
تحدث رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، اليوم الثلاثاء، بالجزائر العاصمة، عن ملف العقار الفلاحي، وكذا استثمار الفلاحين في غرف التبريد والتخزين، خلال كلمة ألقاها لدى اشرافه على مراسم الاحتفال بالذكرى ال50 لتأسيس الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين.
وقال الرئيس تبون أن “العقار الفلاحي معضلة و ارث منذ الاستقلال لكن سنعمل على طي الملف نهائيا خلال السنة القادمة 2025، داعيا الوزير الأول ووزير المالية وكافة أعضاء الحكومة إلى العمل مع الفلاحين لإيجاد حل لهذا الملف وايجاد ضوابط قانونية لتحديد ملكية الأراضي وحمايتها”.
كما أمر رئيس الجمهورية، بفتح البنوك أمام كل من يريد الاستثمار في غرف التبريد والتخزين، بهدف ضمان استقرار السوق ومحاربة المضاربة، حيث توقف عند مسألة “الندرة أو الانقطاع في التمويل في بعض الاحيان”، مشيرا إلى أن هذه المسألة “من علامات التخلف التنموي”، وأمر في هذا السياق البنوك بـ”فتح شبابيكها ومنح القروض لكل فلاح يريد الاستثمار في غرف التبريد وتخزين المنتوج الفلاحي، بهدف ضمان استقرار السوق ومحاربة المضاربة والندرة”.
وألقى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، اليوم الثلاثاء، بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال (الجزائر العاصمة)، خلال اشرافه على مراسم الاحتفال بالذكرى ال50 لتأسيس الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، كلمة هذا نصها الكامل:
“تأتي هذه الاحتفائية بالذكرى الخمسين (50) لتأسيس الإتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين في أجواء إحياء الذكرى السبعين (70) لاندلاع ثورة التحرير المجيدة. وهذه المناسبة تذكرنا بمعاناة أريافنا وبوادينا، وتضحيات أهلها البسطاء الشرفاء وتذكرنا بغيرة الرجال على الأرض وعلى شرف الجزائر ..وهي غيرة أصيلة ومتجذرة في بلاد المجد والخير والمقاومة..فتحية تقدير لكل عمال الأرض.. وتحية عرفان للسواعد المباركة وما تنتجه من خيرات.
لقد جعلت بلادنا من الأمن الغذائي رهانا استراتيجيا، يتوجب علينا كسبه، في عالم أصبح فيه سلاح الغذاء أقوى الأسلحة وأشدها تأثيرا، ومن باب الإنصاف، في مستهل هذه الكلمة، أنوه في هذه الفرصة بجهود الفلاحين .. فلقد أبدوا في الظروف الاستثنائية خلال الأزمة الصحية (جائحة كورونا) حسا وطنيا، وإدراكا عاليا لطبيعة التحدي، فعملوا بكل حرص على توفير المنتجات الزراعية في الوقت الذي كان فيه العالم يعاني شللا غير مسبوق، أدى إلى شح خطير في المواد الغذائية الأساسية…ولقد رفعوا التحدي بمساعدة من الدولة لجهودهم، ومرافقتها للإنتاج أوفر، والمستثمرين، والفاعلين في القطاع، الذين يؤمنون بقدرات البلاد… وبضرورة الوصول إلى الأهداف الوطنية التي سطرناها معا لتأمين بلادنا، وتكريس مفهوم الأمن الغذائي المستدام ركيزة من ركائز أمننا القومي.
وعلى هذا الأساس، ولتطوير القطاع، أكدت مرارا على البعد الاستراتيجي الذي يكتسيه التوجه نحو العصرنة، وتسخير التقنيات الحديثة، للنهوض بالفلاحة وعالم الريف.. وتطوير إمكانيات البلاد الزراعية الهائلة، والرفع من مستويات الإنتاج، لأننا نؤمن بحتمية التمكين التدريجي لبدائل مستدامة ومضمونة، تكفل للجزائر التخفيف من التبعية للريع البترولي. وتتيح لي هذه السانحة – اليوم – أن أذكر بالقرارات والإجراءات التي اتخذناها، و نتابع باستمرار تجسيدها في الميدان ..
ومنها على سبيل المثال:
– رفع مستوى دعم بعض المواد الأساسية على غرار رفع سعر شراء الحبوب والبقول الجافة من الفلاحين،
– رفع نسبة دعم الأسمدة إلى 50 بالمائة من سعرها المرجعي للتخفيف من آثار ارتفاع أسعارها في الأسواق الدولية،
– ربط عشرات الآلاف من المستثمرات والمحيطات الفلاحية بالطاقة الكهربائية،
ولقد كانت غايتنا من اتخاذ تلك القرارات والاجراءات هي مرافقة ودعم الفلاحين، وإفساح المجال أمام الجيل الجديد من المهندسين الفلاحيين عن طريق المؤسسات الصغيرة والناشئة، الذين نعول عليهم لإحداث النقلة نحو عصرنة عالم الفلاحة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الاستراتيجية على المدى القريب، خاصة القمح الصلب، والذرة الصفراء والشعير.
وأود بهذه المناسبة أن أعرب عن الارتياح للوعي الواسع بهذه التحديات في أوساط القطاع ولدى مختلف النشطاء فيه، وأشدد مرة أخرى على أهمية شعبة الحبوب في استراتيجيتنا الزراعية، نظرا لمستوى استهلاكنا الكبير من هذه المادة، وعدم استقرار السوق العالمية، وأجدد بهذا الصدد التوجيهات للعمل على الرفع من طاقات التخزين وتجسيد البرنامج المسطر بهذا الشأن.
وكما تعلمون، كنت قد التزمت باستصلاح مساحة مليون هكتار عن طريق السقي، لا سيما في جنوبنا من هنا إلى آفاق 2027، وهدفنا من ذلك توسيع مساحات إنتاج الزراعات الاستراتيجية، مثل القمح الصلب، والذرة الصفراء والنباتات الزيتية. والمجال مفتوح أمام المستثمرين الوطنيين والأجانب للانخراط في هذا المسعى، والاستفادة من التسهيلات لتجسيد مشاريعهم.
لطالما شددت على الرقمنة وأهمية البيانات والإحصاءات الدقيقة، كأحد الركائز الأساسية لرسم السياسات التنموية، ولهذا الغرض، أمرت بإجراء الإحصاء العام للفلاحة الثالث في تاريخ القطاع، ونحن في انتظار النتائج الأولية التي ستفضي إلى ربح الوقت والجهد لتجسيد رؤيتنا الرامية إلى ترقية القطاع الفلاحي، ورصد الإمكانيات من أجل تحقيق أقصى ما يمكن من الاستقلالية ..
وأنا على يقين، بأن الفلاحين قادرون على الوصول في الآجال القريبة إلى النتائج المتوخاة فيما يخص الاكتفاء الذاتي، والأمن الغذائي ..وأدعوهم في هذه الذكرى الخمسين للاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين العتيد، مع المربين والموالين وجميع الفاعلين إلى التجنيد أكثر في الميدان، لأنني على قناعة بارتباطهم بأرضنا الطاهرة المعطاءة وبوعيهم بالتحديات التي تنتظرنا، وأشد على أيدي شبابنا الطموح الذي يتوجه إلى الاستثمار في المجال الفلاحي بمختلف فروعه، ونعول عليه بما يمتلك من العنفوان والكفاءة والتخصص في علوم الزراعة وتقنياتها لإحداث نهضة زراعية واسعة، تعكس قدرات وإمكانيات الجزائر التي حباها الله بمقومات البلد الواعد الصاعد”.