الاخبارالجزائر

الجزائر تسارع لإعداد استراتيجيتها العامة للمياه

تتجه الجزائر بخطى متسارعة لإعداد استراتيجيتها العامة للمياه بمواردها التقليدية وغير التقليدية، وكذا كمياتها وحجم الطلب عليها، استراتيجية حتم إعادة تنظيمها الارتدادات المناخية على وفرة المياه بالبلاد، إضافة إلى واقع نقص ماء الحنفية بالنسبة للمواطن.

ويضاف إلى ذلك، الإقلاع الاقتصادي الذي باشرته الجزائر منذ سنوات، وهو الذي يعوّل على قطاعات مستديمة تتطلب موارد مائية، على غرار الفلاحة والصناعة والطاقات المتجددة.

وفي هذا السياق، صدر في آخر عدد من الجريدة الرسمية، المرسوم التنفيذي لإنشاء الوكالة الوطنية لتحلية مياه البحر، وهو مجال أعربت السلطات مرارا وتكرارا أنها تراهن عليه لتعويض الشح في الأمطار سنة بعد سنة.

تحرك استباقي لتجنب الانتكاسات المائية

ويرى الخبير الاستراتيجي، محمد شريف ضروي، في ذات الصدد، بأن: “الأمن المائي هو المرتكز الرئيسي لتحقيق الأمن الغذائي، والجزائر على غرار باقي دول العالم تعاني من ضرورات تغير المناخ وما ينجر عنه من جفاف وتصحر وشح في الأمطار وتقلبات جوية غير متوقعة، تتطلب استراتيجيات للأمن الغذائي”.

وأضاف في تصريح لجريدة “المصدر” بأن: “الجزائر ترغب في الاستمرارية في تموين المواطن بالمياه، وكذا الاقتصاد الوطني في مجالي الفلاحة والصناعة الذين يخضعان لاستراتيجية متكاملة لتطويرهما بهدف تحقيق الأمن الغذائي، لاسيما وأن الجزائر تقع في منطقة جغرافية ستتضرر من الارتدادات المناخية للاحتباس الحراري والتغير المناخي، حسب تصنيف منظمات دولية، ولهذا تعمل على إقامة دراسات استراتيجية استباقية لتجنب الانتكاسات المائية”.

وتابع محدثنا: “لا يمكن للجزائر تصدير المياه المحلاة على الأقل قبل 5 و7 سنوات القادمة، خاصة وأن هناك انطلاقة فعلية لتطوير القطاع الفلاحي تستلزم وفرة مائية، يضاف له تحرك العديد من الشركات والمصانع العمومية الكبرى وحتى الخاصة، وكل هذه الديناميكية الصناعية في الجزائر تحتاج الماء”.

وأردف: “وكذلك الشأن بالنسبة للاستراتيجية الوطنية لتطوير قطاع الطاقات المتجددة التي تستهلك كمية كبيرة من المياه، ليبقى الهدف الأول من إنشاء محطات لتحلية مياه البحر، هو تحقيق الاكتفاء الذاتي لاستهلاك المواطن العادي، ثم التوجه إلى القطاعات الاقتصادية التي تحتاج إلى المياه”.

تحلية المياه لضمان 60℅ من استهلاك المواطنين بالشمال في 2030

من جهته، أوضح الخبير القانوني في الشؤون المائية، مكي مساهل، بأن: “إنشاء الوكالة الوطنية لتحلية مياه البحر ووضعها تحت وصاية وزارة الطاقة، يدل على إعادة تنظيم استراتيجية توفير المياه بالجزائر باعتبار وجود نقص في توفير الماء، وذلك من خلال التوجه إلى موارد جديدة غير تقليدية بجانب تصفية المياه المستعملة”.

وأضاف في تصريح لجريدة “المصدر” بأن: “الجزائر ستضمن 60 بالمائة من حاجيات استهلاك المواطنين في المناطق الشمالية في غضون سنة 2030، من خلال مشاريع تحلية مياه البحر”.  

وتابع محدثنا: “ننصح باستعمال المياه المحلاة من البحر في استهلاك المواطنين اليومي بسبب تكلفتها الكبيرة التي تتطلب دعما من جهة، ومن جهة أخرى لمواجهة أي نقص في ماء الحنفية، أما استعمالها في الجانب الاقتصادي فهو غير ممكن حاليا، والهدف اليوم من هذه المشاريع هو إنشاء بدائل للموارد المائية الحالية، والأفضل استخدام المياه المستعملة المصفاة في قطاع الفلاحة مثلا، وهي التي لها تجربة في مثل هكذا توظيف”.

وبخصوص إمكانية تصدير الجزائر للمياه المحلاة، فأبرز مساهل بأن: “هذا الأمر غير مطروحا بتاتا حاليا، والهدف اليوم هو إعداد الاستراتيجية العامة للمياه ومواردها التقليدية وغير التقليدية وكميتها وحجم الطلب عليها”.

جدير بالذكر بأن العدد الأخير من الجريدة الرسمية، قد تضمن مرسوم تنفيذي يتضمن إنشاء وكالة وطنية لتحلية المياه وتحديد مهامها وتنظيمها وسيرها.

وتعتبر هذه الوكالة الجديدة “وسيلة لتنفيذ السياسة الوطنية في مجال تحلية المياه”، حيث يهدف نشاطها إلى تدعيم القدرات الوطنية في إنتاج المياه قصد توفير الأمن المائي، حسبما ورد في هذا المرسوم التنفيذي، رقم 23-103، الموقع في 7 مارس الجاري من طرف الوزير الاول، أيمن بن عبد الرحمان.

وفي هذا الإطار، تكلف الوكالة بإنجاز واستغلال وضمان صيانة محطات تحلية المياه والمنشآت والمعدات المتعلقة بها، والقيام بجميع الاعمال والعمليات التي تساهم في تحقيق هذا الغرض، فضلا عن القيام بكل الدراسات والتحاليل المتعلقة بتحلية المياه، ووضع المياه المنتجة على مستوى محطات تحلية المياه تحت تصرف الهيئات المكلفة بتوزيع المياه.

كما تساهم الوكالة في اعداد الاستراتيجية الوطنية في مجال تحلية المياه، وتشجيع البحث العلمي والادماج الصناعي لفرع التحلية في إطار انجاز واستغلال محطات التحلية بالتنسيق مع المؤسسات والهيئات المعنية.

وتقوم الوكالة أيضا بمسك معلومات محينة لأحجام المياه المنتجة والسهر على احترام نوعيتها، والسهر على احترام القواعد والمعايير التقنية لتصميم وبناء وتهيئة واستغلال منشآت التحلية والمعدات المتعلقة بها.

وتعد هذه الوكالة التي تتخذ من الجزائر العاصمة مقرا لها، والموضوعة تحت وصاية الوزير المكلف بالري، مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري، تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي.

وتضمن الوكالة تبعات الخدمة العمومية طبقا لبنود دفتر الشروط الذي ألحق بنص هذا المرسوم.

وتستفيد الوكالة من تخصيص أولي تمنحه اياها الدولة ويحدد مبلغه بموجب قرار مشترك بين الوزيرين المكلفين بالمالية والري، حسب النص.

وتتضمن ميزانية الوكالة فيما يخص الايرادات، التخصيص الاولي الممنوح من طرف الدولة، ومداخيل بيع المياه المنتجة على مستوى محطات التحلية، ومداخيل الخدمات المقدمة والمرتبطة بموضوعها، ومكافآت تبعات الخدمة العمومية التي اوكلتها الدولة للوكالة طبقا لبنود دفتر الشروط.

كما تتضمن المساهمات والاعانات المحتملة من طرف الجماعات المحلية والاقتراضات والاعانات المحتملة المقدمة من الهيئات الوطنية والدولية وكل الموارد الأخرى المرتبطة بنشاطاتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى