الجزائر

“المصدر” تستطلع شروط نجاح صناعة السيارات في الجزائر

تسعى الجزائر لإنجاح مشروع صناعة السيارات، من خلال تنظيم لقاءات ومنتديات دولية ومحلية لدراسة فرص الإستثمارية في المجال، ويرى مختصون أن إقامة صناعة حقيقية للسيارات في الجزائر مرتبط بحشد مختلف عناصر سلسلة القيم، وتوفير التحفيزات الإستثمارية.

وانعقد منتدى اقتصادي حول “آفاق تطوير صناعة السيارات في الجزائر”، بالتعاون مع الجمعية الإيطالية anfia لصناعة السيارات وبالشراكة مع مجـموعة ” ستيلانتيس”، وهذا بمشاركة حوالي مائة متعامل اقتصادي وممثل مؤسساتي جزائري وإيطالي.

ويندرج تنظيم هذا الملتقى في إطار تحرك الدبلوماسية الاقتصادية الجزائرية للترويج إلى تحسن وجاذبية مناخ الاستثمار في الجزائر خاصة بعد دخول قانون الاستثمار الجديد حيز التنفيذ شهر أكتوبر من العام المنقضي.

وأجرى وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني، علي عون، أمس الإثنين، لقاءات ثنائية مع مسؤولين إيطاليين تتعلق بمجال صناعة السيارات، المعدات، وقطع الغيار.

وفي إطار مشاركته في أشغال المنتدى الاقتصادي حول آفاق تطوير صناعة السيارات، أجرى عون، محادثات ثنائية مع نائب وزير الأعمال وعلامة “صنع في إيطاليا”، فالنتينو فالنتيني، وبحضور ممثلين عن شركة “ستلانتيس” لصناعة السيارات، والجمعية الإيطالية لصناعة السيارات “أنفيا” ووالي ولاية وهران، السعيد سعيود.

 وبحث الوزير مع الجانب الإيطالي، خلال هذه المحادثات، التعاون والشراكة الثنائية في المجال الاقتصادي والصناعي بين الجزائر وسبل تعزيزها، لاسيما في مجال المعدات وقطع غيار السيارات وتوطيــنها في الجزائر.

وكان قد شرع الوزير  في زيارة عمل لمدينة تورينو الإيطالية، للمشاركة في أشغال المنتدى الإقتصادي حول آفاق تطوير صناعة السيارات في الجزائر.

رئيس فدرالية الصناعة والخدمات لـ”المصدر”:

نجاح المشروع يتطلب عقد شراكات مع بلدان متطورة كإيطاليا

من جهته، قال رئيس فدرالية الصناعة والخدمات عبد الرزاق هبلة، إن نجاح مشروع صناعة السيارات بالجزائر، يتطلب عقد شراكات مع البلدان المتطورة كإيطاليا لنقل الخبرة والإستفادة من التكنولوجيا.

وأوضح ذات المتحدث، أن رفع العراقيل الإدارية وتسهيل الإجراءات من شأنه المساهمة في تأسيس أرضية مثلى للتصنيع الحقيقي للسيارات في الجزائر من أجل إشباع السوق والتوجه نحو التصدير إلى إفريقيا.

 وأضاف عبد الرزاق هبلة، أن التوجه العالمي اليوم نحو السيارات الكهربائية في رؤية 2035، وعليه يدعوا رئيس فدرالية الصناعة والخدمات إلى التركيز على قطاع المناولة من أجل مواكبة التطورات الحاصلة في العالم.

الرئيس السابق لغرفة التجارة والصناعة لولاية المدية لـ”المصدر”:

شعبة صناعة السيارات بحاجة إلى تطوير سلسلة القيم

في السياق ذاته، إعتبر المستشار في التنمية الاقتصادية والرئيس السابق لغرفة التجارة والصناعة لولاية المدية عبد الرحمان هادف، بأن تطوير شعبة صناعة السيارات بحاجة إلى التطوير الصناعي لكامل سلسلة القيم، بدءّ من الصناعات التحويلية للخامات، كتحويل خام الحديد إلى مواد معدنية تدخل في صناعة هيكل السيارات، و صولا إلى صناعة مختلف قطع الغيار، وهذا يتطلب تطوير شراكات مع مجمعات عالمية عملاقة مثل فيات الإيطالية.

كما تحدث المستشار في التنمية الإقتصادية، عن أهمية تطوير نسيج صناعي قوي يقوم على مؤسسات صناعية صغيرة ومتوسطة مؤهلة ومؤسسات ناشئة تدمج الجانب الإبداعي والإبتكاري، و أيضا وجود منظمات أرباب عمل تعنى بإحتضان هذه الشراكات وتطويرها، إضافة إلى بناء مقدرات ومؤهلات في جانب الموارد البشرية التي ستوكل لها مهمة تطوير الصناعات الميكانيكة الحديثة والمستقبلية.

أستاذ الإقتصاد بجامعة سطيف فارس هباش لـ”المصدر”:

تحفيز المستثمرين الصناعيين لولوج مجال السيارات

في الخصوص، أكد أستاذ الإقتصاد بجامعة سطيف، فارس هباش، أن السلطات الجزائرية تُعول من خلال تنظيم مثل هذه اللقاءات والمنتديات إلى تحفيز المستثمرين الصناعيين للولوج إلى الاستثمار الصناعي في مجال السيارات خاصة وأن هذا المجال يستقطب عشرات او مئات شركات المناولة، مضيفا بالقول، : “إذا ما علمنا أن تركيب سيارة واحدة يستدعي تجميع مابين 1500 إلى 2000 قطعة، في حين أن المحرك وحده يجمع أكثر من 800 قطعة، ومن ثم فهناك فرص استثمار هائلة سواءً لشركات المناولة المحلية أو الأجنبية، كما أن تنظيم مثل هذه المنتديات وبمشاركة الشركات المختصة وأصحاب الخبرة في هذا المجال من شأنه أن يعزز من آفاق الشراكة بين الشركات الايطالية والشركات الجزائرية والتي بفضل هذا النوع من الشراكات ان تطور من مستوى تنافسية منتجاتها من ناحية السعر والجودة خاصة في ظل الإلزامية التي تطلبها الشركات المصنعة بأن تتعامل مع شركات مناولة حاصلة على شهادات مطابقة الجودة لمنتجاتها او ما يُعرف بشهادة الأيزو.

وأوضح الخبير الإقتصادي، بإن مشروع صناعة السيارات في الجزائر تريد له السلطات الحكومية المختصة أن يبعث وفق قاعدة صلبة في إطار العلاقة الاقتصادية التشاركية وفق مبدأ ” رابح -رابح ” من خلال الاستفادة من نقل التكنولوجيا والخبرات ومضاعفة معدل الإندماج مع مرور السنوات وهذا للتأسيس إلى صناعة حقيقية بعيدا عن مخلفات التجربة السابقة التي عرفت استنزافا هائلة لأموال الخزينة العمومية من خلال مصانع وهمية لنفخ العجلات لم يستفد منها الطرف الجزائري من نقل للتكنولوجيا والمعارف بل بالعكس كانت الجزائر مجرد سوق لبعض علامات السيارات مع عدم استفادة الخزينة العمومية من التحصيلات الجمركية والجبائية نتيجة التسهيلات والتحفيزات التي تحصلت عليها هذه الشركات المصنعة.

وأشار فارس هباش، إلى أن النموذج الاقتصادي الجديد الذي تبنته الجزائر منذ تولي عبد المجيد تبون رئاسة الجمهورية قائم على أساس تنويع مصادر الدخل الوطني وتنويع الصادرات خارج المحروقات ومن ثم فالحكومة الجزائرية لا تريد التسرع في ملف صناعة السيارات من خلال محاولة تعظيم الاستفادة من أي شراكة محتملة وهذا في إطار نظرة استشرافية استراتيجية قائمة على أساس تحقيق معدل اندماج صناعي يفوق 60 % يمكن الجزائر مستقبلا من بداية تصنيع سيارات محلية من خلال الاستفادة من الخبرات والمعارف التكنولوجية جراء هذه الشركات مع شركات عالمية من جهة، وكذا استحواذ الجزائر على إمكانيات هائلة من المواد الاولية التي تدخل في صناعة السيارات مثل الحديد، البلاستيك، …الخ.

وأردف بالقول، إن المتتبع لحركية الساحة الاقتصادية في الجزائر في الأشهر الأخيرة يمكن ملاحظة مضي الجزائر في صناعة حقيقية وعلاقات تشاركية، وفق مبدأ ” رابح – رابح “، من خلال تنظيم عديد اللقاءات والصالونات مثل صالون المناولة المنعقد في الجزائر شهر نوفمبر من سنة 2022، ثم صالون المناولة المنعكسة المنعقد الأسبوع الماضي فقط، مشيدا بحركية الدبلوماسية الاقتصادية الجزائرية في عديد الدول.

وإعتبر أستاذ الإقتصاد بجامعة سطيف، أن هذه الحركية تُؤكد عزم السلطات الجزائرية إلى إقامة صناعة سيارات حقيقية تمكن الجزائر من تغطية احتياجات السوق المحلي في مرحلة أولى، ثم السعي أن تكون الجزائر بوابة لتصدير السيارات نحو إفريقيا في مرحلة ثانية خاصة كما أشرنا سابقا في ظل المقومات الكبيرة التي تملكها الجزائر في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى