الجزائر

هل سيجني المغرب ثمار دعايته الكاذبة؟

بالعودة إلى المؤامرات الدنيئة التي يحيكها المغرب ضد الجزائر، وحسب تأكيد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة،  فإنها مثبّتة تاريخيًا ومتواصلة منذ الإستقلال وإلى غاية اليوم، انطلاقًا من الحرب العدوانية التي شنّتها ضد بلادنا سنة 1963 وراح ضحيتها آنذاك 850 شهيدًا جزائريًا، وصولاً إلى الإتهامات الباطلة التي أطلقها وزير خارجية دولة الكيان الصهيوني في زيارته الأخيرة للمغرب.

رتيبة بوراس

وقال الوزير إنّ “الفضيحة المتعلقة ببرنامج “بيغاسوس” قد كشفت، بما لا يدع مجالا للشك، عمليات التجسس الكثيفة التي تعرض لها مواطنون ومسؤولون جزائريون من قبل الأجهزة الاستخباراتية المغربية مستعملة في ذلك تكنولوجيا الكيان.

في حين أبرز لعمامرة أنّ المغرب تعاون بشكل “بارز و موثق” مع المنظمتين الإرهابيتين “الماك” و”رشاد” اللتين ثبت تورطهما في الجرائم الشنيعة المرتبطة بالحرائق المهولة التي شهدتها العديد من ولايات البلاد مؤخرا.

وفيما يتعلق بشأن ما سيتمخض عن قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، قال لعمامرة: “عندما يتم اتخاذ قرار بقطع العلاقات، يلي ذلك مراجعة لكافة العلاقات الثنائية بين البلدين ويتقرّر ما يتناسب مع الوضع الجديد وما لا يتناسب معه”.

فبخصوص أهم مجال تم الحديث عنه مؤخرا المتعلق لأنبوب الغاز الجزائري الذي يمر عبر المغرب إلى أوروبا، فقد أوضح لعمامرة: “بطبيعة الحال هناك اعتبارات تخضع للتعهدات الدولية، وهي من مسؤولية سوناطراك وشركائها، حيث سيتم في هذا الصدد اتخاذ قرار مناسب في ضوء التقييم الذي ستقوم به السلطات المعنية بهذا الأمر”.

قتال:  من حق الجزائر إلغاء جميع الإتفاقيات مع المغرب لا سيما إتفاقيات التزود بالغاز

الخبير في القانون، منير قتال

فمن الناحية القانونية، يقول الخبير في القانون، منير قتال، في حديثه لـ”المصدر”،  أن مستقبل التبادل التجاري في خضم المعاهدات الدولية، أمر جد صائب في المرحلة الحالية ومن حق الجزائر كعضو من أعضاء المجتمع الدولي أن تلغي جميع الاتفاقيات مع المغرب لا سيما اتفاقيات التزود بالغاز.

مضيفا، أن الجزائر تسعى دائما لخوض المعارك الإستراتيجية الكبرى، سواءً كانت داخلية أو خارجية والماضية في كسب المزيد من الإمكانيات و الفرص، خاصة الإقتصادية فهي تتجنب صراعات الأطفال المزاجية هذه الأخيرة التي يكون نتاجها عادة هدرا للطاقات، وأن الجزائر أيضا في منأى عن القفز بالمنطقة نحو المجهول والمزيد من الفتن والمشاكل.

 وإعتبر ذات الخبير أن قرار الجزائر بقطع العلاقات الدبلوماسية قرار في محله، كون مسألة النظر مع الجارة المغرب بعين الصواب مسألة لا تهم الجزائر لأن المغرب في علاقاتها مع دول المنطقة الإفريقية في حاجة ماسة إلى الجزائر، وبذلك فهي ترسل رسالة للمغرب لا تنتظر منها أي موقف إيجابي مدام المغرب يعمل يوميا على تصدير مشاكله العمدية نحونا.

نظرا لقيام المغرب بسياسات عدائية خلال الأسابيع ضد الجزائر، ومن بينها ثبوت تورط المغرب في دعم الحركة الإنفصالية “الماك” التي تم تصنيفها مؤخرا بأنها جماعة إرهابية، وتصريح وزير خارجية الكيان الصهيوني من المغرب الهادف إلى عزل الجزائر بعد إشارته بأن هناك تقارب جزائري إيراني يقلقها. ولذلك يقول الخبير في القانون ، أنه من المحتمل أن يتم زيادة عدد القوات الجزائرية والتأهب إلى أقصى حد على طول الحدود مع المغرب، لا سيما وأن العدو الذي ستواجهه الجزائر اليوم ليس المغرب فقط بل الكيان الصهيوني أيضا وربما سيكون هناك تخفيض للتمثيل الدبلوماسي حتى يتم رد الاعتبار للجزائر بشكل كامل في الأيام المقبلة.

رسم بروتوكول إتفاق جديد ملزم

في السياث، يقول الخبير الإقتصادي، أحمد طرطار، الإشكال سيتعمق فيما يخص الأنبوب العابر بإتجاه إسبانيا والذي ستنتهي أجاله في نهاية أكتوبر القادم ولم يتم إعادة التفاوض بشأنه بمّا يؤدي إلى رسم بروتوكول إتفاق جديد ملزم في إطار إتفاقيات عبر الوسطاء لأن المتضرر الأساسي هو المغرب كون الجزائر لديها بديل عبر خط النقل  البحري المستحدث مطلع 2021 والذي يربط بين بني صاف بالجزائر إلى ألميريا بإسبانيا.

هل من الممكن إنشاء فضاء شمال إفريقي إقتصادي دون المغرب “المزعج”؟

ومن الناحية التجارية والإقتصادية، يقول خبراء إنه من الضروري اليوم إعادة ترتيب العلاقات بين الدول المغاربية، بإنشاء فضاء شمال إفريقي إقتصادي دون المغرب “المزعج”.

بريش: حان الوقت للجزائر لقيادة مشروع إعادة  بعث الاتحاد المغاربي

الخبير الإقتصادي عبد القادر بريش

يرى الخبير الإقتصادي والنائب بالمجلس الشعبي الوطني، عبد القادر بريش ، بأن  المنطقة  المغاربية في حاجة  إلى إعادة ترتيب العلاقات السياسية والإقتصادية وفق رؤية جديدة لإعادة  ترتيب وتمتين العلاقات  بين الدول المغاربية ( الجزائر وتونس وليبيا  وموريتانيا  وجمهورية  الصحراء  الغربية ) القائمة على  التعاون والتوافق السياسي والتقارب والتكامل  والإندماج الإقتصادي المبني على الإحترام المتبادل .

وقال النائب بالمجلس الشعبي الوطني، في حديثه لـ”المصدر”، إنه حان الوقت للجزائر قيادة مشروع إعادة  بعث الإتحاد المغاربي بما سماه “الاتحاد المغاربي الجديد”، وتمتين التقارب السياسي  والإقتصادي بين الجزائر و تونس  وليبيا و موريتانيا وجمهورية الصحراء  الغربية وعزل  نظام المخزن المطبع مع الكيان  الصهيوني وصاحب السوابق والطموحات التوسعية حيال موريتانيا الصحراء الغربية بطبيعة الحال والجزائر التي سبق وأن حاول إحتلال أجزاء منها غداة نيلها للإستقلال العام 1963 كما هو معروف.

مضيفا أن المغرب “نظام المخزن” أصبح  يهدد  السلم  والأمن  القومي بالنسبة للجزائر بشكل مباشر ويشكل  في  نفس  الوقت  أداة  توتير  (توتر) في  المنطقة  المغاربية.

مؤكدا في ذات الخصوص، أن إطلاق مسار للإتحاد  المغاربي “الإتحاد المغاربي الجديد” سيكون  وفق مقتضيات المرحلة  الراهنة وما تعرفه من  تحولات  سياسية  وإقتصادية  تعرفها منطقة المغرب العربي وشمال إفريقيا عموما، وأن إطلاق مسار الإتحاد المغاربي الجديد سيُمكن  من  الإستفادة  من الفضاء الجغرافي المغاربي  في  بعده  الأمني والسياسي  والإقتصادي  ويمكن  دول  هذا  التكتل  من  الإستفادة  من  المزايا  والتنوع  الذي  تزخر  به الدول  المغاربية  من خلال  تنوع  الموارد  الطبيعية  وتنوع الهياكل  الإقتصادية  والفرص  الإستثمارية أيضا، بالإضافة إلى الإستفادة من  مزايا  التكامل  الإقتصادي لسوق  واعدة قوامها 70 مليون نسمة تزخر بمؤهلات الإقلاع والنشوء الاقتصادي.

طرطار: التكتل الإقتصادي لدول المغرب العربي دون الرباط يُشكل قوة تفاوض فعلية مع الشريك الأوروبي

الخبير الإقتصادي، الدكتور أحمد طرطار

وفي الخصوص، قال الخبير الإقتصادي، الدكتور أحمد طرطار، إن قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب جاء بعد العديد من الوقائع التي تُثبت تحامل المغرب الرسمي ضد الجزائر، مضيفا أن وزير الخارجية رمطان لعمامرة أبلى البلاء الحسن في شرح أسباب إتخاذ الجزائر لهذا القرار بالرغم من أنه قرار صعب بحكم التوافق الموجود في اللغة، والدين والمحيط الجغرافي، التعاون والتاريخ المشترك، إلا أن كلا الشعبين لن يتأثرا من المنظور الجزائري بقرار قطع العلاقات، لأن الجزائر تبقى دوما وفية لسلامة رعايا المغرب على ترابها.

وأضاف طرطار في حديثه لـ”المصدر”، أن التعامل الإقتصادي ما بين البلدين لا يتأثر لأنه بسيط قي حجم التبادلات الإقتصادية خاصة بعد غلق الحدود البرية الذي يُخفض من الفعالية الإقتصادية، مؤكدا أن هناك دعوة ملحة من الكثير من الأطراف والمفكرين كذلك بإعادة النظر في الأبعاد الإستراتيجية لبعث الإتحاد المغاربي الجديد وفق نسق جديد مع إمكانية إستبعاد المغرب والإبقاء على موريتانيا، تونس وليبيا والجزائر،مع ابقاء الطموح  في بداية تأسيس الإتحاد المغاربي بعقد مؤتمر زرالدة والذهاب نحو إستقطاب الشريك الخامس والسادس بدولتي مصر والسودان.

مؤكدا أن إستقرار الأوضاع السياسية في هذه البلدان مهم لإعادة بعث الإتحاد المغاربي الجديد لأن أصل التجمع تجمع جغرافي لمنطقة الشمال الإفريقي برمتها لإستفادة من التكتل إقتصاديا وإستفادة به في المفاوضات مع  الشريك الأوروبي الذي يَعتبر دول المغرب العربي السوق الرائج له.

بن يحيي فريد:  المغرب العربي سيصبح قارة بعمق ساحلي بـ 14 دولة إفريقية

الخبير الاقتصادي الدكتور، فريد بن يحيي

 من جهته، يرى الخبير الاقتصادي والمختص في العلاقات الدولية والدبلوماسية الدكتور، فريد بن يحيي، أن العلاقات الجزائرية المغربية متوترة منذ سنوات بسبب المشاكل الداخلية بالنسبة للمملكة المغربية وكذلك قضية الصحراء الغربية السبب الرئيسي وراء تدهور العلاقات الجزائرية المغربية.

مشيرا في إتصال هاتفي مع “المصدر”، إلى أن قطع العلاقات درس بالنسبة للمغرب والجزائر كان بإمكانها الذهاب إلى أبعد من هذا القرار.

وأضاف بن يحيي أنه في الميزان التجاري المغرب يستفاد كثيرا من الغاز الجزائري بأكثر من 50 مدينة تستفيد من الكهرباء من خلال مرور الغاز الجزائري من المملكة المغربية.

مؤكدا على بناء مغرب عربي موحد دون أطماع وليس على حساب الشعب الصحراوي، مضيفا أن المشكل ليس مشكل أراضي لأن هناك دول أوروبية بمساحة ولاية ولكن بدخل قومي ضخم.

وأشار بن يحيي إلى أنه بتوحيد دول المغرب العربي سيصبح قارة بعمق ساحلي بـ 14 دولة إفريقية، ممّا سيُحقق الإستفادة لكل شعوب المنطقة، مضيفا بالقول” نؤمن بمستقبل جيد للعلاقات بين البلدين، بتغيير سياسة المغرب ضد الجزائر وطلب الإعتذار وإقامة مفاوضات جدية لعدم العودة إلى سنوات 1963″.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى