة لتشجيع الإنتاج الفلاحي وعلى رأسها رفع سعر شراء الحبوب والبقول من الفلاحين.
تحقيق حول ندرة بعض أنواع الأدوية
في سياق آخر، أعلن رئيس الجمهورية عن قيام المفتشية العامة لرئاسة الجمهورية بتحقيق حول ندرة بعض أنواع الأدوية في السوق الوطنية.
وأوضح الرئيس تبون، أن “المعطيات الأولية تشير إلى وجود ندرة فعلية في السوق وهو ما دفعنا لإسداء تعليمة باللجوء إلى الاستيراد، لكن لابد من التحري حول سبب الندرة “.
واعتبر تبون أن هذه التذبذبات في تموين السوق “غير عادية” إذ أن الإمكانيات المالية متوفرة والمسؤوليات محددة بوضوح بالنسبة لكل طرف.
وصرح الرئيس تبون بالقول : “أعدكم بإبلاغكم بنتائج هذا التحقيق الذي يشرف عليه 37 مفتشا من رئاسة الجمهورية بمجرد الانتهاء منه، ولن يظلم أي طرف”.
قانون الإستثمار يعرض أمام مجلس الوزراء في عضون شهر
كما قال رئيس الجمهورية، إن قانون الاستثمار الجديد سيعرض أمام مجلس الوزراء في غضون شهر.
اكد الرئيس تبون مرة أخرى ان سنة 2022 هي “سنة اقتصادية بامتياز” بفضل التسهيلات المتعددة التي اقرت في المجالات الاقتصادية و لفائدة الاستثمار.
و ذكر في هذا الصدد برفع العراقيل على “اكثر من 800 مشروع من بين 900 مشروع استثماري كانت مجمدة” مما سيسمح بتوفير 52 الف منصب شغل و هو ما وصفه بـ”المعجزة” التي تحققت.
زيادات في الأجور وفي منحة البطالة بداية من جانفي المقبل
من جهة أخرى، أعلن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، عن زيادات في أجور العمال وفي منحة البطالة سيشرع في تطبيقها مع مطلع السنة المقبلة.
وقال: “نطمئن الطبقة الشغيلة أنه من هنا إلى نهاية السنة، ستكون هناك زيادة في الأجور وفي منحة البطالة، وسيشرع في تطبيقها مع بداية شهر جانفي 2023″، موضحا “أننا ننتظر النتائج النهائية للمداخيل الوطنية المنتظر تحقيقها إلى غاية نهاية السنة الجارية”.
أي تعديل حكومي يجب أن يكون “فعالا”
وبخصوص إمكانية إجراء تعديل حكومي، رد الرئيس تبون بالقول أن هذا التعديل سيكون “حسب نتائج كل قطاع” وأن المقياس في ذلك سيكون مرتبطا بمدى تطبيق القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء.
دور محوري للجزائر في المنطقة ومعالجة القضايا الافريقية
ودبلوماسيا، أبرز الرئيس الجمهورية، الدور المحوري للجزائر في المنطقة ومعالجة القضايا الافريقية، على غرار الساحل وليبيا.
وقال ان استشارة الجزائر أصبحت ضرورية في ملفات الساحل وغيره وكذا بالنسبة لليبيا، فضلا عن كون كل الدول في الساحة المتوسطية مهتمة برأي الجزائر”.
وجدد الرئيس تبون موقف الجزائر من القضيتين الفلسطينية والصحراوية “باعتبارهما قضيتي تصفية استعمار”.
وبخصوص ليبيا، جدد رئيس الجمهورية التأكيد على أنّ الحل الوحيد للقضية يكمن “في العودة الى الشعب”، مذكرا ان الجزائر تسير مع الشرعية الدولية بخصوص الملف الليبي.
وعن القمة العربية المقرر عقدها في نوفمبر القادم بالجزائر، أكد رئيس الجمهورية ان كل الدول العربية اكدت مشاركتها، موضحا ان “الجزائر ليس لديها مشاكل مع أي دولة عربية فكلها دول شقيقة، وكل ما يمسها يمسنا”.
أما بخصوص العلاقات مع روسيا التي تعود الى 60 سنة، فقد شدد رئيس الدولة على أن الجزائر ” دولة نافذة في حركة عدم الانحياز بأتم المعنى ولن تلتزم بأمور لا تهمها”، غير أن ذلك “لا يمنعنا أن نكون أصدقاء مع روسيا مثلما نحن أصدقاء مع الولايات المتحدة لكن بطريقة أخرى”، فضلا عن أنه”تجمعنا علاقات قوية مع الصين”.
وبخصوص الشراكة مع ايطاليا، ذكر الرئيس تبون بموقف هذا البلد حيث كان الوحيد المساند للجزائر خلال العشرية السوداء، ووقف الى جانبها من خلال فتحه خطوط قروض بملايير الدولارات مع استمرار رحلات الخطوط الجوية الايطالية الى الجزائر، “في وقت لم تعد أي طائرة تحط بالجزائر بإيعاز من دولة أوروبية”.
الجزائر لن تتخلى عن إلتزامها بتزويد إسبانيا بالغاز
وعن إسبانيا، أكد الرئيس الجمهورية، أن ما قامت به إسبانيا تجاه قضية الصحراء الغربية “غير مقبول أخلاقيا و تاريخيا”، مطالبا بتطبيق القانون الدولي لعودة العلاقات إلى طبيعتها بين الجزائر ومدريد.
ولدى تطرقه للشق الطاقوي في العلاقات مع اسبانيا، طمأن رئيس الجمهورية الشعب الاسباني بأن الجزائر “لن تتخلى عن التزامها بتزويد اسبانيا بالغاز مهما كانت الظروف”.
تيغرسي: القرارات ستساهم في جعل 2022 سنة اقتصادية بامتياز

في هذا الإطار، تطرق الخبير الاقتصادي، الهواري تيغرسي، في قراءته للقرار المنتظر تنفيذها الأشهر المقبلة ، إلى أهم المحاور التي تشغل بال المواطنين خاصة تلك التي ستحسن مستوى معيشته وتحمي قدرته الشرائية” لذلك فقد أشار إلى أن “الزيادات التي أعلن عنها الرئيس في أجور العمال وفي منحة البطالة والتي سيشرع في تطبيقها مع مطلع السنة المقبلة سترفع من القدرة الشرائية للمواطن”.
وفيما يخص محاربة البيروقراطية التي سمحت بتحرير 800 مؤسسة ودخولها الإنتاج لخلق 52 ألف منصب شغل، أوضح في حديثه مع الإذاعة الوطنية، أن “هذا القرار السياسي سيسمح باسترجاع ثقة المستثمرين و باستحداث عدة مؤسسات أخرى من أجل إعطاء دفعة نوعية للإقتصاد الوطني”.
كما أشار إلى ان “رئيس الجمهورية وخلال تدخله أولى اهتماما كبيرا للزراعة الإستراتيجية وللقطاع الفلاحي” والذي قال إنه “يجب تحريره أولا من العراقيل البيروقراطية وإعادة صياغة بعض القوانين لتطويره”.
كما تطرق الخبير الاقتصادي إلى قرار تشكيل لجنة وطنية أواخر شهر ماي القادم تتكفل بملف مراجعة الدعم العمومي قصد الانتقال من الدعم المعمم إلى الدعم الموجه لمستحقيه، بإشراك جميع الفاعلين.
و شاطر تيغرسي توجيهات رئيس الجمهورية بضرورة محاربة التهريب الذي أرهق كاهل الاقتصاد الوطني وأصبح يشكل خطرا على الجزائر، خاصة في المجال الطاقوي، داعيا إلى ضرورة رقمنة جميع القطاعات الاقتصادية للتحكم في كل التعاملات بشكل أفضل وشفاف وللكشف عن المخالفين ولمحاربة التهريب والاحتكار مع وضع منظومة تشريعية شفافة وفعالة يمكن تطبيقها على أرض الواقع”.
وفي هذا الاطار أفاد تيغرسي بأن “عملية الإحصاء العام للسكان المقررة لاحقا ستشكل نقطة أساسية لتكوين منظومة إحصائية رقمية حقيقة تمكن من بناء اقتصاد رقمي حقيقي”.