الجزائر

خطة “ماتيي” صفقة ناجحة للجزائر.. كيف ذلك؟

على ضوء افتتاح فعاليات مؤتمر ايطاليا وافريقيا، بالعاصمة الايطالية روما، بمشاركة وفود من 50 دولة افريقية، والذي مثل فيه وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، احمد عطاف، الجزائر، يبرز نجاح الصفقة الاقتصادية الكبرى التي يتمحور عليه هذا المؤتمر، بالنسبة للجزائر، وهو برنامج ماتيي، الذي سيفرج عن مشاريع استثمارية وصفقات تجارية بين الدول الأفريقية وايطاليا، أحد الدول السبع الكبرى في الاقتصاد العالمي.

توفيق أقنيني

من جذب استثمارات هذا البلد الأوروبي إلى البلاد، مرورا بزيادة صادرات الطاقة والمعادن نحوه ونحو دول أوروبية أخرى، وصولا إلى نقل التكنولوجيا منه، إضافة إلى شراكة ثنائية بين البلدين في تسويق المنتجات الايطالية بالسوق الأفريقية الواسعة والواعدة، وما يترتب عن ذلك من رفع النمو الاقتصادي الوطني، وحتى خلق مصادر جبائية معتبرة لخزينة الدولة.

امكانيات افريقيا ستساعد ايطاليا لتجاوز التحديات

وفي هذا السياق، أفاد الخبير الاقتصادي نبيل جمعة بأن: “إيطاليا تواجه تحديات اقتصادية عديدة، من أبرزها ارتفاع التضخم وانخفاض النمو الاقتصادي وزيادة الدين العام بالنسبة للناتج الإجمالي الخام، وقد تفاقمت هذه التحديات بسبب الحرب في أوكرانيا، والذي أدت بدورها إلى ارتفاع أسعار الغذاء وأسعار الطاقة، ومقابل ذلك، تتمتع إفريقيا بإمكانيات اقتصادية كبيرة، حيث تمتلك موارد طبيعية هائلة وقوة عاملة شابة ونمو اقتصادي متزايد، ومع ذلك لا يزال هناك العديد من التحديات التي تواجهها القارة السمراء، أبرزها الفقر والفساد وعدم الاستقرار السياسي”.

وأضاف في تصريح لجريدة “المصدر” بأن: “خطة ماتيي تتمثل في تعزيز التعاون بين إيطاليا والدول الإفريقية في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وتهدف هذه الخطة أساسا إلى خلق فرص جديدة للنمو الاقتصادي في كلا الجانبين”.

وتابع محدثنا بأن: “تمتع الجزائر بعلاقات اقتصادية قوية مع إيطاليا، باعتبار أنها ثاني أكبر شريك تجاري لإيطاليا في القارة الإفريقية، يمكّنها من زيادة حجم التجارة مع إيطاليا وجذب الاستثمارات من هذا البلد الأوروبي إلى أراضيها، وبشكل أكثر تحديد في قطاعات الطاقة في شعبتي النفط والغاز، خاصة وأنها من أكبر منتجيهما في إفريقيا، فرفع حجم الصادرات الجزائرية من النفط والغاز نحو السوق الإيطالي، سيزيد الإيرادات للخزينة العمومية ويخلق فرص جديدة للعمالة بين البلدين”.

وأردف يقول: “الجزائر ستستفيد أيضا من الشراكة الجديدة المزمع بناؤها بين إيطاليا والدول الإفريقية، من خلال تطوير الاستثمار ومحاربة التضخم، إضافة إلى فتح أسواق جديدة لإفريقيا عبر البوابة الجزائرية، وهذا ما سيجعل خطة ماتيي صفقة ناجحة بالنسبة للجزائر، يضاف إليه إمكانية تحويل التكنولوجيا في مجال الطاقة إلى الجزائر”.

البلدان جسر بين القارتين

هذا وقال سفير إيطاليا بالجزائر المنتهية ولايته، جيوفاني بوليزي، أنّ “الجزائر هي الشريك التجاري الأول لإيطاليا في القارة الإفريقية، في حين أنّ روما هي الشريك التجاري الثالث للبلاد على الصعيد العالمي”، مشيرا إلى ارتفاع مستوى التبادل التجاري بين البلدين، حيث بلغت خلال 6 أشهر من 2023، 8.8 مليار دولار بزيادة 16 بالمائة.

وأضاف بوليزي في تصريح اعلامي سابق له مع وكالة “نوفا” الإيطالية، بأن “العلاقات بين الجزائر وإيطاليا تتجاوز العلاقات الاقتصادية والتجارية الوثيقة، حيث أن شعبي البلدين أخوة يجمعهم القرب الجغرافي والجذور التاريخية المشتركة والروابط الثقافية العميقة”.

وتابع المتحدث ذاته بأنّ “الشراكة الاقتصادية بين البلدين تتكون أيضًا من حضور قوي للشركات الإيطالية في الجزائر، حيث يبلغ عدد الشركات الإيطالية الموجودة في البلاد حوالي 200 شركة تنشط في مختلف المجالات على غرار الطاقة والأشغال العمومية”.

وأوضح المسؤول الإيطالي بأنّه: “من خلال توسيع آفاق العلاقات بين إفريقيا وأوروبا، يمكن للبلدين أن يكونا بمثابة عنصر ربط أو جسر بين القارتين، حيث أنّ العلاقة بين البلدين علاقة تاريخية وعميقة للغاية، تقوم على الصداقة وعلى الانتماء المتوسطي المشترك، وعلى الشراكة في مجال الطاقة، والرغبة في التعاون لمواجهة تحديات المستقبل معًا”.

وأردف يقول بأن: “الجزائر شريك موثوق به، ومرساة للاستقرار في منطقة ولها مواقف حاسمة بمختلف القضايا، كل هذا يجعل من البلاد المحاور الطبيعي لإيطاليا ليس فقط لتعميق الحوار الثنائي، بل أيضًا بين الاتحاد الأوروبي والقارة الإفريقية”.

وأشار المصدر نفسه إلى أنه “بالنظر إلى الموقع الجيو استراتيجي للبلدين، فمن الواضح أنّ الجزائر يمكن أن تمثل جسرًا إلى إفريقيا بالنسبة لإيطاليا، كما يمكن في الوقت نفسه أن تكون إيطاليا جسرًا إلى أوروبا بالنسبة للجزائر”.

واستطرد يقول: “الشراكة في مجال الطاقة بين البلدين استراتيجية ومتينة، وهي ركيزة للعلاقات الثنائية ومحرك لتعزيز العلاقات، ليس فقط الاقتصادية ولكن أيضًا السياسية والاجتماعية والثقافية، حيث شهد التعاون الطاقوي تعزيزًا قويًا في السنوات الأخيرة، مما جعل الجزائر المورد الرئيسي للغاز الطبيعي لإيطاليا في الفترة من جانفي إلى أفريل 2023، وأكدت البلاد نفسها كمورد رئيسي للغاز، حيث تغطي حوالي 36 في المائة من إجمالي الواردات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى