الجزائر
أخر الأخبار

التحديات الإقتصادية تؤرق مرضى السيلياك

يواجه مرضى السيلياك في الجزائر ظروفًا قاسية وحالة من العزلة والحرمان نتيجة التحديات العديدة التي تعترض طريقهم، ففضلا عن الأعراض الصحية المتنوعة التي يسببها المرض، يعاني هؤلاء من الصعوبات الاقتصادية التي تفرضها التكلفة المرتفعة للمنتجات الغذائية الخالية من الغلوتين في الأسواق، كما يعاني المرضى من ندرة المصنّعين لهذه المنتجات، بالإضافة إلى قلة خبرتهم في تلبية احتياجات هؤلاء المرضى بشكل فعّال.

حسان بوزنون

مرض السيلياك، المعروف أيضًا بالدّاء الزلاقي أو الدّاء الباطني، هو اضطراب يصيب الجهاز الهضمي كرد فعل على التعرض لمادة الغلوتين الموجودة في القمح والشعير والشوفان. يؤدي هذا المرض إلى مهاجمة أنسجة الأمعاء الدقيقة، مما يتسبب في ضرر لبطانة الأمعاء ويعيق قدرتها على امتصاص بعض المركبات الغذائية الضرورية، مما يجبرهم على العيش في مواجهة مستمرة مع مجموعة متنوعة من الأعراض التي قد تشمل الإسهال المزمن، والتعب، وفقدان الوزن، وانتفاخ البطن، وآلام المفاصل. بالإضافة إلى ذلك، فإن الغلوتين يمكن أن يتسبب في مضاعفات صحية أكثر خطورة مثل هشاشة العظام، والعقم، والاضطرابات العصبية. 

من جهة أخرى، تُعتبر التكلفة العالية للمنتجات الغذائية الخالية من الغلوتين تحديًا كبيرًا لمرضى السيلياك في الجزائر. هذه المنتجات، التي يحتاجونها للحفاظ على صحتهم وتجنب الأعراض، غالبًا ما تكون نادرة وباهظة الثمن بسبب قلة المصنّعين الذين يمكنهم إنتاجها بفعالية. علاوة على ذلك، يفتقر الكثير من هؤلاء المصنّعين إلى الخبرة والمعرفة اللازمة لتوفير منتجات تتوافق تمامًا مع احتياجات المرضى.

وتعج المجموعات الخاصة بمرضى السيلياك على موقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك” والتي اطلعت عليها “المصدر” بمطالب الاعتراف بمرضهم كمرض مزمن. وذلك حسبهم، نظراً للتحديات الصحية والاقتصادية التي يواجهونها، حيث يعانون من صعوبة الحصول على المنتجات الغذائية الخالية من الغلوتين وارتفاع تكلفتها، ما يتطلب دعماً حكومياً أكبر. كما يشددون على ضرورة دعم المواد الأولية المستوردة لتخفيف أسعار هذه المنتجات، خاصةً وأنها تشكل جزءاً أساسياً من نظامهم الغذائي اليومي.

     المنتجات المحلية لا زالت لا ترقى للمستوى المطلوب 

لاتزال الصناعات الغذائية الخالية من الغلوتين في الجزائر في مراحلها الأولى من التطور. في السنوات الأخيرة، بدأ الوعي بحالات الحساسية للغلوتين والاضطرابات المرتبطة به مثل مرض السيلياك يزداد بين المستهلكين، خاصة في المناطق الحضرية. يعود سبب ذلك، ربما، إلى زيادة الوصول إلى المعلومات عبر الأنترنت والتوعية من خلال الجمعيات وفواعل المجتمع المدني. مع ذلك، لا تزال هناك محدودية في عدد الشركات التي تنتج منتجات خالية من الغلوتين، رغم أن بعض الشركات الكبيرة والمتوسطة بدأت تستكشف هذه السوق.

و تعتمد السوق حاليا، بشكل كبير على استيراد المنتجات الخالية من الغلوتين من الخارج، مما يجعل هذه المنتجات غالباً مرتفعة الثمن بسبب تكاليف الاستيراد. و تتوفر هذه المنتجات بشكل رئيسي في المتاجر الكبيرة والسوبرماركت في المدن الكبرى مثل الجزائر العاصمة ووهران وقسنطينة، بينما هناك نقص في هذه المنتجات في المناطق الداخلية والمدن الصغيرة. 

على الرغم من ذلك، يمكن أن يمثل هذا السوق فرصة كبيرة للنمو، خاصة مع الزيادة المستمرة في الوعي الصحي. حيث يمكن للمتعاملين الإقتصاديين أن يستفيدوا من تطوير خطوط إنتاج خالية من الغلوتين، كما يمكن للحكومة أن تدعم هذا القطاع من خلال تقديم حوافز للمستثمرين وتسهيلات للشركات. ولتحقيق هذا، هناك حاجة إلى تطوير معايير ولوائح أكثر صرامة لضمان أن المنتجات المعلنة على أنها خالية من الغلوتين تلبي بالفعل هذه المعايير، كما أن وجود مخابر معتمدة لاختبار المنتجات يمكن أن يعزز الثقة بين المستهلكين.

“الاسعار تصل حتى 4 أضعاف لمثيلاتها المحتوية على الغلوتين”

يرى مسؤول الإعلام في المنظمة الوطنية للدفاع عن المستهلك “حمايتك”، سفيان الواسع، أن هناك نقصًا كبيرًا في المنتجات الغذائية المخصصة لمرضى السيلياك في العديد من المناطق في البلاد مشيرا إلى أن سعرها المرتفع يشكل عائقا إضافيا أمام هذه الشريحة من المجتمع.

سفيان الواسع

وقال الواسع في اتصال مع “المصدر” تم خلاله تسليط الضوء على التحديات الاقتصادية التي تواجه مرضى السيلياك في الجزائر و الجهود المبذولة في هذا الشأن: “نشهد نقصا كبيرا في المنتجات الغذائية المخصصة لمرضى السيلياك، وخاصة في المناطق الداخلية، على الرغم من وجود بعض المنتجات المحلية التي تحمل ملصق “خالي من الجلوتين”، إلا أن هذه المنتجات لا تكفي لتلبية الطلب المتزايد، إضافة إلى هذا، فإن أسعار هذه المنتجات مرتفعة بشكل كبير مقارنة بالمنتجات العادية. على سبيل المثال، قد تصل تكلفة علبة من البسكويت الخالية من الغلوتين إلى 500 دينار جزائري، بينما قد تصل أسعار علبة المعكرونة الخالية من الغلوتين إلى 800 دينار. هذا الفارق الكبير في السعر يجعل من الصعب على الكثير من الأسر توفير الاحتياجات الغذائية لأفرادها المصابين بالسيلياك”.

وأضاف: “تصلنا شكاوى من طرف المواطنين حول ندرة هذه المواد و غلاء أسعارها، كما قلت الأسعار تصل حتى أربعة أضعاف سعرها مثيلاتها التي تحتوي على الغلوتين و ربما أكثر”. لك أن تتخيل صعوبة إقناع الأطفال خاصة بعدم تناول الحلويات مثلا، إذا كانت الأسعار مرتفعة و المنتجات نادرة فإن احتمالية تعرضهم لمضاعفات صحية واردة و واردة جدا”.

    “نجدد دعوتنا من أجل تنسيق أكبر مع الجمعيات المعنية”

وأشار محدثنا إلى جهود المنظمة للتواصل مع الجمعيات الناشطة، المجال، حيث أقر أن مستوى التنسيق منخفض نوعا ما، داعيا هاته الجمعيات إلى التواصل مع المنظمة بغية المساهمة في تحقيق مساعيها. وقال في هذا السياق” كان لدينا فيما سبق إتصال مستمر مع إحدى الجمعيات من أجل إدراج مرض السيلياك ضمن قائمة الأمراض المزمنة، ما من شأنه أن يتيح للمصابين الحصول على دعم مالي لتغطية تكاليف المنتجات الغذائية الخاصة بهم. وللتواصل مع وزارة التجارة لتسهيل استيراد المنتجات الخالية من الجلوتين، ومع المنتجين المحليين لإطلاق مشاريع صغيرة مثل مخابز لإنتاج الخبز والحلويات الخالية من الجلوتين بأسعار معقولة”.

وأضاف: ” أغتنم الفرصة من هذا المنبر التأكيد على أننا حاضرون ومجندون لمساندة الجمعيات الناشطة في الميدان، و عليه أدعو باسم المنظمة، الناشطين في المجتمع المدني إلى الإتصال و التنسيق مع المنظمة لتشكيل خارطة طريق للتواصل مع الجهات الحكومية مثل وزارة الصناعة ووزارة التجارة ووزارة الصحة. ” “الهدف هو تخفيف الأعباء المالية عن كاهل الأسر التي تعاني من مرض السيلياك من خلال توفير منتجات خالية من الجلوتين بأسعار مقبولة”. 

واختتم بالقول بالقول أن جهود المتعاملين الإقتصاديين في توفير المنتجات المحلية الخاصة بهاته الفئة لازالت لا ترقى الى المستوى المطلوب، مشيرا إلى أن هناك مجرد وعود من بعض المتعاملين لتوفير هذه المنتوجات الخاصه بمرضى السيلياك. “هناك من أعطى ضمانات أن منتجاته المسوقة تخلو من ماده الغلوتين لكن لم يضع ملصق الذي هو بمثابة ضمان على أن المنتوج لا يحتوي حقا على هذه المادة” داعيا إياهم إلى اخذ هذه الفئة بعين الاعتبار وتعزيز المنتوجات الخاصة بها والحلويات الخاصة بالأطفال الصغار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى