الجزائر
أخر الأخبار

يونس قرّار لـ”المصدر”: التّحول الرقمي يتطلّب مراحل تحفيزية وتحضيرية

اعتبر المستشار في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال يونس قرّار أن تعميم استعمال تقنية الدّفع الالكتروني يتطلّب العبور على خطوات تسهّل استيعاب المواطنين والمؤسسات الاقتصادية لأهمية هذه العملية الرّقمية التي تدأب السلطات العليا على تكريسها في المعاملات اليومية، حيث شدّد أن الانتقال من التعامل بالسيولة النّقدية والصّكوك نحو العمليات الرّقمية يمرّ عبر مراحل تحضيرية وتحفيزية تساهم في جلب اهتمام الزّبون من أجل دفعه إلى استخدامها عوض الطريقة الكلاسيكية في عمليات الدّفع

عيشة ق.

اقترح قرار في تصريحات ل”المصدر” اتّخاذ إجراءات تسهّل اعتماد عمليات الدّفع الكترونيا في صورة إلغاء دفع قيمة الضّريبة المضافة “TVA” خلال اقتناء المستهلك للسلع الغذائية من المحلات التجارية التي تبلغ قيمتها نسبة 19 % والتي يعتبرها المواطن ثقلا على كاهله عند تسديدها خلال الدفع إلكترونيا وبالتالي يفضل اعتماد الطريقة الكلاسيكية بتسديد قيمة السلعة نقدا، وعدم دفع قيمة الضّريبة المضافة التي تمثل قيمة مالية يدفعها عند تحصيل الفاتورة في ظل صعوبة القدرة الشرائية للمواطن وتفضيله اقتصاد الأموال التي يجنيها، حيث أثّر هذا الوضع في تنامي وتيرة السوق الموازية التي تقدّر قيمة الأموال التي تصرف فيها حسب تصريحات المسؤولين ما قيمته 100 مليار دولار، وحسبه فإنّ أفضل وسيلة تشجع على التحول نحو الدفع الالكتروني جعل نسبة قيمة الضريبة المضافة 0 % لمدّة سنة أو سنتين ورفعها تدريجيا، مثلما يحدث لدى مؤسسات التأمين التي تقوم بالترويج لخدماتها من خلال عروض ترويجية تستهدف استقطاب الزبائن إليها من خلال اقتراح الدفع الكترونيا مقابل استفادتهم من تخفيضات في نسبة معيّنة من قيمة التأمين على سياراتهم مثلا، أين تمنّى تعميم هذه المبادرة على المؤسسات والشركات الاقتصادية الأخرى من أجل المساهمة في استخدام الدفع الالكتروني، على غرار دعوته إلى تحمل الخزينة العمومية تلك الرسوم والدفوعات المالية إلى البنوك على مدار عامين والذي سوف يساعد على امتصاص قيمة مالية معتبرة من السوق الموازية بنسبة قد تصل إلى 10 % لدى توجه المواطنين إلى التعامل مع القنوات الرّسمية، وبالتالي فإنه في حال كانت القيمة المالية المتداولة في السوق الموازية 100 مليار دولار، فإن هذه العملية تساعد على اكتساب البنوك ما قيمته 10 مليار دولار في السنة.

يونس قرار


وطمئن محدّثنا حول الأمن الذي يرافق عملية الدّفع الالكتروني خاصة فيما يتعلق بالشكوك التي ترافق مستخدميها المتضمّنة إمكانية سرقة كلمة السر أو تضييع الهاتف النقال الذي يستخدم في الدفع الكترونيا، أين أكد أنه توجد الحلول التّقنية والأمنية التي تواجه مثل هاته الصعوبات، خاصة عند اتخاذ المؤسسات المعنية للجدية التي تتطلبها السعي نحو ضمان السرّية والأمن خلال العمليات التحويلية، مثلما هو الأمر لدى وزارة التعليم العالي والتكوين المهني التي واصلت حملتها المتعلقة بصفر أوراق وفرضت على الطلبة إلزامية التسجيل ودفع رسوم التسجيل الكترونيا مقابل رفض كل تسجيل ورقي، وهو نفس الأمر الذي أقدمت عليه وزارة التربية التي فرضت تسجيل التلاميذ الجدد عبر المنصّة الالكترونية، أين يسمح الحزم في التّحول الرقمي بتحسن العملية وتعميمها على جميع القطاعات تدريجيا.

تفاوت التجاوب مع التحول الرقمي أنشأ المحافظة السامية للرقمنة

أفاد قرّار أن الاعتماد على الرّقمنة في بلادنا انطلق منذ سنوات على مستوى المؤسسات والإدارات لكنّ الاختلاف تجسّد في وتيرة الاعتماد عليها لدى كل هيئة، أين تقدّمت مؤسسات في وتيرة استعمالها للمنصّات الرقمية خلال التواصل مع الشركاء والزبائن والممولين خاصة منها تلك المؤسسات التي تملك شراكات مع مؤسسات أجنبية التزمت على إثرها إلى رقمنة قطاعها حتى تكون في مستوى التطلّعات في معاملاتها معهم، وأرجع المعني التّأخر الذي رافق العملية الالكترونية إلى عدة أسباب أرجعتها تلك المؤسسات بمبرّرات تتعلّق بالبنى التحتية وعملية ربط الأنترنت، بالإضافة إلى قلّة المهندسين الأكفاء في المجال، والتّكلفة الباهظة للأجهزة التي يتطلّبها تطوير المنصة الرّقمية، وهو ما دفع برئاسة الجمهورية إلى تأسيس المحافظة السامية للرّقمنة من اجل التنسيق بين جميع القطاعات حتّى تكون لديها نفس الوتيرة في التحول الرقمي يضيف المعني، الذي أكّد أن متطلّبات المنافسة في السوق الجزائرية دفعت بالمؤسسات إلى تبنّي الأنظمة المعلوماتية من أجل تخفيض التكاليف من جهة وتحسين خدماتها من جهة أخرى، سعيا منها إلى الحفاظ على مكانتها في السوق وضمان وفاء زبائنها لخدماتها.
عدّد محدّثنا مزايا العمل بالدّفع الالكتروني باعتباره وسيلة آمنة تضمن تحويل الأموال بالطريقة الصحيحة وتفادي الوقوع في مخاطر السرقة أو ضياع الأموال عند التعامل بالسيولة النقدية، أين قال أن العمل بالتحول الرقمي يضمن تراجع حالات التّحايل باعتبار أن تحويل النقود الكترونيا يضمن دخولها إلى الحساب مباشرة ويكون المتعامل بهذه الطريقة في منأى عن الوقوع في حساب القيمة المالية مثلما يحدث عند العملية اليدوية عبر تسليم النقود بالأيادي، واستطرد أن التعامل الكترونيا يضمن الشفافية في التعاملات المالية عكس ما يحدث عندما يتعلق بالسوق الموازية التي يشملها التحايل وتكثر فيها المخالفات، حيث تساهم هذه المعطيات في منح التعامل بالدفع الالكتروني أكثر شفافية وأمنا بالنسبة للعمليات النقدية التي تسمح لها أن تكون مضبوطة وبالتالي تشجع المؤسسات الاقتصادية والإدارات للاعتماد على الوسائل الالكترونية في تعاملاتها مع الزبائن والمواطنين.

الدفع الالكتروني يساهم في الاقتصاد ماليا

أوضح نفس المتحدّث أن التعامل بالعمليات الرقمية يساهم أيضا في الاقتصاد ماليا، حيث تسمح بالتقليص من استعمال الورق وتنقل الموظفين وبالتالي فإنه يسمح أيضا بتسوية الرسوم إلكترونيا مثلما قامت به وزارة التعليم العالي التي عمّمت التسجيل الكترونيا في الجامعات بالنسبة للطلبة الناجحين في شهادة البكالوريا، حيث سمحت هذه المبادرة بتقليص المصاريف على الوزارة المعنية واقتصادها ما قيمته 100 مليار سنتيم سنويا، وسوف ترتفع استفادة الوزارة نفسها من هذه العملية من خلالها تعميمها لعملية الدفع الالكتروني على مستوى دفع رسوم التسجيل والحصول على بطاقة الجامعة الكترونيا إلى جانب التسجيل في الأحياء الجامعية إلى اقتصاد 400 مليار سنتيم سنويا يضيف المعني.
شدّد يونس قرار أن مبادرة تعميم الدّفع الالكتروني لا زالت تواجه التباطؤ في تعميمها عبر كافة المؤسسات الاقتصادية، أين يشهد المجتمع إقبال الفئات الشابة على استعمالها بالنظر لتفاعلهم السريع عبر الهاتف النقال، لكنّه أضاف أن هذه العملية تجد تفاوتا في اعتمادها ففي وقت أن مؤسسات مثل قطاع الاتصالات يقومون بالدفع الكترونيا فإن هيئات أخرى لا زالت متأخرة في الاعتماد عليها على غرار دفع فواتير المياه والكهرباء التي تشهد إقبالا ضعيفا على الدفع الكترونيا، وأرجع محدّثنا أسباب التراجع في استعمال الدفع الالكتروني إلى جهل المواطنين والزبائن للعملية وانعدام الثقافة الالكترونية لديهم، وكذا رفض هيئات أخرى الوثائق الموقعة الكترونيا، إلى جانب عدم التنسيق بين مختلف الهيئات، تجعل المعنيين يتحفّظون على استعمالها، وهو ما يشكل عراقيل عويصة في تجسيد التحول الرّقمي.
عرّج المختص في تكنولوجيات الإعلام والاتصال إلى السّرية في التعامل مع البيانات والمعلومات الشخصية للزّبائن، أين أكّد أنه على المؤسسات التعامل بجدية وحزم معها لحماية من التّسريب إلى العلن وتعرّض أصحابها إلى التهديد والابتزاز من أجل استعمالها لأغراض مشبوهة، حيث أردف انه أضحى من الضروري تأمين أجهزة شبكة نقل المعلومات من أجل ضمان تواجد المعلومات الشخصية التي تحتويها بمأمن وحمايتها من التّعرض إلى الهجمات السبريانية، أين يلزم على المؤسسات طلب المعلومات الضرورية فقط، وطالب بتطبيق القوانين بصرامة على الأطراف التي لا تحترم خصوصية المعلومات الشخصية المتواجدة على الحسابات الالكترونية.

تسجيل 3.9 مليون عملية دفع الكتروني عام 2023

كشف تجمع النقد الآلي عن بلوغ عدد العمليات التي جرت عبر الدفع الإلكتروني أكثر من 3.9 مليون سنة 2023 بقيمة تجاوزت 31.5 مليار دينار وفقا للبيانات التي كان نشرها قبل أسابيع، والذي كان سجل سنة 2022 أكثر من 2.7 مليون عملية دفع عبر نهائيات الدفع الالكتروني بقيمة معاملات إجمالية قدرت ب 19.3 مليار دينار، و في حصيلة نشرها على موقعه الالكتروني, أكد تجمع النقد الآلي أنه خلال الفترة الممتدة من جانفي إلى ديسمبر من العام الفائت، تم تسجيل أعلى مستوى لعمليات الدفع خلال الشهر الأخير من السنة بمجموع 401389 عملية عبر نهائيات الدفع الالكتروني بقيمة تزيد عن 3.1 مليار دينار، كما أشارت المعطيات ذاتها إلى ارتفاع في عدد النهائيات المستغلة عبر التراب الوطني مع نهاية شهر ديسمبر المنصرم بمجموع 53191 جهاز مقابل 46263 خلال نفس الفترة لعام 2022.
وبخصوص عدد بطاقات الدفع الالكتروني المتداولة فقد بلغت نهاية ديسمبر الماضي أكثر من 16.5 مليون بطاقة بين البنوك “CIB” و بطاقة “الذهبية” لبريد الجزائر، حسب أرقام هذه الهيئة المكلفة بضبط النظام الوطني للدفع الإلكتروني بين البنوك، وبخصوص الدفع عبر الإنترنت، فقد بلغ العدد الاجمالي للمعاملات المنجزة خلال الفترة الممتدة بين جانفي وديسمبر 2023 أكثر من 15.3 مليون عملية.
و مع نهاية سنة 2023, واصل عدد المواقع الالكترونية التجارية المنخرطين في نظام الدفع عبر الانترنيت بواسطة بطاقة ما بين البنوك على المستوى الوطني ارتفاعه ليبلغ 475 متعاملا، ويتعلق الأمر خاصة بالشركات الكبرى التي تتعامل بالفواتير مثل مؤسسة الجزائرية للمياه، سونلغاز اتصالات الجزائر إضافة الى المتعاملين في مجال الهواتف المحمولة و شركات التأمين و النقل الجوي، يضيف ذات المصدر.
و استنادا إلى نفس الحصيلة، قدّر العدد الإجمالي للمعاملات التي تم إحصائها منذ إطلاق الدفع عبر الإنترنت سنة 2016 بمجموع 37.3 مليون عملية بمبلغ إجمالي يفوق 67.3 مليار دينار من المعاملات، ومن جهته، سجل الدفع عبر الهاتف المحمول الذي تم فتحه في مرحلة أولى بين البنوك فقط -زبائن نفس المؤسسة المصرفية- خلال عام 2023 إجمالي 39.2 مليون معاملة بقيمة 27.8 مليار دينار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى